ضرورة الفوضى لبقاء العسكر

04 يوليو 2014
+ الخط -

صار مألوفاً أن يتصدر الأخبارَ المصرية خبرٌ مفاده أن تفجيراً بقنبلة وقع، وأن التفجير حصد عدداً من الأرواح، وتسبب في خسائر في المباني والممتلكات. يكون الخبر، أحياناً، مصحوباً بالفيديو، ويظهر آثار الدمار المفجعة، وصوراً للضحايا والمصابين، وقد تكون القنبلة بدائية الصنع أو متطورة.

يعقب مثل هذه الأخبار بيانٌ تصدره وزارة الداخلية، يبدأ باستنكار هذا الفعل الدخيل على المجتمع المصري، ثم إدانته إدانة كاملة، تلي ذلك حزمة إجراءات أمنية مشددة، والتدابير الصارمة، بهدف منع تكرار مثل هذا الحادث. ولا ضير في إضفاء مسحة من الجدية على الأمر كله، بعبارات مثل الضربة الاستباقية لمعاقل الإرهاب الأسود، الذي لا دين له ولا مكان، وغيره من الهراء الذي يحتل الفضاءات الإعلامية.

لكن، ما هي حقيقة الأمر من هذه القنابل، والتي أصبحت خبراً ثابتاً في صحافة النظام الانقلابي. من المتصور لدى المواطن المصري العادي أن تكون هذه أفعالاً إرهابية، مقترفة من بعض الأفراد، الذين تدفع بهم جماعة ما، وهذه الجماعة سرعان ما تعلن مسؤوليتها عن تنفيذ الحادث. وبذلك، تكون قد أوصلت رسالتها إلى السلطة، لكن، من المتصور، أيضاً، أن يكون التفجير مجرد دراما تنتجها الحكومة الانقلابية بنفسها.

من غير المقبول، ولا المعقول، أن شخصاً ما يغامر بإحضار قنبلة بدائية الصنع، أو حتى متطورة، ويقوم بتفجيرها من دون فائدة مرجوة، أو هدف تم تحديده، أو مطالب تم عرضها، ومن دون الإشارة إلى نفسه. لذلك، من المقبول جداً افتراض أن تكون هذه القنابل نتيجة اجتهاد وتخطيط الداخلية وبلطجيتها.

إن الوصول إلى مكان التفجير الحساس سيكون، في هذه الحالة، متاحاً لرجال وزارة الداخلية أكثر من غيرهم، وقصر الاتحادية مثلاً، كل ركن فيه متاح ضمن هذه الفرضية، أو أي هدف مراد تفجيره، ستكون الداخلية الأعلم من غيرها بالمداخل والمخارج منه وإليه، وستكون نسبة أداء المهمة، وتنفيذ التفجير عالية جداً.

ثم إن تلفيق الاتهام بعد ذلك للإخوان المسلمين لا يحتاج إلى جهد كبير، وكلما ازداد تنفيذ الانفجارات، وتفاوتُ أوقاتها، وتباينُ أهدافها، لن تحتاج "الداخلية" إلى بذل جهدٍ، لتقول إن "الإخوان" وراء ذلك.

ما يحصل في مصر، اليوم، من شغب وفوضى، مجرد خطة من وزارة الداخلية مكتملة الأركان، تحبكها بنفسٍ راضية، وتحدد ملامحها، ومكان التنفيذ وزمانه، والقنبلة تكون مرة بدائية، ومرة متطورة. فإن تفجيراً مثل الذي وقع في محيط قصر الاتحادية، لا بد وأن يكون زمانه مناسباً ومعقولاً، وفي تاريخ مثل 30 يونيو/حزيران، ما يجعله أقرب إلى التصديق والقبول.

عندما يتم مشهد التفجير، والقبض على الفاعلين، ممن يتقنون إجادة الأدوار، تكون الداخلية وقتها قد قامت بواجبها على أتم وجوهه، أمام الشعب المصري، ويعقد بعدها وزير الداخلية مؤتمره، وهو نشوان طربان، إذ من المؤكد وجود عقول ترسم مثل هذه الخطط، حتى يُحْكِم نظام السيسي الانقلابي قبضته الحديدية، وحتى لا نخرج من واقع الدولة البوليسية القمعية، ومن سطوة ديكتاتورية العسكر.

470B1A6C-84E5-4B43-914A-35B9FEC06F45
470B1A6C-84E5-4B43-914A-35B9FEC06F45
منى عبد الوهاب (مصر)
منى عبد الوهاب (مصر)