صفحات الثورة... والثورة المضادة

صفحات الثورة... والثورة المضادة

25 يناير 2015
صفحات للثورة وأخرى عليها (فيسبوك)
+ الخط -

تصوّر نظام المخلوع محمد حسني مبارك أن فتْح المجال للشباب على الشبكة العنكبوتية، وانشغالهم بتفريغ الطاقات على "فيسبوك"، سيشغلهم عن ممارسة السياسة ومعارضة نظامه.

ووصل للاستهانة بالدعوات التي انتشرت وتدعو للتظاهر والحشد يوم 25 يناير، يوم عيد الشرطة، التي بلغت انتهاكاتها عنان السماء. فلعب "فيسبوك" دوراً أساسياً في الحشد الذي تحول فعاليات ثورة يناير. لذلك اتخذ النظام قراراً بقطع خطوط الإنترنت محاولًا وقف الزحف "الفيسبوكي" لإسقاطه. ومن يومها استعاد النظام وعيه من ضربة يناير حتى أصبح رقيبا دائما على "فيسبوك".

وكان من أهم الحسابات التي لعبت دوراً أساسيا في إرهاصات الثورة، صفحة "كلنا خالد سعيد"، والتي تبنّت قضية ضحية الشرطة الشاب خالد سعيد، الذي قضى نحبه تحت تعذيب أفراد الشرطة. وبرزت الصفحة أكثر عندما برز الناشط وائل غنيم أثناء أحداث الثورة واعترافه أنه المشرف على الصفحة.

وكان عدد المشاركين في الصفحة لا يتجاوز مئات الآلاف، ومع نجاح الثورة تخطت المليون. واستمرت الصفحة بعد ذلك كأحد أصوات شباب الثورة. ولكن مع فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي انتقلت لخانة معارضة الإخوان بقوة، ما دفع أنصار الإخوان لمهاجمتها وانتقادها.

واستمرت الصفحة حتى يوم 3 يوليو/تموز، وتبنت بيان القوات المسلحة في عزلها لمحمد مرسي. قبل أن يتوقف تحديث الصفحة وتتوقف عن البث حتى وقتنا هذا. في نفس الوقت اختفى وائل غنيم من المشهد، بينما كان عدد متابعي الصفحة يتعدى أربعة ملايين، وهو ما دفع مناصري الإخوان لتدشين صفحة "كلنا خالد سعيد نسخة كل المصريين"، لتكمل طريق معارضة الحكم العسكري. وتميزت الصفحة بمقاطع الفيديو القوية والتي تكشف فضائح أمنية كثيرة. ولكنها لم تصل لعدد مشتركي صفحة "كلنا خالد سعيد"، ولم تتجاوز النصف مليون مشترك.

ومن الحسابات الرئيسية في أحداث الثورة، صفحة "حركة شباب 6 إبريل"، وبرزت الحركة بعد أحداث المحلة في 2008. وتعتبر الصفحة صوت الحركة على "فيسبوك"، إلا أن عدد مشتركيها لم يتجاوز الـ896 ألف مشترك.

ومثل سابقتها دعمت الصفحة الثورة، وعارضت حكم الإخوان، ثم بعد الثالث من يوليو/تموز رفضت عودة حكم العسكر خصوصاً بعد اعتقال أهم رموزها. والصفحة من أكبر الداعمين لإحياء الثورة في ذكراها الرابعة، وتقوم بالحشد للنزول يوم 25 يناير، وتدعو لتوحد الجميع ضد الحكم العسكري.

ولعبت الحسابات الخاصة بالناشطين البارزين في أحدث الثورة دوراً مهما، لما تمتعوا به من مصداقية لدى الشارع، ومشاركتهم بأنفسهم في الفعاليات والمسيرات والاعتصامات، ونقلهم الأخبار، وتوجيه النصح لباقي المعتصمين في الميادين الأخرى، ومساعدة الجرحى والمصابين.

وكان أبرز الناشطين أصحاب الحسابات المؤثرة، إسراء عبد الفتاح، وياسمين محفوظ، ونوارة نجم، وعلاء عبد الفتاح، وأحمد ماهر، وائل عباس وغيرهم كثير.

وعلى الجانب الآخر من الثورة، استفاد الطرف الآخر والثورة المضادة من تجربة الحشد التي خاضتها الثورة المصرية عبر مواقع التواصل. وبعد بروز دور "تويتر" بشكل موازٍ لـ"فيسبوك"، بدأت بعض الحسابات المحسوبة على الثورة في الانقلاب على الخط الأساسي لها، مثل حساب إسراء عبد الفتاح، والتي انضم لها آخرون.

هنا طبعاً نذكر صفحات "فيسبوك" مثل "إحنا آسفين يا ريّس" التي بقيت تطالب بالرئيس محمد حسني مبارك رئيساً لمصر، وتعتذر منه عما ارتكبه بعض "العيال" بحقه.

كذلك برز مهندس الاتصالات حازم عبد العظيم، والذي سطع اسمه في بعض الاتهامات إبان الثورة، بالتعامل مع شركات إسرائيلية، وأثناء حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، عارض الإخوان... وحرّض عليهم وعلى قتلهم حتى بعد عزل مرسي.

من الحسابات التي أثارت علامات استفهام كبيرة، حساب "الأسرار العسكرية"، الذي دشن في هدوء، بدون ضجة كبيرة، وبخط سياسي ناعم في البداية، ودعمه بعض الانفرادات، والذي بدا واضحا صلته بالأجهزة الأمنية، وتمتعه ببعض المصادر لديها، واتهم الصحافي الراحل عبد الله كمال بإدارته، وهو المقرب من جمال مبارك قبيل الثورة.

ولعب الحساب دورا مهما في الحشد ضد نظام الإخوان والرئيس المعزول، وأصبح مصدرا للكثير من الشائعات التي استهدفت التيار الإسلامي، والخط المحسوب على الثورة، وعمل على تشويههم، وبعد عزل مرسي استمر الحساب حتى الآن، في لعب دور غير خافٍ على المتابعين، في توجيه الرأي العام وتأييد النظام الحالي.

وعلى خطى الحسابات السابقة، بدأت الناشطة سارة فهمي بشكل طبيعي عبر حسابها كباقي الناشطين، دون توجه بارز، لكن عقب تولي الرئيس مرسي الحكم، بدت كباقي الحسابات المناهضة للإخوان. وبعد عزل الرئيس مرسي، قامت بنفس دور عبد العظيم، والأسرار العسكرية، وإسراء في دعم السيسي، وتهيئة الرأي العام لأحداث البطش بالمعارضين.

تابعونا: #ثورات_تتجدد

المساهمون