ظهر الثورة المكشوف

ظهر الثورة المكشوف

28 ديسمبر 2016
+ الخط -
هل نبالغ إذا قلنا إنّ "القاعدة" لم تدخل بلاداً إلا وأشاعت فيها الفوضى؟
دخلت العراق بعد الغزو الأميركي، فكانت من العوامل التي فجرت فيه صراعاً طائفياً طاحناً، وكانت سبباً رئيسياً في تحطيم المقاومة العراقية التي عجز الجيش الأميركي عن مواجهتها.
دفعت أول الأمر باتجاه حرف بوصلة الصراع، من معركة بين مقاومة وطنية ومحتل أجنبي إلى حربٍ طائفية بين السنة والشيعة، ودفعت قوىً أخرى، كنظام الولي الفقيه ومليشياتها المذهبية في هذا الاتجاه، ما أدى إلى تمزيق العراق، شعباً ووطناً، ثم توّجت القاعدة أعمالها باستدارتها على قوى المقاومة العراقية وتدميرها بحجة "توحيد الصفوف".
تكرّر السيناريو نفسه في سورية، وانجرف خلفه بعض الشباب المتحمّس ممن انخدعوا بشعارات نصرة الشعب السوري، ولم يتعلموا من تجربة العراق المريرة. دخلت القاعدة أوّل الأمر بحجة "نصرة" الشعب السوري المظلوم، ودفعت، مغ غيرها من القوى الداخلية والخارجية، باتجاه حرف بوصلة الصراع الحراك الشعبي، من ثورة وطنية ضد الظلم والاستبداد إلى صراع طائفي، يستبدل استبداداً بآخر، ثم لم يطل الحال بها حتى بدأت بتصفية قوى الثورة والمعارضة، الواحدة تلو الآخرى، وما زالت تسعى إلى ابتلاع ما تبقى منها بذريعة "توحيد الصفوف"، لتكمل بذلك مسيرة اختطاف الثورة تحت ظلّ علمها الأسود.
ذلك العَلَم الذي يحمله "داعش" أيضاً، والتي خرجت من رحم القاعدة، وكانت بمثابة الكارثة التي حلت على سورية والعراق، وحلّ ضررها الأكبر بأهل السنة الذين لم يتهدّد وجودهم الديمغرافي في البلدين، كما تهدّد بوجود "داعش" الذي تسبّب في إطار صراعها مع القوى الطائفية الشيعية، بمقتل وتهجير ونزوح الملايين من أهل السنة، ليتركوا أرضهم ووطنهم التاريخي نهباً لكل من هبّ ودبّ.
ربما لا نجافي الصواب، إن قلنا إنّ انكشاف ظهر الثورة السورية لفكر "السلفية الجهادية"، بما تحمله من عقائد الحاكمية والولاء والبراء، قد شكّل أحد أكبر الثغرات التي تسلّلت منها هذه المنظمات إلى جسد الثورة، وهدّدت وجودها واستمرارها، ما يفرض على قوى الثورة أن تبذل جهوداً مضاعفة لرفع مناعة الثورة وتحصينها أمام هذا الاختراق، بنشر ثقافة الوعي المدني والفكر الوطني والفهم الوسطي للإسلام، بعيداً عن أفكار الغلو والتطرّف والتكفير.
ختاماً، قد لا نبالغ إن قلنا إن "داعش" كانت أقوى خنجر غُرِسَ في ظهر الثورة السورية، وقد توالت الخناجر على ظهر هذه الثورة، تحت مسميات مختلفة، ولم تتوقف، وما زال ظهر الثورة مكشوفاً ينتظر من يحميه.
687776C5-C080-4892-BC1B-A087B3A1EABD
687776C5-C080-4892-BC1B-A087B3A1EABD
نور الدين الرفاعي (العراق)
نور الدين الرفاعي (العراق)