ظروف احتجاز الفئات الهشة في تونس: اعتداءات ومسّ بالكرامة

ظروف إيواء احتجاز الفئات الهشة في تونس: اعتداءات ومسّ بالكرامة

18 يونيو 2019
الفئات الهشة بتونس بحاجة إلى مزيد من العناية (Getty)
+ الخط -
سلّطت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب في تونس، الأضواء على ظروف احتجاز وإيواء الأشخاص في وضعية هشّة، من خلال تقرير عرضته أمام لجنة الحقوق والحريات في البرلمان، مشددة على أنها رصدت مسّا بـالكرامة البشرية وإخلالا بالقواعد الدولية والالتزامات الوطنية.

وكشفت الهيئة في تقرير عرضته على البرلمان، وقدّمته في ندوة صحافية أمس الإثنين، أنّ ظروف احتجاز وإيواء الفئات ذات الوضعيات الهشة في تونس لا تستجيب للمعايير الدولية ولا تحفظ الكرامة البشرية.

وأكد رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، فتحي جراية، لـ"العربي الجديد" أنّ الاعتداءات الجسدية والمعنوية مازالت متواصلة رغم الترسانة التشريعية والعمل الرقابي، مشيرا إلى أن الانتهاكات المرصودة تمت ضد المشتبه بهم أو الموقوفين عادة ما ترتكب خلال الـ48 ساعة الأولى من الإيقاف أو الاحتفاظ.

وأضاف أن غالبية التجاوزات يتم الإبلاغ عنها إما من قبل محامي المتضرر أو مباشرة من قبل المُعتدَى عليه، مبينا أن فُرقا من الهيئة تنتقل للمعاينة في حال إبلاغها.

وأكد جراية أن الهيئة وقفت على الكثير من التجاوزات في ظروف احتجاز وإيواء الفئات الهشة لا تستجيب إلى المعايير الدولية ولا تحفظ الكرامة البشرية للموقوفين.

وأضاف بأن الزيارات المفاجئة التي تقوم بها فرق الهيئة كشفت إشكالات تتعلق أساسا بالبنية الأساسية لمراكز الاحتجاز، مشددا على ضرورة الاهتمام بتكوين المحتجزين والموقوفين بما يساعدهم على الاندماج مجددا في المجتمع.

وأظهر تقرير الهيئة، وجود فجوة كبيرة بين الواقع والمعايير الدولية فيما يتعلق بظروف احتجاز وإيواء الفئات الضعيفة، والمتمثلة بالخصوص في المسنين والأطفال والنساء والمعوقين وذوي الاضطرابات النفسية والعقلية والمهاجرين والأطفال الأجانب والمهاجرين ومجتمع م.ع (المثليات والمثليون ومزدوجو الميولات الجنسية والعابرون جنسيا)، حسب التقرير.

ومن جهتها، كشفت رئيسة لجنة المرأة والطفولة والأشخاص ذوي الإعاقة والفئات في وضعية هشة، سيدة مبارك، أنه تم تسجيل عدة نقائص داخل مراكز الاحتجاز تتعلق بهذه الفئات على مستوى الفضاءات المعدة لاحتجازهم والنصوص التشريعية الحامية لحقوقهم، إضافة إلى عدم توفير التكوين الملائم للمشرفين على احتجازهم حول كيفية التعامل معهم ومراعاة احتياجاتهم الخصوصية.

وأكدت مبارك أن مواصفات فضاءات مراكز الاحتجاز لا تراعي الاحتياجات الخصوصية لذوي الإعاقة، مشيرة في هذا الصدد إلى أن وزارة العدل تفاعلت ايجابيا مع هذا الوضع إذ تعهدت الإدارة العامة للسجون والإصلاح بأخذ هذه الفئة بعين الاعتبار في التوسعات الجديدة للسجون.

ولفتت إلى وجود عدة ثغرات تشريعية يجب العمل على تجاوزها، من ذلك إلغاء البند 230 المتعلق بالفحص الشرجي لمجتمع م.ع، وتفعيل النص المتعلق بمندوب الحرية المحروسة الذي وقع التنصيص عليه بمجلة حماية الطفل ولم يتم تفعيله منذ أكثر من 20 سنة، إضافة إلى تنقيح مفهوم التعذيب الوارد بالنصوص القانونية التونسية باعتباره غير مطابق للمفهوم الوارد بالنصوص الدولية.

وأبرزت أنه داخل مراكز الاحتجاز لا تتم الاستجابة إلى الحاجيات الخصوصية للمرأة المتعلقة بالجوانب الصحية والرعاية النفسية والاجتماعية والاقتصادية والمتابعة والإدماج والتأهيل والتثقيف والتكوين.

وأشارت إلى أن هذا التقرير توصل أيضا إلى وجود عدة إشكاليات تتعلق بالتنسيق بين مختلف المتدخلين في مجال الإحاطة بالفئات الهشة لدى احتجازهم، إضافة إلى غياب المعطيات والأرقام الحقيقية المتعلقة بهذه الفئة.


والتقرير هو خلاصة عمل ثماني ورشات تفكير ونقاش نظمتها لجنة المرأة والطفولة والأشخاص ذوي الإعاقة والفئات في وضعية هشة التابعة للهيئة خلال الفترة من 20 ديسمبر/كانون الأول 2017 إلى 19 إبريل/نيسان 2019 بمشاركة جميع الوزارات المعنية والمجتمع المدني المحلي والدولي وعدد من الخبراء الأمميين والدوليين. بحسب ما ذكر رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، فتحي جراية، خلال تقديمه له.