ظريف عن الاتفاق النووي: تقليص لا انسحاب

ظريف: تقليص لا انسحاب من الاتفاق النووي وترامب عاقبني لرفضي لقاءه

05 اغسطس 2019
ظريف: لن أترشح للانتخابات الرئاسية (كازوهيرو نوغي/فرانس برس)
+ الخط -
أكّد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أن بلاده لن تنسحب من الاتفاق النووي، غير أنه لفت في المقابل إلى استمرار طهران بتقليص تعهداتها النووية ما لم تف بقية الأطراف بالتزاماتها، مشدّداً في الوقت نفسه على رفض التفاوض مع واشنطن في ظل سياستها الراهنة.

واختار ظريف، اليوم الإثنين الذي يصادف في التقويم الإيراني "اليوم الوطني للمراسل"، لعقد مؤتمر صحافي مطول، تكريماً للمراسلين والصحافيين، ورداً على أسئلتهم الغزيرة في ظل الظروف الحساسة التي تواجهها إيران على ضوء التوترات المتصاعدة في المنطقة.

وظريف الذي فرضت الإدارة الأميركية عقوبات عليه، الخميس الماضي، ظهر في المؤتمر الصحافي بلغة ثورية نارية، أكثر من الدبلوماسية التي لطالما سعى خلال سنوات عمله أن لا تخرج عن سياقها، في مؤشر على أنه فقد أمله بالدبلوماسية لحل التوترات المتصاعدة مع واشنطن.

وتأكيداً على ذلك، قال إن فرض العقوبات عليه "يعني فشل التفاوض والدبلوماسية" وأن الإدارة الأميركية ترفض الحوار، مضيفا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض عقوبات على المرشد الإيراني علي خامنئي قبل فرض العقوبات ضدي، "وهذا يعني أنهم يرفضون التفاوض".

وأكد أن "السياسة الخارجية الإيرانية تقررها القيادة الإيرانية وأنا جزء منها".

وفي معرض رده على سؤال، ما إذا كان قد تلقى دعوة لزيارة البيت الأبيض واللقاء مع ترامب، أكد ظريف ذلك بالقول "قيل لي بعد أسبوعين ستفرض عليك عقوبات إن لم تقبل بالعرض فرفضت ذلك".

وصبّ ظريف جام غضبه على الولايات المتحدة الأميركية ليقول إنها "أصبحت معزولة ووحيدة في العالم"، مضيفاً أنها "لا تستطيع أن تشكل أي تحالف وحتى حلفاؤها يخجلون من المشاركة في أي تحالف تريد إنشاءه لسبب مخالفتها للقوانين الدولية"، وذلك على ما يبدو في إشارة إلى رفض دول أوروبية المشاركة في تحالفات بحرية عسكرية في المنطقة.

"التفاوض بأيدينا"

وزاد ظريف العيار، وأكد أن واشنطن "فشلت في جميع حروب خاضتها على مدى العقود السبعة الماضية، باستثناء غرينادا"، مشيراً إلى أنها فشلت أيضاً في العراق وسورية وأفغانستان وطردت من هذه الدول.

وخاطب ظريف الإدارة الأميركية بالقول إن "عصر الغطرسة قد ولّى"، متهماً إياها بـ"تقديس العنف والعنجهية في العالم".

وأضاف أن "الأميركيين أهل الحظر والمقاطعة والعقوبات وهم فاشلون في التفاوض والدبلوماسية"، مشيراً إلى أن بلاده "لم ولن تكون إلى جانب القوى العظمى وإنما إلى جانب الشعوب".

واعتبر ظريف حديث ترامب وإدارته عن التفاوض بأنه "مجرد ادعاء وكذبة كبرى"، متسائلاً "مع من سيتفاوضون وهم يفرضون عقوبات على القائد ووزير الخارجية" الإيرانيين.

ومضى قائلاً إن "موضوع التفاوض بيدنا اليوم وليس بيد الإدارة الأميركية"، ليؤكد أن بلاده "لن تقبل أبداً بأي تفاوض قبل أن توقف أميركا إرهابها الاقتصادي" ضد إيران.

وأضاف ظريف أن "الفريق باء يريد أن يجر الولايات المتحدة إلى الحرب، بينما ترامب في تصريحاته يقول إنه لا يرغب في الحرب"، داعياً دولا في منطقة إلى "الانفصال عن هذا الفريق"، وذلك في إشارة إلى السعودية والإمارات.

ويقصد ظريف بالمجموعة "باء" كلاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون.

وشدد ظريف على أن إيران "لم ولن تشتري أمنها من الخارج وأن أمننا ليس قابلاً للبيع والشراء وهو يعتمد على شعبنا".

