يحاول المهاجرون الاندماج في ألمانيا (Getty)
يجد العرب والمسلمون في ألمانيا أنفسهم في موقف إنكار أفكار مسبقة وقوالب نمطية ألصقت بهم من دون ذنب لهم
مع سعيها إلى ترسيخ صورتها كبلد مرحب بالثقافات المختلفة على المستوى الرسمي، لا يبدو أنّ ألمانيا تنجح في ذلك تماماً. ففي مستوى متقدم من دروس تعلم اللغة الألمانية تفاجأ بتول اللبنانية الأصل بصورة العرب، خصوصاً النساء في المقرر. تقول لـ"العربي الجديد": "الفكرة التي طرحت في الدرس أنّ النساء العربيات ينتظرن رجالهن حتى ينتهوا من الطعام ثم يتناولنه بعدهم. في الحقيقة شعرت بالحرج الشديد من الفكرة ومن ردة فعل الطلاب الحاضرين من مختلف الجنسيات الذين أبدوا استغرابهم، وتساءلوا إن كان هذا ما يحصل في بلادنا فعلاً".
موقف بتول يشبه مواقف الكثير من العرب والمسلمين، وهو الدفاع عن شيء لا ذنب لهم فيه أو تبريره أو نفيه. فهي صورة تكونت عنهم ولا ينتمون إليها. وفي موقف أكثر تأزما تقول مهاجرة تركية لـ"العربي الجديد" إنّها لم تنكر ما قالته المدرّسة لها عن عادات الأتراك: "كما هو معروف فالجالية التركية تشكلت منذ زمن طويل هنا، وما كان يفعله الأجداد لا يشبه ما يفعله الأحفاد اليوم. الصورة التي تكونت عنهم في الزمن السابق قد تسبب حرجاً لنا الآن. في أحد دروس اللغة، قالت المدرّسة بشكل صريح إنّها عندما تسمع صراخاً صادراً من إحدى الشقق، أو تشاهد عدداً كبيراً من الأحذية المصطفة أمام الباب، أو تشعر بضجيج مرتفع يومي السبت والأحد، ستعرف أنّ القاطنين فيها أتراك". تعلق المهاجرة: "لم أستطع الرد، لأنّها حقيقة لا يمكن إنكارها، لكنّني أسعى إلى تغييرها ما أمكن".
في سياق متصل، تقول مدرّسة اللغة الألمانية كوني لـ"العربي الجديد": "بعض المواضيع تدخل في دائرة المحظور أحياناً. في إحدى المرات، فتح نقاش حول الحجاب وكيفية النظر الى المحجبات في ألمانيا. احتدم الجدال بين شاب تونسي وفتاة روسية. الفتاة لم تتوقف عن القول إنّ هذا اضطهاد وقمع للمرأة. بينما أصرّ الشاب على أنّ الحجاب إحدى أهم عقائد المسلمين التي لا يمكن التخلي عنها. وجدت نفسي شخصياً في مأزق، من جهة عليّ تطبيق مبدأ حرية الرأي والديمقراطية، ومن جهة أخرى، يستدعي مثل هذا الموضوع بحساسيته البالغة لدى العرب عدم النقاش فيه أبداً. وهو يماثل مواضيع المثلية، والزواج بين المثليين، والمساكنة، والإنجاب من دون زواج".
كذلك، تعلق المهاجرة العربية سارة على إحدى الصور التي أثارت عاصفة في صفها. في الصورة محجبة وزوجها في شارع يظهر فيه أيضاً ألماني وزوجته يرتديان سروالين قصيرين. طلبت المدرّسة التعليق على الصورة، فقالت سارة إنّها تعبّر عن ألمانيا المتعددة الثقافات، التي تقبل الجميع ويعيشون فيها بسلام سواء وضعت المرأة الحجاب أو لم تضعه. لكن مع انتهائها من ذلك، هبّت في وجهها فتاة أوكرانية قالت: "لا أرى أبداً ما ترينه. هذه الصورة تعبّر عن مدى حرية الألمان، بعكس المسلمين المقيدين، فالطقس حار والسيدة الألمانية تأكل الأيس كريم وترتدي ثياباً صيفية مريحة بينما تعاني المحجبة من الحر أضعافاً". تقول سارة: "بالرغم من أنّي لست مسلمة وجدت نفسي فجأة أدافع عن الحجاب بوصفه جزءاً من الموروث العربي الذي يجب أن يحترم".
