Skip to main content
عادل السعيد مرشح للنيابة العامة المصرية رغم اتهامات الفساد
العربي الجديد ــ القاهرة
سيعين النائب العام عضواً بالمجلس الأعلى للقضاء(خالد دسوقي/فرانس برس)


في يونيو/حزيران الماضي، جلس القاضي المصري عادل السعيد، الذي سبق اتهامه في قضية فساد وانقضى الاتهام بالتصالح، على منصة منتدى مكافحة الفساد العربي الأفريقي الذي أقيم في شرم الشيخ، بصفته رئيساً لجهاز الكسب غير المشروع. اليوم بات السعيد، بحسب مصادر قضائية مطلعة، أحد المرشحين لتولي منصب النائب العام، في سبتمبر/أيلول المقبل، خلفاً للمستشار نبيل صادق. وينصّ الدستور المصري على أن يتولى النائب العام مسؤولية النيابة العامة لمدة 4 سنوات لمرة واحدة طوال عمله، ما يعني أن صادق، البالغ من العمر 65 عاماً، سيغادر منصبه عائداً إلى منصة محكمة النقض، أو كمسؤول في وظيفة حكومية أخرى، بعد 4 سنوات من اختياره لهذا المنصب خلفاً للنائب العام الراحل هشام بركات الذي اغتيل في 29 يونيو 2013.

وقالت المصادر القضائية، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك شخصيات قريبة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ترى أن الوقت بات مناسباً ليتولى عادل السعيد النيابة العامة بعد ترشيحه مرات عدة، فهو أعلم بشؤون النيابة من قضاة آخرين في دائرة الترشيح، مثل المستشار محمد شيرين فهمي، القاضي الذي توفي (الرئيس المعزول محمد) مرسي أمامه. فضلاً عن أن تعيين فهمي، بعد كل اللغط الذي أثير حول وفاة مرسي ومدى إمكانية إنقاذ حياته وتأخر وصول الأمن وسوء معاملته من قبل فهمي نفسه أثناء كلماته الأخيرة، قد تكون كلها أسباباً للهجوم على قرار اختياره من دوائر غريبة". وأضافت المصادر أن عادل السعيد أُبلغ أنه من الشخصيات التي يفحصها السيسي ودائرته حالياً على المستوى الرقابي والاستخباراتي، وأنه بدأ بالفعل إغلاق العديد من الملفات التي كانت متداولة أمامه في جهاز الكسب غير المشروع تحسباً لمغادرته الشهر المقبل.

عادل السعيد، المرشح بقوة لمنصب النائب العام، تولى سابقاً منصب النائب العام المساعد في ولاية 3 نواب عموم، هم المستشار عبد المجيد محمود في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك والمجلس العسكري، ثم المستشار طلعت عبدالله في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، قبل أن يقال، ثم عاد مع المستشار هشام بركات حتى اغتياله. وعقب الاغتيال، كان السعيد أيضاً من المرشحين بقوة لتولي منصب النائب العام، لكن السيسي فضّل في ذلك الوقت نبيل صادق لتولي المنصب لأسباب متعددة. ولدى مغادرة عادل السعيد النيابة، تم تعيينه مساعداً لوزير العدل الأسبق محفوظ صابر للشؤون الإدارية، ثم انتدبه وزير العدل السابق أحمد الزند لرئاسة الكسب غير المشروع، ومنذ ذلك الحين حافظ السعيد على منصبه، لتعكس تنقلاته وتدرجاته أبرز ما يتسم به، وتجعله اليوم مرشحاً قوياً للنيابة العامة، بالإضافة إلى علاقته الوطيدة بالشخصيات القضائية والسياسية البارزة، وكذلك الأجهزة المختلفة من الشرطة إلى الجيش والمخابرات.


وشارك السعيد في إعداد العديد من مشاريع القوانين التي ساهمت في توطيد التنسيق بين القضاء والأجهزة الأمنية والسيادية في مصر، على رأسها قانون مكافحة الفساد وغسيل الأموال، والذي تمخّض عنه تشكيل وحدة عابرة للأجهزة، كان من المنتظر أن يكون هو رئيسها، لكن السيسي أسند رئاستها إلى شقيقه نائب رئيس محكمة النقض المستشار أحمد السيسي. كما ساهم السعيد في وضع تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، التي لم تر النور على الرغم من انتهائها منذ عامين، وتعديلات قانون محكمة النقض التي تثير شبهات واسعة حول عدالة النظام القضائي المصري الحالي، نظراً لانتقاصها من فرص الطعن وإعادة المحاكمة.

