طرد الراسبين من المدرسة.. مخاوف طلاب الجزائر من الضياع

طرد الراسبين من المدرسة.. مخاوف طلاب الجزائر من الضياع

30 اغسطس 2019
توفير مستلزمات الدراسة وحده لا يكفي (العربي الجديد)
+ الخط -
"قبل ثلاث سنوات، عاملتها بقسوة مثلها مثل بقية التلاميذ في الفصل الدراسي الأول بالمدرسة الثانوية، لكنني ذهلت يوم لقائي بها في مستشفى مدينة ميلة شرق الجزائر، تزور إحدى قريباتها، اكتشفت لاحقاً أنها يتيمة الأبوين، وتلك السيدة التي تزورها هي عمتها التي تكفلت بها".

هذا المشهد عاد إلى ذهن المعلمة نورة صايفي، التي زاولت مهنة التدريس لمدة تزيد عن 20 سنة في عدد من قرى ومداشر ولاية ميلة شرقي العاصمة الجزائرية، بعد أن علمت بطرد التلميذة الجزائرية إيمان (17 سنة) من الثانوية بسبب غياباتها المتكررة، وعدم متابعتها الدروس.

وقالت المعلمة لـ"العربي الجديد"، إنها ندمت على قرارات اتخذتها بحق التلميذة، إذ لم تنتبه إلى أنها "ضحية أسرة مفككة، ويتيمة تتنقل بين بيوت الأعمام والأخوال، فكيف لطفلة مثلها أن تعيش وتدرس؟ كانت تعاني من الإرهاق، وأحياناً تنام في الفصل، وللأسف رسبت ثلاث مرات ليكون مصيرها الطرد".

ويوضح أستاذ اللغة الإنكليزية، رياض بن عبد الرحمن لـ"العربي الجديد": "عادة، لا يفهم الأساتذة ظروف التلاميذ، ورغم أن وظيفة الأستاذ هي تعليم دروس البرنامج الوزاري، غير أن عشرات التلاميذ يحتاجون إلى العناية الاجتماعية والنفسية، لأن المدرسة ليست سجناً، وطرد التلميذ من الصفّ الدراسي يجب ألا يكون عبثاً، وخصوصاً أن الوزارة تفتح المجال أمام إعادة بعض التلاميذ إلى مقاعد الدراسة".

وأحصت الجزائر خلال عام 2019، أكثر من 500 ألف راسب في مختلف المراحل التربوية، بينهم نحو 250 ألفاً لم يحصلوا على شهادة البكالوريا في الدورة الأخيرة، وهي أرقام تدعو للتخوف من مصير هؤلاء الراسبين من جانب الوزارة والأسرة والمجتمع.

لا تخفي أستاذة اللغة العربية بثانوية الشهيدة حسيبة بن بوعلي في العاصمة الجزائرية، وهيبة زياني، مخاوفها من الأرقام، وتقول لـ"العربي الجديد": "أرقام الرسوب مفزعة، وتوحي بأن هناك خللاً ما. الرسوب لا يعني نهاية العالم، غير أن العامل النفسي مهم لتوجيه التلاميذ، وخصوصاً إن كان الرسوب متكرراً".

وفي السنوات الأخيرة، خصصت الحكومة الجزائرية دعماً مالياً لإعانة الأسر المعوزة والفقيرة في كل دخول مدرسي، لكنها لم تنتبه إلى ضرورة توعية العائلات الفقيرة بكيفية دعم أبنائهم نفسياً لإتمام الدراسة، وتشجيعهم على التعليم، حسب تصريحات متفرقة لعدد من التربويين.

على الأرض، تنشط في الجزائر عشرات الجمعيات الخيرية التي تقدّم المساعدة لتجهيز التلاميذ الفقراء، وقال رئيس جمعية "افعلوا الخير" بولاية الشلف، أحمد بلقاضي لـ"العربي الجديد"، إنه ينبغي متابعة هؤلاء التلاميذ دورياً لتجنيبهم الرسوب والطرد من المدرسة. "الأمر بالنسبة للجمعيات الخيرية صعب، فمتابعة التلاميذ مسؤولية العائلات، والجمعيات تساعد على توفير المستلزمات، مثل التجهيزات المدرسية والأدوات والكتب".

وفي خطة لوزارة التربية الوطنية الجزائرية، بدأت مديريات التربية الـ50 دراسة طلبات إعادة إدماج التلاميذ المطرودين، حتى يتمكنوا من إعادة التسجيل في المدارس خلال الأسبوع الثاني من سبتمبر/ أيلول.

وأكد بيان للوزارة أن "لجاناً متخصصة ستقوم بدراسة الملفات، وخاصة ما يتعلق بتلاميذ السنة الرابعة المتوسط، والسنة الثالثة الثانوية، قبل الإعلان عن النتائج في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر القادم".

وبين الشروط الأساسية لإعادة الإدماج بالدراسة حسن السلوك في المدرسة، وعدد الغيابات، والحضور المنتظم، فضلاً عن النقاط التي تحصل عليها التلاميذ خلال السنة الدراسية الأخيرة، والسنوات السابقة.

لكن السؤال الأكثر إلحاحاً مع هذا الدخول المدرسي الجديد، يتمثل في قدرة المؤسسات التربوية في الجزائر على استيعاب أعداد جديدة من التلاميذ، وخصوصاً أن نصف الممتحنين في شهادة البكالوريا لم يسعفهم الحظ لحجز مقاعدهم في الجامعات، فضلاً عن نقص متوقع في عدد المقاعد الدراسية الجديدة، وبخاصة في الأحياء السكنية التي أنشئت حديثاً.

دلالات

المساهمون