صحّة تعز اليمنية تحت الحصار

صحّة تعز اليمنية تحت الحصار

15 سبتمبر 2016
لا بدّ من إدخال مساعدات طبية كافية(عبد الناصر الصديق/الأناضول)
+ الخط -

تعاني تعز من تردّي الأوضاع الصحية فيها، على خلفية النقص في المساعدات والمستلزمات الطبية.

تتزايد الخسائر البشرية بين المدنيين من جرّاء الحرب الأكثر التهاباً التي تضرب محافظة تعز اليمنية (وسط) منذ 18 شهراً. وتتفاقم المأساة نتيجة تعرّض عاصمة المحافظة، مدينة تعز، لقصف صاروخي ومدفعي عشوائي على شوارعها إلى جانب حصار شبه محكم عمل على توسيع دائرة الأضرار البشرية مع بلوغ الحالات الصحية هناك مراحل أكثر حرجاً. لكنّ الإشارة تجدر إلى أنّ المنطقة لمست خلال الأسابيع القليلة الماضية، استجابة إنسانية وإن محدودة.

في ريف تعز، تعدّ قرية الشقب من أكثر القرى تضرراً من الحصار، ويعيش سكانها أوضاعاً صحية وإنسانية صعبة بسبب القتال الدائر الذي يعوّق دخول أيّ لوازم صحية أو معيشية إليها منذ أشهر عدّة، إلا من خلال طرقات فرعية وعرة.

تستمر الأوساط الصحية والإغاثية في المدينة في توجيه بيانات استغاثة إلى المنظمات الإنسانية الدولية والمجتمع الدولي، تطالبها بالعمل على كسر طوق الحصار لإدخال المؤن والمستلزمات الطبية المنقذة للأرواح. يُذكر أنّ تقريراً لمنظمة الصحة العالمية أشار إلى أنّ مدينة تعز في حاجة ماسة إلى الأدوية التي من شأنها أن تحدث فرقاً إيجابياً في تمكين مستشفيات المدينة من تقديم الخدمة العلاجية لأبنائها المحاصرين، خصوصاً الجرحى من النساء والأطفال من جرّاء القصف على الأحياء السكنية.

يوضح رئيس ائتلاف الإغاثة الإنسانية الدكتور عبد الكريم شمسان أنّ الائتلاف قدّر حاجة المحافظة إلى أكثر من 82 مليون دولار أميركي شهرياً، للاستجابة إلى الاحتياجات الصحية والأنشطة البيئية المتعلقة بالصحة العامة. يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "المحافظة تحتاج إلى خدمات المياه والكهرباء التي ما زالت مقطوعة في المدينة، والتي أفضت إلى مشاكل صحية إضافية. وذلك من أجل ضمان إيقاف التدهور الذي يطاول حياة السكان في المحافظة، فضلاً عن وجود نقص في توفير الوقود اللازم لتشغيل أجهزة المستشفيات التي تفتقر إلى الكهرباء".




في السياق، يقول مصدر إغاثي فضّل عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد"، إنّ "المنظمات مستمرّة في مفاوضاتها مع أطراف الصراع، بهدف السماح لها بإدخال المستلزمات الصحية الأساسية إلى مستشفيات المدينة التي أُغلق معظمها. لكنّ شروطاً وضعت للتجاوب". يضيف: "اشترط الحوثيون تسليم شحنة مواد طبية مقدّمة من إحدى المنظمات الدولية إلى مكتب الصحة العامة في المحافظة لتوزيعها على المرافق الصحية العامة فيها. لكنّ المكتب وزّعها على المرافق الخاضعة لسيطرة الحوثيين فقط من دون الالتزام بالاتفاق".

إلى ذلك، لم تتمكن المنظمات من إدخال المساعدات الطبية عبر الطريق الوحيد المفتوح، إلى مناطق الجنوب ومدينة عدن بعد انسحاب الحوثيين منها بسبب الألغام. لكنّها لجأت إلى إدخالها عبر طرقات ريفية شديدة الوعورة على ظهور الدواب. يُذكر أنّ هذه الشحنات محدودة ولا تستجيب للاحتياجات الضخمة في المدينة ومناطق المحافظة. كذلك، انخفضت فرص الدعم الصحي للمحافظة على أثر اختطاف ثلاثة موظفي إغاثة في المدينة وكذلك ثلاث مركبات تابعة لمنظمة رعاية الأطفال البريطانية (أنقذوا الأطفال).

وبعد المستجدات الأخيرة على الجبهات الجنوبية والغربية للمدينة، قررت المنظمات الإقليمية التدخل بطريقة غير مباشرة اعتماداً على الخبرات المحلية. وخلال الأسابيع الماضية، تمكّن ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز الذي يضمّ 60 منظمة محلية، من إدخال خمس شحنات لمساعدات طبية طارئة انطلاقاً من العاصمة المؤقتة عدن. يأتي ذلك على خلفية معرفة الائتلاف للقرى والطرقات البديلة وقبوله المخاطر التي تنطوي على نقل المساعدات الصحية عبر طرق فرعية صعبة.

وقد نجحت هذه الشحنات في إعادة فتح عدد من المستشفيات التي أغلقت قبل أشهر بسبب فقدان عدد كبير من عناصر التشغيل، مثل الوقود للكهرباء والأدوية والمعدات الطبية. وتلك المساعدات شملت مضادات حيوية ومسكنات آلام وأدوية خاصة بالأطفال وبالأمراض الداخلية، بالإضافة إلى مستلزمات طبية وجراحية مختلفة. ويتوقع الائتلاف وصول الوقود لتشغيل كهرباء المستشفيات خلال الشهر الجاري.

وتعاني محافظة تعز من تجاهل المراصد الإعلامية والحقوقية العالمية، على الرغم من أنّها تعدّ أكثر المحافظات اليمنية المتضررة إنسانياً، منذ مارس/ آذار 2015. فالحرب أدّت إلى إغلاق معظم مستشفياتها لأشهر طويلة. وتبرر المنظمات الدولية والأممية بمعظمها، عجزها عن دعم المحافظة بانعدام الأمن فيها وعدم السماح لها بدخول معظم مناطقها.


المساهمون