صعود الدولارفي مصر يرفع الأسعار مع اقتراب رمضان

صعود الدولارفي مصر يرفع الأسعار مع اقتراب رمضان

21 مايو 2016
الأسعار تواصل قفزاتها في الأسواق المصرية (Getty)
+ الخط -


أثار ارتفاع أسعار السلع الغذائية والخضروات في مصر غضب المواطنين، خاصة مع اقتراب موسم رمضان، والذي يتزايد فيه الطلب على السلع الأساسية، ويرجع ذلك إلى شح وارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه في السوق السوداء رغم الإجراءات الحكومية، حسب تجار لـ"العربي الجديد".
وكانت الغرفة التجارية قد حذرت الحكومة، في تقارير صدرت مؤخراً، من ارتفاع حاد في أسعار السلع، مطالبة الدولة بتشديد الرقابة على الأسواق وزيادة المنتجات المدعومة في المجمعات الاستهلاكية.
وقال رئيس شعبة الخضروات والفاكهة بغرفة القاهرة التجارية، يحيى السني، لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع الأسعار يرجع إلى أن مصر من أكثر الدول في العالم اعتماداً على الاستيراد حيث تصل نسبة استيراد بعض المنتجات مثل الزيوت إلى أكثر من 90%.
وتستورد مصر أكثر من 70% من احتياجاتها بما يقدّر بنحو 80 مليار دولار سنوياً، حسب إحصائيات رسمية.
وأشار يحيى إلى أن الأسعار عادة ما ترتفع بشكل أكبر مع دخول المواسم مثل رمضان في ظل زيادة الطلب وقلة المعروض، متوقعاً المزيد من ارتفاع الأسعار خلال الأيام المقبلة بسبب تفاقم حالة الانفلات الأمني وضعف الرقابة وتراجع المؤشرات الاقتصادية.
وحسب تجار، ارتفع سعر كيلو اللحوم الحمراء إلى 130 جنيهاً، كما ارتفعت أسعار الدواجن بنسبة 25% حيث وصل سعر كيلو الدواجن البلدي إلى 30 جنيهاً، والبيضاء إلى 25 جنيهاً.




كما ارتفعت أسعار الياميش (المكسرات) التي يزيد الإقبال عليها في رمضان بنسب تتراوح ما بين 20 و80٪، خاصة بعد تشديد البنك المركزي المصري إجراءات الاستيراد.
وتوقع يحيى، مواجهة المواطنين والتجار المزيد من الأزمات في ظل استمرار عجز الحكومة عن تعظيم موارد الدولة من العملة الصعبة، في ظل تراجع مصادر النقد الأجنبي (السياحية، الاستثمار الأجنبي، الصادرات، تحويلات العاملين في الخارج، قناة السويس).
وفي سياق متصل، قال رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، أحمد شيحة، لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع الدولار وعدم توافره خلال الفترة الماضية تسبب في ارتفاع جميع السلع الغذائية والاستهلاكية، بنسبب تتراوح بين 40% و100%.

وأضاف أنه يتوقع زيادة جديدة لأسعار الغذاء خلال شهر رمضان المقبل بنسبة تزيد عن 60%. وأشار إلى أن أزمة نقص توفير الدولار بالأسعار الرسمية عبر البنوك أجبرت المستوردين على اللجوء إلى السوق السوداء بأسعار أعلى بنحو جنيهين.
وقفز سعر الدولار إلى نحو 11 جنيهاً في السوق السوداء، وخفض البنك المركزي قيمة الجنيه بنحو 14% في مارس/ آذار الماضي إلى 8.78 جنيهات للدولار، لكنه هوى بعدها إلى مستويات قياسية في السوق السوداء. ولم تفلح الإجراءات الحكومية في كبح جماح العملة الأميركية في ظل أزمة مالية خانقة رفعت نسبة التضخم.

وشهد معدل التضخم انفلاتاً كبيراً، حيث أعلنت وزارة المالية أن إجمالي التضخم الشهري لأسعار المستهلكين وصل إلى 9.7% خلال يناير/ كانون الثاني 2016، وارتفع التضخم في بند المياه والكهرباء والمسكن إلى 9.3%، والرعاية الصحية إلى 14.2%، والنقل والمواصلات لنحو 22%، والتعليم إلى 24.7%.

