صادق ح... عميل للاستخبارات الأميركية في صفوف حزب الله

25 سبتمبر 2015
خروقات أمنية متنوّعة ومتكرّرة في صفوف حزب الله (GETTY)
+ الخط -
لم يصدر عن حزب الله بعد أي تعليق أو توضيح رسميين، ينفي أو يؤكد فيهما صحة المعلومات المتداولة عن توقيف قيادة الحزب عملاء لوكالة الاستخبارات الأميركية (سي. آي. ايه) داخل صفوفه. تقول الروايات إنّ الجهاز الأمني في حزب الله تمكّن من كشف شبكة جواسيس داخل صفوفه وفي نقاط أمنية وسياسية حسّاسة، أحدهم مرافق لنائب الأمين العام في حزب الله، الشيخ نعيم قاسم، وآخر يرافق الوكيل الشرعي للإمام الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك في تحركاته. كما يحكى أيضاً عن ضبط ملف عميل ثالث مسؤول عن أمن مجمّع سيد الشهداء (أكبر مجمّع يستخدمه حزب الله لإقامة احتفالاته السياسية والدينية في الضاحية الجنوبية لبيروت)، بالإضافة إلى عنصر ثالث مسؤول عن أمن مستشفى الرسول الأعظم (في الضاحية الجنوبية، الخزّان الشعبي والاجتماعي والسياسي لحزب الله على مدخل بيروت الجنوبي)، حيث يعتبر هذا المستشفى تابعاً لحزب الله وفيه يتلقى مسؤولوه العلاج وإليه يُنقل جرحى الحزب من سورية.

اقرأ أيضاً: الخرق الإسرائيلي الأبرز لحزب الله: ضرب وحدة العمليّات الخارجيّة  

يشدد مطلعون على أجواء حزب الله لـ"العربي الجديد"، على أنّ الحزب يؤكد الخبر الأخير المتعلّق بتوقيف جاسوس "الرسول الأعظم". يشير هؤلاء المطلعون إلى أنّ العنصر الحزبي، ويدعى صادق ح. يتعاون منذ مدة مع السفارة الأميركية من خلال أحد المسؤولين فيها، مع تشديد الحزب على أنّ الجاسوس لم يكن ذا قيمة فعلية بالنسبة لمشغّليه.

بحسب الرواية التي ينقلها المطلعون عن قيادة الحزب، فإنّ صادق كان أحد المسؤولين عن الأمن في المستشفى الذي يعدّ من أكثر المراكز المحاطة بإجراءات الحيطة منذ أكثر من ثلاثة أعوام. فالمستشفى يقع على طريق مطار بيروت، ولكونه مكاناً طبيّاً فهو عرضة لحركة دخول وخروج كبيرة، فعمل الحزب على إقامة حزام أمني كبير في محيطه، مع انتشار متواصل للحواجز على مداخله. وتم تشديد هذه الإجراءات بعد التفجيرات التي استهدفت الضاحية الجنوبية بين عامي 2013 و2014، مع العلم أنه كان يمنع دخول الإعلاميين إلى "الرسول الأعظم" لمتابعة ملفات وأجواء الجرحى الذين كانوا ينقلون إليه بعد هذه التفجيرات، بينما كانت المحطات المحلية والدولية تبث مباشرة من قلب الضاحية ومن أمام المستشفيات الأخرى الموجودة فيها.

