ظاهرة "غنغايم ستايل"
سوى تعبيرها عن لحظة "عولمة"، نادرة، ماذا يعني انتشار "غنغايم ستايل"؟
يعني أن ثقافة الصورة هي ثقافة عصرنا الراهن. ثقافة الماركات المسجلة. أو التي تتحوَّل إلى ماركات مسجلة، أيقونات طائرة عابرة للحدود والثقافات. بفضل عداد يوتيوب، الذي حطمته أغنية كورية شمالية، متواضعة المحتوى، وأجبرته على إعادة ترتيب نفسه، ليتسع لمواد مصورة، تتجاوز قدرته الحالية على العرض، عرفنا كم مرة شوهدت هذه الأغنية المصورة، أين، في أية ثقافات، الفئات العمرية إلخ.. هذا الاكتساح في المشاهدة، الذي لا سابق له، ولا مثيل، يعني أن الصورة هي التي شوهدت. الحركة. وأخيراً الموسيقى. لو أن الأغنية بثت في الراديو، ولم تكن مصوّرة، هل كانت ستحقق هذا النجاح القياسي في الاستماع؟ لا أظن. صحيح أن الموسيقى لغة عالمية، وقادرة، بحد ذاتها، على الوصول إلى بشر مختلفي الجنسيات واللغات، وهذا ما كانت تقوم به الأسطوانات الموسيقية، حتى مجيء الفيديو كليب الذي قلب المقاييس، وأعطى الصورة الصدارة على الكلمة واللحن والصوت. نحن لا نتذكر صوت المغني الكوري ساي، ولكننا نتذكر حركته، أي صورته، ونقلدها. نحن لا نعرف لغته (نفترض ذلك)، لكننا نتحرك مثله. نحن لا نعرف ماذا تود كلمات أغنيته أن تقول، لكنها تصل إلينا من خلال الحركة – الصورة.
هناك دراسة تقول إن ثمانين في المئة من التواصل بين البشر يقوم على لغة الجسد وليس لغة اللسان. فعندما يعجز اللسان عن التعبير، حتى في لغتنا وبين قومنا، نعمد الى لغة الجسد كي نحدد القصد. اليدان، العينان، الكتفان، الرأس. كانت هذه الأعضاء لساننا قبل أن ينطق لساننا. وحتى بعدما نطق ظلت لغة الجسد.. توصل حركة تعني شيئاً. أو تعين اللسان على وضع النقاط على الأحرف.
موقع اجتماعي اميركي مثل يوتيوب هو الذي جعل من المغني الكوري الجنوبي ساي ظاهرة عالمية، قبل أن يعرف القائمون عليه أن هذا المغني هو من المعادين للوجود الأميركي في كوريا الجنوبية، ومن الذين تظاهروا ضد الحرب الأميركية على العراق، ودعا في إحدى أغنياته الى معاملة الغزاة بشريعة موسى: العين بالعين والسن بالسن. لكنَّ هذا عندما كان ساي مجرد مغن كوري مغمور أصدر ستة ألبومات غنائية لم تحظ بالشهرة، حتى اهتدائه إلى رقصة الحصان.. فاعتذر بعدها للأميركيين قائلاً: إنه كان ضد سياسة بوش، ولم يكن ضد الأميركيين، وسحبَ أغنيته التي تدعو إلى قتل "اليانكيز".. (أو سُحبت من الموقع).