طبيب أميركي يعتني بآلاف المرضى في جبال النوبة

طبيب أميركي يعتني بآلاف المرضى في جبال النوبة

16 أكتوبر 2015
أوضاع إنسانية صعبة في جبال النوبة (فرانس برس)
+ الخط -
خلال سنواته الطويلة من العمل كجراح، يعيش في جبال النوبة جنوب كردفان، عالج الأميركي توم كاتينا، آلاف المرضى الذين لا يتذكرهم جميعاً، لكن بعض الحالات ظلت عالقة في ذاكرته.

وبصفته مديراً طبياً وطبيباً وجراحاً في مستشفى أم الرحمة الكاثوليكي، عالج كاتينا عدداً لا يحصى من الجرحى في النزاع الذي بدأ في 2011 في هذه المنطقة التي يسيطر عليها المتمردون، وتقع في ولاية جنوب كردفان على الحدود مع دولة جنوب السودان.

وبصوت ينم عن إرهاق بعد يوم عمل طويل، قال الطبيب الأميركي، في اتصال عبر سكايب: "إنها ليست حالة حرب بل عملية سحق حقيقي من خلال القصف الذي يتم".

وانتشر وباء الحصبة العام الماضي في الإقليم حيث عالج مستشفاه 1400 مصاب توفي منهم ثلاثون، كما أكد كاتينا. وقال "قد تأتي صباح يوم، وتجد الطفل يموت من الحصبة ويتنفس بصعوبة بينما أمه تبكي وتصرخ"، مؤكداً أن هذا الأمر "يسبب إحباطاً ويدفع إلى الاستسلام".

لكن الطبيب الذي انتقل إلى جبال النوبة بدافع الإيمان، أكد أنه سيواصل مهمته إلى أن يحل محله طبيب من المنطقة.

ويقوم الجراح الأميركي البالغ من العمر 51 عاماً، ويظهر في صوره حليق الرأس، بكل العمليات الجراحية الكبرى والتوليد، ويفحص باستمرار مرضى 345 سريراً في المستشفى الذي يقدم خدمات أيضاً إلى 750 ألف شخص يعيشون في المنطقة.

وغير المستشفى الذي يديره، ليس هناك في المنطقة سوى مستشفى صغير آخر تديره منظمة ألمانية غير حكومية ويضم طاقمه أجانب وموظفين محليين.

وكاتينا المولود في حي أمستردام تاون في نيويورك، درس الطب في معهد أميركي للدراسات العليا بمنحة من البحرية الأميركية. وبعد انتهاء دراسته توجه في مهمة إلى كينيا حيث أمضى سنتين.

وفي 2007، وافق على العمل مع منظمة أم الرحمة التي أسسها مكرم قسيس، أسقف مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان السودانية، بأموال من مجموعات كنسية ورجال أعمال ما زالوا يمولونها. وتهدف المنظمة إلى معالجة جميع سكان منطقة جبال النوبة مجاناً وبغض النظر عن دياناتهم.


اقرأ أيضاً: العفو الدولية تتهم الجيش السوداني بارتكاب "جرائم حرب"

وكانت أول انطباعات كاتينا عند وصوله عام 2008 في أجواء الحر الشديد أن "الناس في حالة صدمة شديدة بعد سنوات من الإهمال والحرب الأهلية".

وكانت منطقة جبال النوبة بتنوعها الديني واللغوي شهدت معاناة كبيرة خلال الحرب الأهلية بين حكومة الخرطوم، ومتمردي جنوب السودان، ما بين 1983 إلى 2005.

وفي 2011 بدأت حرب أهلية جديدة بتمرد الجيش الشعبي لتحرير السودان على حكومة الخرطوم، احتجاجاً على تهميش المنطقة سياسياً واقتصادياً. وبين ليلة وضحاها، تدفق على مستشفى كاتينا جرحى من مدنيين وعسكريين ومتمردين، بينما كان زملاء الطبيب الأجانب قد غادروا هذا المركز الطبي.

وحل محل هؤلاء عاملون من النوبة تعلموا خلال العمل التمريض ومعالجة حالات الصدمة ليشكلوا بذلك نواة جديدة للمستشفى.

لكن كاتينا يبقى لديه الكثير من العمل. وقال "لا نتوقف عن العمل في هذه الفترة لأنها موسم الملاريا".

وبدأ الطبيب الأميركي أيضاً تحاليل للكشف عن الإصابات بالإيدز في قرى جبال النوبة، حيث سجل ارتفاعاً طفيفاً في عددها منذ 2008. وشخص مستشفاه هذه السنة ما بين 25 إلى 30 إصابة.

ويبدو كاتينا مصمماً على منع انتشار هذا الفيروس في جبال النوبة بعدما لاحظ انعكاسات الإيدز في كينيا. وقد ساعد في هذا الإطار على إطلاق حملة توعية وفحص.

اقرأ أيضاً: استنفار سوداني لإحباط "تدخل إنساني" بالنيل الأزرق وجنوب كردفان

دلالات