واعتبرت الصحيفة في تقرير لمراسلتها في الشرق الأوسط، إيفا بليسنر، من القاهرة أن "اغتيال الصحافي السعودي، الذي أحدث موجة من الصدمة حول العالم، بات الآن (الاغتيال) يستعاض عنه بانتقادات داخل المملكة، التي عادة ما يقوم جهازها الأمني بالضرب بقوة وحسم ضد أي صوت منتقد".
ومضت "يولاندس بوستن" بأن الناس "باتوا أكثر جرأة، وخصوصًا في منطقة غربي الحجاز التي ينحدر منها خاشقجي، ويستغرب المصدومون الذين يتحدثون بهمس أن شخصا مثل جمال خاشقجي تحديدا جرى التخلص منه، فهو كان قريبا من الحلقة الضيقة للأسرة الحاكمة، ويطرحون سؤالا: إذا كان هو (خاشقجي) لم يتم حمايته فمن هو الذي سيجد الحماية؟".
وتنقل الصحيفة عن الناس "المنتقدين لحكم الأمير محمد بن سلمان ووالده بأنهم يتحدثون عما جرى بوصفه جريمة نكراء قامت بها الدولة".
وتوضح الصحيفة أن الحديث بات أوسع الآن حول موائد الطعام وفي الصالونات "فالناس يعرفون أن ولي العهد (محمد بن سلمان) قام في 2015 بتركيز السلطات بين يديه، فاجتاحت المملكة موجة من الاعتقالات، ويكفي كتابة تعليق صغير على تويتر ليوجه للناس تهمة القيام بنشاط إرهابي".
وبعد التذكير بعملية تصفية خاشقجي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، ومجيء "فرقة إعدام بوجود طبيب شرعي بارع بتقطيع الجثث في صفوفها ورجال أمن في النظام" ، تلفت "يولاندس بوستن" إلى أن "هذا الواقع في المملكة جعل السعوديين يمارسون الرقابة الذاتية، فحتى بين الأصدقاء لم يكن أحد متيقنا بمن يثق، فقلة هم من يجرؤون على قول شيء حاسم في العلن، وأغلب من ينتقد ولي العهد (بن سلمان) بشكل علني يقيمون في الخارج ويتهمون بشكل واضح النظام بإعطاء الأوامر لتنفيذ عملية التصفية، ويعتبرون ما جرى أمرا خطيرا على بلدهم".
وتشير الصحيفة أيضا إلى أن الجدل لم يعد يتركز على ما جرى بحق خاشقجي "الناس باتوا يجادلون أيضا حول قرارات الأمير محمد بن سلمان فيما يتعلق بالحرب في اليمن ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران، ووفقا لأحد المصادر فإنه في السابق كان العذر أننا يجب أن نحمي أنفسنا من إيران، الآن يجري طرح أسئلة عقلانية حول واقعية هذا النزاع، على الأقل في الحلقات الضيقة".
واستحضرت الصحيفة تغير الرواية السعودية بشأن مقتل خاشقجي "من الإنكار التام لوجوده في القنصلية في 2 أكتوبر وأنه غادرها بكل هدوء ثم رواية عراك ووفاة بشكل عرضي إلى قول السعوديين يوم أمس الخميس، وبتغير دراماتيكي للرواية إن من قتلوه خططوا وصمموا ذلك مسبقا".
ترى الصحيفة ختاما أن عملية قتل جمال خاشقجي "باتت أمرا مدمرا لولي العهد محمد بن سلمان ولسمعة المملكة وكل ادعاءات الإصلاح، رغم أنه حاول يوم الأربعاء في مؤتمر الرياض الاقتصادي التخفيف من وقع كل ذلك، بوصفه الجريمة أنها بشعة وغير مقبولة ولا يمكن تبريرها، مع تشديده على التعاون التام في التحقيق مع تركيا، وحرصه على العلاقة معها، رغم أن المعلومات تقول إن جثة خاشقجي جرى إذابتها في بيت القنصل السعودي في إسطنبول، وننتظر لنرى إن كان التعاون مع الأتراك سيستمر بعد المطالبة بتسليم 18 مشبوها في عملية القتل".