صور سورية

صور سورية

06 سبتمبر 2015
+ الخط -
الصّور التي تملآ وسائل الإعلام، وتخصّ السّوريين مخجلة، ومن جديدها صورة الطفل السّوري آلان. 
يعمّ العالم اليوم فراغ عاطفيّ يرغب المسّوقون بإشباعه. الحالة السّورية تشبع ضمير العالم، يحاول أن يعبّر عن إنسانيته، يسبقه الرؤساء في التعبيرات الغامضة، ووضع الخطوط الحمراء، والأوصاف للحالات على الأرض .
حتى تنمو مشاعرنا بشكل سليم علينا أن نحبّ، نخاف، نحزن، نتمتّع، ونخلق فرصاً مناسبة لنا. وسائل الإعلام العربيّة سادّية ترى في منظر الدّم إثارة، وفيلم الرّعب الذي تصدّره يوميّاً، ويحوز على أعلى الأرقام في شبّاك تذاكر البحر، والبراميل، والسّيوف يمكّنها من إمساك عصفورين بحجر واحد، الرّبح، والمزايدة.
يتسابق محللون سياسيون سوريون وعرب في عرض أكتافهم على الفضائيات، أصبحوا متخصصين أيضاً في المقالات الفارغة المضمون، إلا من العنوان المثير. هم عارفون بالأسد، وداعش، وكلّ شيء.
الأسد هو المجرم الأوّل وكلّ الاستثناءات على السّاحة أولاده الروحيين. السّوري المقتول، المخطوف، الغارق، والمذبوح كلّهم يموتون بسبب أسديّ، وطريقة أسديّة.
ليس المطلوب من العالم والعرب تغيير نظام الأسد. مطلوب منهم فقط أن يكفّوا عن ترويجه من خلال الترويج لمكافحة الإرهاب، من دون أن يكون مشمولاً بالتّسمية. كافحوا إرهاب الأسد، وحزب الله وداعش، كلّهم ولدتهم أمّ واحدة.
الشّعب السّوري ليس إرهابياً. بل شعب مسالم فيه بعض الوصوليين، والمتنمّرين الذين يحاولون بيع أنفسهم للطّامعين في سوريّة ، وهؤلاء يفتح العرب والعالم أبوابه لهم، لأنّهم ضمن مافيا تبييض الأموال من الجريمة، وتجارة السّلاح، والمخدّرات.
لم يعد شعار القضيّة الفلسطينيّة صالحاً اليوم. غطى عليه موضوع القضّية السّوريّة، والفلسطينيّة السّوريّة، فأبناء مخيم اليرموك في سوريّة لن يتردّدوا في اختيار إسرائيل، لو حقّقت لهم أسباب الحياة. ومع هذا، يختار السّوري وطنه. أغلب السّوريين لم يهاجروا، ربما لسبب بسيط أنّه ليس لديهم تكاليف الهجرة، وليسوا مستعدين للدّخول في مغامرة غير محسوبة، قد تكون نتيجتها الموت.
لا شكّ أنّ الدّمار أصاب قلب السّوري وعقله، وسنوات البناء ستكون طويلة، لكنّها لن تبدأ إلا بعناية إلهية، حيث تشمل تلك العنايّة الطّبقة السّياسيّة التي تسعى إلى المال، والسّلطة، ويتمّ تجاوزها إلى جيل من الشّباب متحمّس للبناء.
ستكون سوريّة حرّة، وستكون معاناة السّوريين حافزاً لهم لبناء سوريّة مختلفة. سيقدّمون الدّعم لبناء الإنسان السّوري أينما كانوا.
سيسجّل التّاريخ أسماء الأشخاص، والحكّام، والدّول الذين تعاطفوا مع الشّعب السّوري، وقدّموا له الدّعم، حتى لو كان على مستوى فرديّ، وبصمات التّاريخ لا يمكن إزالتها.
أيّها العالم عجّل في إيقاف المأساة. لا تنتظر حكم التّاريخ.
avata
avata
نادية خلوف (سورية)
نادية خلوف (سورية)