صراع الدب والثور في البورصات العربية

صراع الدب والثور في البورصات العربية

04 فبراير 2015
البورصات العربية مسرح لردود الأفعال (getty)
+ الخط -
يعبر المراقبون في الأسواق المالية العالمية عن حركات واتجاهات وتحركات ومؤشرات تلك الأسواق، عبر استخدام العديد من المصطلحات أو التحليلات أو التعبيرات التي كان أبرزها وأكثرها انتشاراً الدب والثور الأميركيين. وهو صراع بين ما تمثله قوة كل من هذين الحيوانين، حيث يكون الدب ‏الثقيل يعبر عن موجة الانخفاض أو الاتجاه الهابط للمؤشر بفعل قوى بيع ضاغطة لها ‏وزن أكبر من قوى الشراء.‏ أما الثور فهو مشهور بكرهه اللون الأحمر، وبالتالي يلاحقه ويرفعه نحو الأعلى، ويمثل الثور بذلك موجات الشراء الكبيرة والتي تنتج عنها ‏ارتفاعات مميزة واتجاه صاعد للمؤشرات في البورصة.‏ 
ومن أشهر الاستخدامات لهذين الرمزين الماليين، هي المنحوتة الموجودة في شارع وول ستريت في ولاية ‏نيويورك الأميركية على هيئة تمثال يعبر عن مواجهة بين الدب والثور، كدلالة على ‏الصراع في السوق المالية الموجودة في نفس الشارع.
وإذا ما أردنا أن نسقط هذا الصراع على واقع حال الأسواق العربية، فيمكن للكثيرين أن يصنفوا المؤشرات في البورصات العربية وفق هذين الرمزين، في ظل ما مرت به الأسواق المالية العربية من ‏صراعات طويلة، كانت الغلبة في معظم الأوقات للدب الذي أنهك قوى الثور العربي.‏
وبالنظر إلى الأزمات المالية وأماكنها الجغرافية خلال الفترة الماضية، نجد أن غالبيتها تركزت خارج محيط الدول ‏العربية وخاصة في المنطقة الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، مع تواجد محدود في النطاق الآسيوي الذي شهد صراع النمور، وتراجع نجمه لصالح الأسواق الغربية. وعلى الرغم من وجود أصل للأزمات التي حلت في بلك الدول، إلا أنها سرعان ما عادت إلى مستويات فاقت في ‏بعضها المستويات التاريخية السابقة، وهي دلالة على وجود عمق اقتصادي يساعد في ‏مواجهة تلك الأزمات دون الحاجة لتخوف طويل الأمد.‏
أما الدول العربية فقد كانت مسرحاً لردود الأفعال التي فاقت حتى الأفعال ذاتها. فقد شهدت ‏معظم البورصات العربية تراجعاً حاداً نتيجة العامل النفسي الذي انعكس بسرعة على الأوراق المالية. إذ إن الأخيرة ‏باتت تعاني من أزمة في الثقة، وما زال الكثير من ‏البورصات العربية يعاني من شح في السيولة الموجهة نحو الاستثمار في هذه الأوراق المالية.‏
وتبقى أهمية الاستثمار في رؤوس أموال الشركات العربية كبيرة لتعزيز دور القطاع الخاص ‏والمشاركة الفعلية في المشاريع الكبرى، تحديداً التي تنفذها الشركات المدرجة في ‏تلك البورصات. وذلك من عبر مشاركة المساهمين والمتداولين، على اعتبار أن المضارب لا يهمه أن تتحصل الشركة على أرباح من مشاريع طويلة الأجل، بقدر اهتمامه بتوزيعات ‏أو إبرام عقود أو تقلبات كبيرة في البورصات.‏
ومن خلال رفع حدة الصراع ما بين الدب والثور الخليجي يسعى المضارب هنا بالحصول على ‏مكاسب كبيرة، جراء هذا الصراع الذي يولد سخونة في تحرك الأموال التي تستطيع ان تحقق ‏فوارق سعرية للأسهم. وبذلك فإن عدم الاستقرار في كثير من الأحيان هو مسعى المضاربين ‏الذين يحسنون اقتناص الفرص بتحقيق مكاسب جراء عمليات الشراء والبيع السريعة.‏
ووفق هذه الصراعات فإن الكل يتمنى لو أن الثور يكسب الجولات، وفق منهج ‏الشراء بأسعار منخفضة والبيع بأسعار مرتفعة، وفق ما حصل ‏خلال العام الماضي في أسواق الخليج، وبعض الأسواق العربية الأخرى ومنها المصرية. ولما كانت أحجام التداولات الخليجية متميزة، فكان لا بد للصراع أن ينجح في تكوين قمم وقيعان ‏على تفاصيل الرسومات البيانية التي أشارت إلى مستويات تم تحقيقها في أعوام سابقة، لتعيد ثقة الكثيرين بتلك ‏البورصات.
ومن خلال تلك التحركات تحققت مكاسب مميزة كانت الأعلى على مستوى العالم ‏وفق الكثير من التقارير الدولية الصادرة في وقت مبكر من العام الماضي. وذلك، قبل أن تخسر ‏الدول جراء انخفاض أسعار النفط ما يعادل 215 مليار دولار وفق تقرير البنك الدولي الذي ‏صدر أخيراً، لتتقلص مكاسب العام الماضي ويعود دب الأسهم إلى ممارسة هوايته في بورصات الخليج ‏بمساعدة دب النفط هذه المرة.‏
وتبقي البيانات المالية والتوزيعات هي الداعم لحركة الثور مرة أخرى خلال الفصل الأول من ‏هذا العام. حيث إنه بعد انتهاء الشهر الأول حققت بورصة مصر في مؤشر ‏EGX30‎‏ أفضل أداء ‏بارتفاعها 10.27% منذ بداية العام، لتحتل البورصة السعودية المرتبة الثانية بنسبة ارتفاع ‏بلغت 5.58%، كما كانت بورصة مسقط التي حققت 3.23% في المرتبة الثالثة عربياً.‏
أما دولياً، تألقت بورصة لندن خلال الشهر الماضي بارتفاعها 3.42%، تاركة مؤشر الداو جونز ‏بخسائر بلغت 3.69% مع خسائر أقل لبورصة قطر التي تراجعت بواقع 3.14%، في حين أن ‏أسواق دبي وأبوظبي حققتا تراجعاً بلغ 2.64% و 1.59% على التوالي، لتكون بورصة ‏البحرين الأقل تراجعاً بنسبة 0.15%.‏