ضرب الإضراب

ضرب الإضراب

26 فبراير 2016
كان يُمكن لإضراب المعلمين أن يكون علامة فارقة(عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -
كُلما سُئلت القيادة الفلسطينية عن المقصود بالنضال السلمي وكيفية تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية في الاستقلال وإقامة الدولة بدون مقاومة، كان الجواب "الجاهز والمُعلب" يتمحور حول ضرورة بناء مؤسسات الدولة أولاً، والنهوض بقطاعات الصحة والتعليم والأمن والبنى التحتية على طريق فرض "الدولة" الفلسطينية على المجتمع الدولي عامة، وعلى إسرائيل بشكل خاص، كأمر واقع.
ولطالما انبرى المسؤولون في السلطة الفلسطينية الى دعوة أبناء الشعب الفلسطيني إلى الصبر على طريق الوصول الى "الدولة" المنشودة، وإقامة "سنغافورة" الشرق في الضفة الغربية وقطاع وغزة. وبعد مرور ما يقارب ربع قرن على توقيع الاتفاقيات السياسية والإقتصادية والأمنية مع إسرائيل، لم يتحقق من "سنغافورة" الموعودة إلا الكثير من الوزارات المُثقلة بطوابير من أصحاب المعالي والسيادة والعطوفة، والأكثر منها أجهزة أمنية مُكدسة مكاتبها بأسراب من الألوية والعقداء والعمداء وما دونهم من أصحاب النسور والنجوم. أما على مستوى بناء "الدولة" ومؤسسات المجتمع المدني، فقد يكون الإضراب العام للمعلمين خير، وليس آخر، شاهد على هزالة الأوضاع التي وصلت لها دواليب السلطة التي تحلم بالترقية الى رتبة "دولة". فمن ناحية كشف إضراب المعلمين عن فجوة واسعة بين الشعب و"حكومته" التي أغلقت أبواب الحوار، واكتفت بالتلصص من نوافذ مبنى رئاسة الوزراء على عشرات الآلاف من المعلمين الذي نجحوا بالوصول إلى ساحة التظاهرة في مدينة رام الله، وباستعراض عضلاتها وقدرات "أساطيل" قواتها لمنع آلاف المعلمين من التوجه إلى رام الله لإسماع صوتهم السلمي والحضاري والديمقراطي.
كان يُمكن لإضراب المعلمين، أن يكون علامة فارقة على طريق بناء الدولة التي ينشدها أبناء الشعب الفلسطيني، دولة العدالة والمساواة واحترام حرية الأفراد والنقابات في التظاهر والتعبير، أما وإن فضلت "السلطة" تقديم العصا على الجزرة، والضرب بيد من حديد لإهانة مربي الأجيال، فقد كشفت عن حقيقة "الدولة" البوليسية التي تُريدها أو يُراد لها أن تكون. لقد كشفت المواجهة بين المعلمين ومعهم أجيال ممن آمنوا بمن "كاد أن يكون رسولاً" من جهة، وبين أجهزة السلطة من جهة ثانية، أن "الدولة" التي يتشدق بها فريق أوسلو، لا تشبه أبداً الوطن الذي يحلم به ويُضحي لأجله خيرة أبناء الشعب الفلسطيني.