عادات العيد حاضرة منزلياً في الجزائر

عادات العيد حاضرة منزلياً في الجزائر

25 مايو 2020
التزم الأطفال منازلهم في هذا العيد (العربي الجديد)
+ الخط -
تسبب كورونا والإجراءات المصاحبة، في منع الجزائريين من الاحتفال بعيد الفطر كما عهدوا، لكنّ بعض العادات حضرت من داخل المنزل

تحافظ العائلات الجزائرية خلال أيام عيد الفطر على عادة ربط الحنّاء بالأطفال الصغار، تعبيراً عن انتهاء رمضان وحلول العيد. هذه العادة وغيرها استمرت بالرغم من الظروف الاستثنائية هذا العام، من عزلة صنعتها أيام الحجر المنزلي، وهي عادات تشدد على الفرح، وتصبو إليه.

في الليلة الأخيرة من شهر رمضان، وغالباً ما تكون ليلة تحرّي هلال شهر شوال، والليلة السابقة على أول أيام عيد الفطر، تتزين أيادي الأطفال في الجزائر بالحنّاء، وتسهر النساء في إعدادها، قبل ترقب إعلان خبر العيد. تتولى النساء في المنازل في العادة تجهيز ملابس العيد وتحميم الأطفال بالماء والصابون، ثم بعد ذلك ربط الحنّاء في اليدين بالنسبة للذكور، واليدين والرجلين بالنسبة للإناث، وذلك قبل موعد النوم. هي عادة ترى فيها السيدة سليمة بن عبد الرحمن إيذاناً بحلول يوم العيد السعيد، وتعبيراً عن الفرحة التي يصنعها غالباً الأطفال الصغار في هذه الأيام.



من المظاهر الجميلة عشية العيد، عدا عن اقتناء الحنّاء، شراء الملابس الجديدة للأطفال، بالإضافة إلى الألعاب، والحلويات. لكنّ عيد هذا العام في الجزائر، وغيرها من الدول الإسلامية، حلّ في ظروف صحية صعبة وخطيرة، مع إجراءات وقاية مكثفة اعتمدتها الحكومة، وذلك بسبب انتشار وباء كورونا. بالرغم من ذلك، فإنّ الأطفال لهم عاداتهم الخاصة جداً والتي لا غنى عنها قبل العيد، إذ يصنعون من تلك العادات فرحتهم الخاصة بترديد الأغاني بمناسبة الفطر. ومن بين الأغاني الأكثر شعبية بينهم عشية العيد: "غدوا العيد يا بوزيد... التحفيفة والقش جديد" وهو ما يعني: "غداً العيد يا أبا زيد، وسنحظى فيه بحلاقة شعر وملابس جديدة".

عادات أخرى لم تتخلَّ عنها العائلات الجزائرية، أهمها تنظيف البيوت وتزيينها بأفرشة جديدة، أو تلك الأفرشة المحتفظ بها لمناسبات خاصة جداً، لا سيما أيام الأفراح، فضلاً عن ترتيب ديكورات غرف الضيوف، وإعداد مائدة القهوة ليلة العيد. كذلك، تعدّ النساء حلويات العيد المصنوعة من طحين القمح والسكر والعسل، باعتبارها حلويات الفرح التي تحمل مذاقاً فائق الحلاوة. تنظيف البيوت عادة أخرى لم تتخلَّ عنها أسر جزائرية كثيرة أيضاً، باعتبارها فألاً سعيداً، وإيذاناً بفرحة انتهاء الصيام والقيام في شهر رمضان، وإدخال الفرحة والسرور على الأطفال في العيد.

بالإضافة إلى العادات التي تشمل الجميع، سواء من الكبار أو الصغار في عيد الفطر، تحرص الأسر الجزائرية على تكريم الأطفال الذين صاموا للمرة الأولى، وذلك بتقديم هدايا خاصة لهم بالذات دون غيرهم، في اليوم الأول من أيام عيد الفطر السعيد، وذلك تحفيزاً لهم على الصوم في الأعوام التالية، وتشجيعاً على قراءة القرآن وحفظ سوره، علاوة على تهنئتهم على الصبر الذي اختبروه خلال أيام شهر رمضان، مع حثهم على المواظبة على الصلاة والتلاوة في الأيام العادية. هذا التكريم "رمزي" بحسب ما يقول عبد السلام موهوب لـ"العربي الجديد" لكنّه "ترسيخ لالتزام الأطفال بتعاليم الإسلام، طوال أيام السنة، لا سيما تلك التعاليم المرتبطة بأداء الصلاة في أوقاتها وقراءة القرآن وحفظه".

كثيرون في الجزائر ما زالوا متمسكين بعادة تكريم ربّات البيوت من الأمهات والزوجات والأخوات والبنات، لصبرهن خلال أيام رمضان في إعداد الأطباق الشهية، وذلك بتقديم هدايا رمزية لهن. هي عادة باتت آيلة للزوال في كثير من المدن الجزائرية لكنّ البعض يتشبثون بها، خصوصاً في العائلات كثيرة الأفراد، وذلك في تشجيع منها للبنات على الحرص على البيت وتعليمهن منذ الصغر كيفية القيام بالواجبات الأسرية. وتسهم هذه العادات في تحفيز البنات على ضرورة الاهتمام بالبيت، أما الهدية فغالباً ما تكون قارورة عطر أو أدوات زينة أو قطعة ذهب، أو قطعة قماش، فالمهم في النهاية هو اعتراف الرجال بقيمة المرأة في البيت في هذا الشهر الفضيل و إكرامها تكريماً طيباً، بالرغم من انتقاد البعض هذه العادة لما فيها من توجيه مجتمعي للمرأة، وحصر لها في إطار العمل المنزلي.



هذه العادات الجزائرية تحضر عشية العيد وفيه، لكنّ مظاهر البهجة المعتادة يغيب كثير منها هذا العام بسبب كورونا وقرارات الحكومة بتطبيق الإغلاق والحجر المنزلي ومنع الخروج من المنزل بعد الواحدة ظهراً ومنع التنقل، وتجميد حركة المرور. وهكذا، يكتفي الأطفال بعاداتهم المنزلية من دون التمكن من زيارة الملاهي وقاعات الألعاب ومحال الحلويات، بل حتى الأقارب.