طواحين ونواعير.. تعوّض نقص موارد الطاقة في سورية

06 اغسطس 2015
يعاني السوريون جراء انقطاع الكهرباء (عمر القالوتي/Getty)
+ الخط -

تفتقرُ بيوت معظم السوريين اليوم إلى موارد الطاقة. وتبلغ الحاجة أشدها في المناطق المحاصرة كالغوطة الشرقية التي لجأت إلى الابتكار، بعدما وجد أهلها أنفسهم مضطرين للاستعانة بعدد من الوسائل البديلة بهدف تأمين الطاقة اللازمة للتدفئة والإنارة وتشغيل المحرّكات.

وبعد التجربة، أثبت السوريون فعالية هذه الوسائل وخصوصاً أنها تلبي احتياجاتهم. ويشير محمد حسن، وهو مهندس طاقة، لـ "العربي الجديد"، إلى أن السوريين اعتمدوا على الاستفادة من الطاقة المتجددة، كالطاقة الشمسية وحركة المياه والرياح، ونجحوا أحياناً في توليد طاقة بديلة من خلال تفاعلات كيميائية أو حيوية. ويلفت إلى أن العالم يستخدم هذه الوسائل ضمن مجالات معينة، ومن خلال تقنيات عالية. إلا أن السوريين أبدعوا في استعمالها مستخدمين أدوات بسيطة جداً.
ويشجع حسن على تطوير هذه الوسائل، متوقعاً أن تستمر أزمة توفر موارد الطاقة في بيوت السوريين في ظل استمرار الحرب، وحتى بعد انتهائها بسنوات. ويشدد على أن هذه التجارب ما زالت تحتاج إلى رعاية، وتمويل بسيط لتخرج من إطار التجارب الفردية وتتحول إلى مشاريع محليّة صغيرة، بهدف توليد الطاقة.

طاقة كهربائية

استعان المهندس الميكانيكي إبراهيم عزت بصفائح معدنية وبعض الأسلاك، لبناء طاحونتي هواء في غوطة دمشق، وذلك بهدف توليد الطاقة الكهربائية الغائبة عن الغوطة منذ بدء الحصار. يقول إن الأمر استغرق شهراً كاملاً من التجارب لاختيار قطر المروحة وعلوِّها ليتناسبا مع سرعة الرياح في المنطقة. وتطلّب الأمر تحديد النقطة الجغرافية الأمثل لنصب الطاحونة، علماً أنها يجب أن تكون ضمن مساحة مفتوحة تشهد حركة رياح دائمة.
يضيف أنه "كون دمشق ليست من المناطق المناسبة جغرافياً لوضح طواحين هوائية، وكون هذه الطواحين ليست مصنوعة بدقة، فإنها لا تولد الكهرباء بحسب الحاجة، إلا أنها تجعلنا قادرين على قضاء بعض الحاجات في ظل الحصار، كالشحن والإنارة وغيرها".

ويشرح أن الطاحونة الواحدة تتكون من مروحة (ثلاث شفرات)، وترتفع 15 متراً عن سطح الأرض. تحرك الرياح المروحة فتنتج طاقة حركية تتحول إلى طاقة كهربائية. ويلفت إلى أن توليد هذه الطواحين للكهرباء ليس مستقراً، إذ يعتمد على سرعة الرياح. لذا، فالاستخدام الأمثل لها يتطلب تخزين الكهرباء الناتجة عنها في بطاريات كبيرة. يتابع أن هذه الطواحين تحوّلت إلى "مصدر رزقٍ لي، وأعمل يومياً على شحن بطاريات ذات أحجام مختلفة، واستخدام طاقتها لاحقاً لأغراض مختلفة".