يؤكد مسؤولون في حزب الله أمام سائليهم أنّ الجاسوس كان أحطّ الضباط في "الوحدة 1000"، أو وحدة الأمن المركزي في الحزب الموكلة مهام حماية مقرّات الحزب ومراكزه. وتشير رواية الحزب إلى أنّ "صادق مطرود من عمله في المستشفى منذ ما يقارب ثلاث سنوات، لأسباب مسلكية". وبعد محاولات عدة فاشلة لاستعادة عمله السابق، أو لنقله من نقطة عمله إلى أخرى بغية الاستمرار في كسب رزقه، "عمل الجاسوس المذكور على الاتصال بالأميركيين كردة فعل على طرده". مع العلم أنّ داخل الحزب ومؤسساته، ما يشبه "المجلس التحكيمي" لجأ إليه صادق لأشهر في محاولة للعودة إلى وظيفته. ونظراً لاستبعاد صادق عن مهامه الحزبية "تبيّن للفريق الذي جنّده أنه لا يمكن استخدامه والاتكال على المعلومات التي يقدمها"، بحسب ما ينقل المطلعون عن مسؤولي الحزب، مع تشديد هؤلاء على أنّ "الجاسوس لم يكن له أي علاقة بالجسم الطبي أو صلاحية للاطلاع على الملفات الطبية"، إذ تشير الروايات المتناقلة إلى أنّ صادق كان ينقل ويسرّب معلومات حول الأوضاع الصحية لعدد من المسؤولين في الحزب، ومنهم الأمين العام فيه حسن نصر الله، ولو أنّ ملفاً بهذا الحجم لا يمكن أن يوضع في درج أحد مكاتب المستشفى وهو موضوع بالتأكيد غير خاضع للنقاش بين أطباء وضباط أمن مهما علا شأنهم.

اقرأ أيضاً: حرب عقول استخباريّة بين إسرائيل و"حزب الله"

لكن تأكيد كشف العميل صادق ح. على الرغم من أنه لا يزال تأكيداً غير رسمي، يأتي في سياق الفضائح الأمنية المتوالية في صفوف الحزب وأجهزته الأمنية، التي كان أبرزها كشف العميل لإسرائيل محمد شوربا، في ديسمبر/ كانون الأول 2014، أحد ضباط "الوحدة 910" في الحزب، أي الوحدة المسؤولة عن العمليات الخارجية في الحزب. بالإضافة إلى كشف قضية العميل ناصر ح. في بلدة النبطية (جنوبي لبنان)، مطلع شهر أغسطس/ آب الماضي، والذي عَمل لأكثر من سنتين كمهندس في مستشفى "الشيخ راغب حرب" (قيادي مقرّب من حزب الله، اغتاله العدو الإسرائيلي عام 1984) في النبطية، الذي يقصده أيضاً مسؤولون في الحزب.

في هذا الإطار، يشير المطلعون على أحوال حزب الله لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ حالات العمالة والخروقات الأمنية لصفوف الحزب التي تم كشفها "لا تعدّ قيّمة مقارنة بحالة شوربا أو غيره". ففي حال صحّ اختراق الجسمين الأمنيين المحيطين بكل من قاسم ويزبك، فإنّ ذلك "لا يُعدّ خرقاً فادحاً للجسم الأمني والعسكري للحزب، أو بمعنى آخر للتركيبة الأمنية التابعة للحزب الثوري، عكس ما هي حالة شوربا". باعتبار أنّ دور الشيخين قاسم ويزبك سياسي بامتياز، فالأول توكل إليه مثلاً مهمة إدارة ماكينة انتخابية والثاني القيام بلقاءات وجولات روحية ذات أبعاد سياسية.

يخرج المتابعون بخلاصة مفادها أنّ الخروقات الأمنية بدأت تشقّ طريقها إلى جسم حزب الله "بدءاً من القشرة الاجتماعية أو البشرية المحيطة به"، نظراً لعوامل عدة، منها مالية أو مطامع شخصية أو كردة فعل، كما هي حال الجاسوس الأخير صادق ح. مع العلم أنّ أوساطاً في حزب الله سبق وأكدت أنّ الدافع وراء انجرار شوربا إلى "العمالة كان بعداً شخصياً بعد فشله في الحصول على مكاسب معنوية داخل الحزب". وكان الأمين العام السابق للحزب، عباس الموسوي، اغتيل على يد الإسرائيليين عام 1992، وتبيّن لاحقاً ضلوع أحد مرافقيه في التعامل مع العدو. إلا أنّ قيادة الحزب تمكّنت خلال عقدين من تطوير جسمها الأمني والتنظيمي وتطهيره، لتعود وتقع في مأزق الجواسيس والعملاء الذين ارتفع عدد المكشوفين منهم من عامين نتيجة تحقيقات حزبية داخلية وتعاون أمني مع أجهزة لبنانية رسمية متنوّعة.

اقرأ أيضاً: أنطوان لحد... نهاية جنرال العمالة لإسرائيل