من جهة أخرى، يؤكد فلاديمير الروسي الأصل أنّ "للمسلمين عادات نغار منها. وليس الحجاب فقط هو كلّ القضية". يقول لـ"العربي الجديد": "خلال خدمتي العسكرية في أفغانستان، أعجبت باحترام الصغار للكبار، بطريقة لا تجدها في أي مجتمع آخر. كذلك، لاحظت الأمر خلال دروس الاندماج في ألمانيا، بالإضافة إلى حرص الرجل المسلم على المرأة، أو محبة الجدة في المنزل وتقديرها".
بدورها، تقول أفنان، وهي أم لأربعة أولاد مقيمة في ألمانيا منذ سنوات، إنّها في الاجتماعات الخاصة بالأسرة في مدرسة ابنها تضطر كثيراً الى تصحيح صور مقلوبة تماماً. تعطي مثالاً: "تقول لي المشرفة الاجتماعية إنّ ابني يحاول أن يلعب دور أبيه في المنزل عند غيابه، وهذا السلوك جزء من موروثنا العربي، حيث للرجل، سواء كان الزوج أو الابن، السطوة الأكبر في المنزل. قلت لها إنّ هذا مفهوم خاطئ مائة بالمئة، فالحقيقة أنّ موروثنا وديننا وعاداتنا تضع الأم بالمقام الأول. وأيدت قولي بكثير من الأقوال والأمثال والمواقف منها قول الرسول إنّ الجنة تحت أقدام الأمهات، فدهشت المشرفة عندما سمعت هذا".
اقرأ أيضاً: الألمانيات والعربيات يشتكين من التحرش
مع سعيها إلى ترسيخ صورتها كبلد مرحب بالثقافات المختلفة على المستوى الرسمي، لا يبدو أنّ ألمانيا تنجح في ذلك تماماً. ففي مستوى متقدم من دروس تعلم اللغة الألمانية تفاجأ بتول اللبنانية الأصل بصورة العرب، خصوصاً النساء في المقرر. تقول لـ"العربي الجديد": "الفكرة التي طرحت في الدرس أنّ النساء العربيات ينتظرن رجالهن حتى ينتهوا من الطعام ثم يتناولنه بعدهم. في الحقيقة شعرت بالحرج الشديد من الفكرة ومن ردة فعل الطلاب الحاضرين من مختلف الجنسيات الذين أبدوا استغرابهم، وتساءلوا إن كان هذا ما يحصل في بلادنا فعلاً".
موقف بتول يشبه مواقف الكثير من العرب والمسلمين، وهو الدفاع عن شيء لا ذنب لهم فيه أو تبريره أو نفيه. فهي صورة تكونت عنهم ولا ينتمون إليها. وفي موقف أكثر تأزما تقول مهاجرة تركية لـ"العربي الجديد" إنّها لم تنكر ما قالته المدرّسة لها عن عادات الأتراك: "كما هو معروف فالجالية التركية تشكلت منذ زمن طويل هنا، وما كان يفعله الأجداد لا يشبه ما يفعله الأحفاد اليوم. الصورة التي تكونت عنهم في الزمن السابق قد تسبب حرجاً لنا الآن. في أحد دروس اللغة، قالت المدرّسة بشكل صريح إنّها عندما تسمع صراخاً صادراً من إحدى الشقق، أو تشاهد عدداً كبيراً من الأحذية المصطفة أمام الباب، أو تشعر بضجيج مرتفع يومي السبت والأحد، ستعرف أنّ القاطنين فيها أتراك". تعلق المهاجرة: "لم أستطع الرد، لأنّها حقيقة لا يمكن إنكارها، لكنّني أسعى إلى تغييرها ما أمكن".