واشتكى العديد من المواطنين من ارتفاع الأسعار خاصة السلع الأساسية، مؤكدين أن الدولة تلجأ لمسكنات دون طرح حلول جذرية للأزمات المعيشية التي تفاقمت الفترة الأخيرة.
وأشار الموطنون في حديثهم لـ"العربي الجديد"، إلى أن سيارات السلع الغذائية الرخيصة المتنقلة التابعة لوزارة التموين والقوات المسلحة، لا توجد إلا فى مناطق معينة بالقاهرة وعدد من المحافظات، ولا تكفي المواطنين.



وأكدت الموظفة فايزة أحمد، أن كل السلع ارتفعت أسعارها بشكل عشوائى دون رقابة من الأجهزة الحكومية، خاصة مع قرب شهر رمضان. وقال العامل عبد الله أحمد "57 سنة": "لا نملك سوى الفرجة فقط على ياميش رمضان، فأنا أعيل 3 أبناء، وليس لدي دخل يكفي شراء السلع غير الضرورية. وأضاف: "اتجهنا للمجمعات الاستهلاكية لكونها الأرخص رغم خوفنا من لحوم الجمعيات"، مطالباً الدولة بمراقبة التجار الجشعين، ومنع الاحتكار.

وقالت ماجدة علي "ربة منزل" إن الأزمات المعيشية تتفاقم في ظل عدم وفاء الحكومة بتعهداتها، ولم تصل إلينا أي سلع رخيصة من القوات المسلحة، بل واصلت الأسعار ارتفاعها.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد كرر وعوده أكثر من مرة بخفض الأسعار، وقال في خطاب له الشهر الماضي، "لن يحدث تصعيد في أسعار السلع الأساسية مهما حدث من ارتفاع لسعر الدولار"، مؤكداً أن الجيش والدولة مسؤولان إلى جانبه عن المحافظة على الأسعار، إلا أن الأسعار واصلت ارتفاعها خلال الفترة الماضية.
وأكد محللون أن المؤسسات التي يعتمد عليها السيسي في ضبط الأسعار ضالعة في احتكار معظم السلع المستوردة، وخاصة الزيوت واللحوم، وبالتالي ستفشل في توفير السلع للمواطنين بأسعار مناسبة.
وتعد وزارة التموين المصرية، أكبر متعاقد على السلع الغذائية وخاصة اللحوم والدواجن بنسبة 70% من السوق، وتتولى طرحها في منافذ المجمعات الاستهلاكية ومنافذ الزراعة التابعة للمحافظات.

وقال وزير التموين، خالد حنفي، في تصريحات مؤخراً، إنه يتم تنفيذ خطة رقابة مشددة على جميع المجمعات الاستهلاكية، لمنع تسريب السلع الغذائية ذات الأسعار المخفضة إلى السوق السوداء، إلا أن كل هذه الإجراءات لم تسعف في توفير السلع للمواطنين بأسعار مناسبة.

وما فاقم الأسعار، لجوء تجار وصناع إلى تحديد سعر بضاعتهم على أساس أن سعر الدولار الحقيقي يتراوح بين 14 و16 جنيها للدولار، حسب مصدر مسؤول بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية لـ"العربي الجديد". وأضاف المسؤول، والذي فضل عدم ذكر اسمه، أن أسعار السلع لن تنخفض وستواصل ارتفاعاتها خلال شهر رمضان المقبل نتيجة لزيادة الاستهلاك.
وقال إن مستوردين ومنتجين يستغلون أزمة النقد الأجنبي لجني المزيد من الأرباح، حيث يحتسبون الدولار بقيمة أعلى من أسعار السوق السوداء تحسباً للزيادة في الفترات المقبلة وبالتالي بيع السلع بأسعار مبالغ فيها.
وأوضح المصدر أن بعض التجار يفضلون تخزين بضائعهم الفترة الحالية بهدف الحصول على سعر أعلى خلال الفترة المقبلة، لا سيما مع التوقعات بارتفاع أسعار الدولار في السوقين الرسمي والسوداء الفترة المقبلة.
واستطرد قائلاً، لكن صغار التجار مضطرون للبيع لتدوير البضاعة ودفع رواتب العمال.



المساهمون