إيران لم تخرق الاتفاق

وفي ما يتعلق بتطورات الاتفاق النووي، جدّد ظريف التأكيد على مواقف بلاده، داعياً الدول الأوروبية إلى تنفيذ تعهداتها الاقتصادية، معتبراً قناة "إنستكس" التي دشنتها هذه الدول خلال الشهر الماضي أنها "ليست إلا مقدمة للتعهدات الأوروبية الـ11".

وأكد ظريف أن إيران "لم تخرق الاتفاق النووي بتقليص تعهدات نووية"، قائلاً إن هذه الخطوات جاءت بعد عدم التزام بقية الأطراف بتعهداتها.

وهدد ظريف باتخاذ طهران المزيد من الخطوات لتقليص تعهداتها النووية "ما لم تف أطراف الاتفاق بالتزاماتها"، لكنّه أشار في الوقت نفسه أنه في حال عادت هذه الأطراف إلى تنفيذ تعهداتها فإن إيران ستعود إلى تنفيذ كامل تعهداتها".

وأشار ظريف إلى أن المرحلة الثالثة لتقليص التعهدات "لن تكون آخر مرحلة ولا تعني الانسحاب من الاتفاق النووي".

وتهدد إيران أنها ستنفذ تقليص تعهداتها النووية في السابع من سبتمبر/أيلول المقبل ما لم تلب مطالبها الاقتصادية في المجالين النفطي والمصرفي.

وأكد ظريف أن إيران لا تريد الانسحاب من الاتفاق النووي، وأن خطواتها تندرج في إطاره.

وحول أزمة الناقلات، جدد ظريف وصف احتجاز بريطانيا الناقلة الإيرانية في الرابع من الشهر الماضي في مياه جبل طارق بأنه "قرصنة"، معتبراً أن الخطوة "مسايرة بريطانية للإرهاب الاقتصادي الأميركي".

واتهم ظريف لندن بأنها أصبحت "شريكة في الإرهاب الاقتصادي الأميركي" ضد إيران، قائلاً إن "على بريطانيا أن تعلم أن لهذه السياسة تبعات وعواقب".

وفي الوقت نفسه، اعتبر ظريف توقيف الحرس الثوري الإيراني الناقلة البريطانية في مضيق هرمز في التاسع عشر من الشهر الماضي بأنه "إجراء قانوني لخرقها قوانين الملاحة الدولية وليس انتقاماً".

وأكد أن بلاده "لن تصمت من الآن على أي انتهاك لقوانين الملاحة" في المنطقة، وأنها "سترد على أي اعتداء".

"أبوابنا مفتوحة للسعودية والإمارات"

وحول العلاقات الإيرانية مع كل من السعودية والإمارات، عبر وزير الخارجية الإيراني، عن استعداد بلاده للحوار مع هذه الدول، قائلا إن "أبوابنا مفتوحة للسعودية والإمارات وفي أي وقت يريدون نحن مستعدون للحوار".

وفي معرض رده على سؤال عما إذا كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد بعث برسالة لتحسين العلاقات مع إيران، قال ظريف "أستبعد أن تكون هناك رسالة سرية من السعودية، لكن جرت لقاءات بين مسؤولي البعثة الإيرانية للحج مع المسؤولين السعوديين".

وأعرب ظريف عن أمله "في أن يؤدي هذا الهدوء إلى نتائج أكبر من موضوع الحج".

وقال ظريف إن بلاده اقترحت على دول المنطقة تأسيس منتدى للحوار الإقليمي والتوقيع على اتفاقية عدم الاعتداء، داعياً السعودية والإمارات إلى "تجنب الانضمام إلى تحالفات عدوانية".

وفي الوقت نفسه، دعا وزير الخارجية الإيراني هذه الدول إلى الابتعاد عن إسرائيل، قائلاً إن "الكيان الصهيوني لا يستطيع الدفاع عن نفسه أمام المقاومة، بالتالي لن يفعل لكم شيئاً".

كما اتّهم ظريف السعودية بـ"دعم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بـ7 مليارات دولار"، ضد إيران ودول أخرى في المنطقة، معتبراً أن "صدام هاجم الكويت بأموال وأسلحة سعودية".

وأضاف أن إيران كانت قد اقترحت في العام 1985 على مجلس التعاون الخليجي إجراء الحوار، "لكن المجلس دعم صدام ضد إيران".

وانتقد وزير الخارجية الإيراني، ضغوط دول في مجلس التعاون الخليجي على دولة قطر، داعيا المجلس إلى "الوحدة والتكاتف".

ظريف يرفض الرئاسة

وفضلاً عن حديثه بإسهاب عن القضايا الخارجية المرتبطة بالسياسة الخارجية الإيرانية فحسب، أكد ظريف تعليقاً على سؤال عما إن كان يترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2021، "لن أترشح لهذه الانتخابات"، مضيفاً أنه بعد انتهاء مهامه "إما أكون في البيت أو الجامعة".