في سياق متصل، تقول مدرّسة اللغة الألمانية كوني لـ"العربي الجديد": "بعض المواضيع تدخل في دائرة المحظور أحياناً. في إحدى المرات، فتح نقاش حول الحجاب وكيفية النظر الى المحجبات في ألمانيا. احتدم الجدال بين شاب تونسي وفتاة روسية. الفتاة لم تتوقف عن القول إنّ هذا اضطهاد وقمع للمرأة. بينما أصرّ الشاب على أنّ الحجاب إحدى أهم عقائد المسلمين التي لا يمكن التخلي عنها. وجدت نفسي شخصياً في مأزق، من جهة عليّ تطبيق مبدأ حرية الرأي والديمقراطية، ومن جهة أخرى، يستدعي مثل هذا الموضوع بحساسيته البالغة لدى العرب عدم النقاش فيه أبداً. وهو يماثل مواضيع المثلية، والزواج بين المثليين، والمساكنة، والإنجاب من دون زواج".
كذلك، تعلق المهاجرة العربية سارة على إحدى الصور التي أثارت عاصفة في صفها. في الصورة محجبة وزوجها في شارع يظهر فيه أيضاً ألماني وزوجته يرتديان سروالين قصيرين. طلبت المدرّسة التعليق على الصورة، فقالت سارة إنّها تعبّر عن ألمانيا المتعددة الثقافات، التي تقبل الجميع ويعيشون فيها بسلام سواء وضعت المرأة الحجاب أو لم تضعه. لكن مع انتهائها من ذلك، هبّت في وجهها فتاة أوكرانية قالت: "لا أرى أبداً ما ترينه. هذه الصورة تعبّر عن مدى حرية الألمان، بعكس المسلمين المقيدين، فالطقس حار والسيدة الألمانية تأكل الأيس كريم وترتدي ثياباً صيفية مريحة بينما تعاني المحجبة من الحر أضعافاً". تقول سارة: "بالرغم من أنّي لست مسلمة وجدت نفسي فجأة أدافع عن الحجاب بوصفه جزءاً من الموروث العربي الذي يجب أن يحترم".
من جهة أخرى، يؤكد فلاديمير الروسي الأصل أنّ "للمسلمين عادات نغار منها. وليس الحجاب فقط هو كلّ القضية". يقول لـ"العربي الجديد": "خلال خدمتي العسكرية في أفغانستان، أعجبت باحترام الصغار للكبار، بطريقة لا تجدها في أي مجتمع آخر. كذلك، لاحظت الأمر خلال دروس الاندماج في ألمانيا، بالإضافة إلى حرص الرجل المسلم على المرأة، أو محبة الجدة في المنزل وتقديرها".
بدورها، تقول أفنان، وهي أم لأربعة أولاد مقيمة في ألمانيا منذ سنوات، إنّها في الاجتماعات الخاصة بالأسرة في مدرسة ابنها تضطر كثيراً الى تصحيح صور مقلوبة تماماً. تعطي مثالاً: "تقول لي المشرفة الاجتماعية إنّ ابني يحاول أن يلعب دور أبيه في المنزل عند غيابه، وهذا السلوك جزء من موروثنا العربي، حيث للرجل، سواء كان الزوج أو الابن، السطوة الأكبر في المنزل. قلت لها إنّ هذا مفهوم خاطئ مائة بالمئة، فالحقيقة أنّ موروثنا وديننا وعاداتنا تضع الأم بالمقام الأول. وأيدت قولي بكثير من الأقوال والأمثال والمواقف منها قول الرسول إنّ الجنة تحت أقدام الأمهات، فدهشت المشرفة عندما سمعت هذا".
اقرأ أيضاً: الألمانيات والعربيات يشتكين من التحرش