اقرأ أيضاً: داريا تصوم عن كل شيء

من جهة أخرى، دفعت الحاجة إلى الكهرباء كثيراً من المزارعين للعودة إلى استعمال النواعير (آلات مائية خشبية تدور بقوة دفع المياه) لتوفير السقاية للأراضي الزراعية. ويشير عبد اللطيف الغساني، وهو أحد المزارعين، إلى أنه عمد وغيره من المزارعين إلى استخدام النواعير بطريقة مختلفة. يقول: نعتمد على حركة الناعورة في المياه الجارية لتوليد الطاقة الكهربائية ووصلها في بطارية لتخزينها ثم ري الأرض، بخلاف النواعير التي استعملت سابقاً في سورية، والتي كانت تحمل المياه عبر أقنية موصولة بالأرض". يضيف: "اشترينا الناعورة من أحد الحدّادين الذي بات يعمل في صنعها وبيعها أخيراً، ووضعنا الناعورة ضمن ساقية تجري فيها المياه إلى جانب الأرض". ويتابع شرحه: "كانت مياه السواقي غزيرة هذا الشتاء ما ساعدنا على توليد الكهرباء بشكل جيد"، لافتاً إلى أنها "باتت توفر لنا مياهاً نظيفة لري الأرض بعدما تعرض موسم العام الماضي للجفاف وتلوث المحاصيل بمياه المجاري، وانتشار الأمراض".

نفايات عضوية

وفي ظل ندرة توفر الغاز، اضطر عدد من الأهالي إلى استخدام النفايات في توليد غاز (الميتان)، الذي يمكن الاستفادة منه بشكل كبير في الطهو والتدفئة. وبدأ عدد من السوريين استعمال هذه الطريقة في بعض المناطق الريفية التي يرتفع فيها سعر أسطوانة الغاز، وتتوفر فيها النفايات العضوية كروث الحيوانات.
يقول المهندس الزراعي عصام الحكيم إن "الحاجة لهذه الوسائل تتزايد في سورية. صحيح أن هذه الطريقة تتطلب جهداً كبيراً في البداية إلا أنها تتحوّل لاحقاً الى مصدر جيد للغاز وبكلفة شبه معدومة". يوضح أن "الأهالي يقومون في البداية بتوفير وعاء النفايات، الذي يختلف شكله من منطقة إلى أخرى. هناك من صنع حفرة داخل الأرض وعزلها من الداخل بالنايلون". ويلفت إلى أن الأهم يتمثل في تكوين حجرة معزولة عن الهواء.
ويشير أبو عدنان، وهو أحد المزارعين، الى أنه يعمل مع عدد من جيرانه بشكل يومي على جمع النفايات العضوية من الأرض والمنازل، كبقايا الطعام وخصوصاً الزيوت، مضيفاً أنه يمكن لهذه الحفرة تأمين غاز الطهو لحوالى خمسة منازل بشكل دائم.

غاز الهيدروجين

عمل عدد من الشباب على توليد غاز الهيدروجين والاستفادة منه في التدفئة والطهو وتشغيل المولّدات. وتوصلوا إلى ذلك بعد مشاهدتهم طريقة توليده من خلال تسجيل فيديو تناقله البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، وشاهده حوالى مائة ألف شخص.
يقول أبو هيثم: "سعيت إلى تطبيق هذه الطريقة خلال عملي، ولم أعد مضطراً إلى شراء الغاز الطبيعي. استفيد من هذا الغاز في تسخين بعض المواد اللازمة لصيانة الأدوات والآلات التي أعمل على إصلاحها".
من جهته، يحذر حسن من خطورة حدوث انفجار ما لم تستخدم صمامات تضمن مرور الغاز في اتجاه واحد. ويؤكد على ضرورة استخدام هذه الطريقة من قبل خبراء، لافتاً إلى أن غاز الهيدروجين الناتج عن تفاعل الألمنيوم مع هيدروكسيد الصوديوم والمياه، وهو غاز خفيف قابل للاشتعال، يستعمل عالمياً كمصدر للطاقة في المركبات الفضائية والمفاعلات النووية.

اقرأ أيضاً: موجة حرّ "تشوي" السوريين وغياب الكهرباء