لكن أكثر ما يلفت النظر في سيرة السعيد هو انغماسه مع النائب العام الأسبق عبد المجيد محمود، مديراً لمكتبه الفني ومساعداً له، في العديد من المخالفات والشبهات المسلكية والإجرائية؛ إذ تشارك الاثنان في حفظ وإغلاق وتأخير التحقيق في العديد من ملفات الفساد، منذ منتصف العقد الماضي، وأشرفا على التحريك المتعجل والقاصر لقضايا عدة ضد رموز نظام مبارك، بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ما أدى إلى إفسادها وخروج الأحكام فيها بالبراءة على الرغم من الشبهات الأكيدة بارتكاب الجرائم. كما تشارك الاثنان في التعتيم على بلاغات متعددة قُدّمت في الفترة التالية للثورة للتستر على شخصيات وجهات بعينها، ولعل من أبرزها البلاغات الخاصة بقضية قطع الاتصالات في فترة الثورة التي كان قد قدمها محامو الشبكة العربية لحقوق الإنسان، وأحالها السعيد بنفسه إلى القضاء العسكري ليتم تجميدها إلى الأبد، وكذلك بلاغات فساد قطاعي الاتصالات والبترول. واعترف كلاهما باستغلال النفوذ والحصول على كسب غير مشروع في صورة هدايا من مؤسسة "أخبار اليوم"، في القضية المعروفة إعلامياً بقضية "هدايا المؤسسات الصحافية". وبلغ ما أمكن حصره من هدايا لكليهما 64 ألف جنيه (3800 دولار أميركي) في صورة أشياء عينية، وسددا قيمة الهدايا التي حصلا عليها مقابل عدم تعرضهما للحبس، علماً أن هذه القضية كانت تضم مبارك وأفراد عائلته، ورئيس مجلس الشعب الأسبق فتحي سرور، ورئيس مجلس الشورى الأسبق صفوت الشريف، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، والرئيس الأسبق لديوان رئاسة الجمهورية زكريا عزمي، وعدداً من رموز النظام السابق.

واستمر احتكاك السعيد قائماً برموز الفساد في عصر مبارك حتى بعد توليه رئاسة جهاز الكسب غير المشروع في عهد السيسي، إذ أشرف بنفسه على إجراء التسوية مع رجل الأعمال المتوفى قبل أيام، حسين سالم، بتنازله هو وابنه خالد وابنته ماجدة عن 21 من أصوله العقارية للدولة، بقيمة 5 مليارات و341 مليوناً و850 ألفاً و50 جنيهاً، والتي تمثل 75 في المائة من إجمالي ثروته المعلنة داخل مصر وخارجها، والمقدرة قيمتها بمبلغ 7 مليارات و122 مليوناً و466 ألفاً و733 جنيهاً مصرياً، مقابل تمكينه من الحصول على مبلغ 147 مليون دولار من سويسرا، التي قررت رفع التحفظ عن هذا المبلغ بعد مخاطبة النائب العام المصري لنظيره السويسري وإبلاغه بالتصالح مع الدولة وسداد ما عليه من مستحقات، علماً أنه كان سابقاً ينفي أن يكون ممتلكاً لأي أصول في مصر. هذه التسوية يرى كثير من المراقبين والمصادر الذين عملوا في حصر ثروات سالم بعد ثورة يناير، أنها "مجحفة بحق مصر، ولم تشمل ممتلكات كثيرة لم يتم الإفصاح عنها". ووفقاً للنص الدستوري الجديد، الذي وضع في إبريل/نيسان الماضي، فإن السيسي سيختار النائب العام من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، من بين نواب رئيس محكمة النقض والرؤساء بمحاكم الاستئناف والنواب العامين المساعدين، وذلك لمدة أربع سنوات. وسيتم تعيين هذا النائب، بحكم منصبه، عضواً بالمجلس الأعلى للقضاء الذي يرأسه رئيس محكمة النقض، والمجلس الأعلى للهيئات القضائية الذي يرأسه السيسي.