شهيد ومصاب ومعتقل في كشوف جامعات مصر

شهيد ومصاب ومعتقل في كشوف جامعات مصر

27 سبتمبر 2015
مصر الأكثر انتهاكاً لحقوق الطلاب في الحرية (الأناضول)
+ الخط -

في 12 يناير/كانون الثاني 2014، قتلت قوات الأمن المصرية الطالب عبد الرحمن يسري في محيط جامعة عين شمس، في أول تدخل أمني في الجامعات المصرية عقب الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز 2013. وفي 19 يونيو/حزيران 2014، خرج عبد الرحمن فاروق وهو صديق يسري، مطالباً بالاقتصاص من قتلته، فألقت قوات الأمن المصرية القبض عليه وأحالته إلى المحكمة العسكرية، التي أصدرت حكماً غيابياً بالسجن المؤبد عليه وعلى ستة طلاب آخرين ألقي القبض عليهم في اليوم نفسه.

قصّة الطالبَين المتوفى والمعتقل، تلخّص وضع الطلاب في مصر، وقد باتت الجامعات المصرية في قبضة الأمن وأشبه بمنشآت عسكرية وفقاً للقانون. وأضحى الطلاب بين مطرقة المحاكمات وسندان القوانين العاصفة بالحريات. يُذكر أن عشرين طالباً لقوا حتفهم إثر اشتباكات داخل أسوار الجامعات خلال العامين الدراسيين اﻷخيرين، أوّلهم عبد الغني محمود (20 نوفمبر/تشرين الثاني 2013) الطالب في جامعة اﻷزهر، وآخرهم أنس المهدي (16 مايو/أيار 2015) الطالب في كلية العلاج الطبيعي في جامعة القاهرة.

اليوم، يمثُل فاروق وهو طالب في كلية الحاسبات والمعلومات في جامعة عين شمس، أمام محكمتين. الأولى عسكرية، على خلفية قضية اقتحام كلية حاسبات ومعلومات، وكان قد حُكِم عليه غيابياً بالسجن المؤبد. أما الثانية فهي محكمة الجنايات، وهو محبوس فيها في قضية قطع خط مترو الأنفاق، في انتظار جلسة المرافعات التي تأجّلت بعدما كانت مقرّرة أمس أمس.

ثمّة ثغرات قانونية عديدة تحيط بقضية "حاسبات ومعلومات" المحكوم فيها من قبل القضاء العسكري المصري، يوضحها المحامي مختار منير من برنامج الحقوق والحريات الطالبية في مؤسسة حرية الفكر والتعبير (منظمة مجتمع مدني مصرية) قائلاً إن "واقعة اقتحام كلية حاسبات ومعلومات، تمت قبل قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإصدار قانون حماية المنشآت الحيوية والمهمة بأربعة أشهر. ومع ذلك، حوّلت القضية إلى القضاء العسكري، خلافاً لما ينصّ عليه القانون. وهو ما يؤكد أن قرار الإحالة إلى النيابة العسكرية باطل من الأساس". بالنسبة إلى منير، "المحاكمات العسكرية ليست فقط استثنائية، لا بل هي تعصف بجميع حقوق المتهم".

وكان السيسي قد أصدر في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2014 قانوناً حول تأمين وحماية المنشآت والمرافق الحيوية تُحال بموجبه الجرائم أو الانتهاكات التي تقع على المنشآت العامة - من بينها الجامعات - إلى النيابة العسكرية. ويسمح بتحويل الطلاب المتهمين في وقائع حدثت داخل حرم الجامعات، إلى النيابة العسكرية. وبالفعل، أحيل 89 طالباً وطالبة إلى القضاء العسكري، منذ إصدار قرار القانون.

وكانت الجامعات المصرية قد شهدت 1552 حالة انتهاك خلال العام الدراسي الماضي، فألقي القبض على 761 طالباً في حين أصدرت الجامعات قرارات تأديبية بحق 523 طالباً من دون أن يمثل هؤلاء أمام مجالس تأديبية عادلة ومنصفة. إلى ذلك، فصل نحو 600 طالب من الجامعات المختلفة، من بينهم 286 حالة فصل نهائي. يأتي ذلك إلى جانب 176 انتهاكاً آخر ما بين اقتحام جامعات، وإتلاف ممتلكات، واحتجاز إداري، وتعدّ بالضرب، وفض تظاهرات، ومنع فعاليات سياسية، ومنع دخول الجامعة وتهديد إداري، بحسب تقارير حقوقية.

اقرأ أيضاً: جامعات مصر تستقبل طلابها بـ"كروت ممغنطة" وإجراءات أمنية مشددة


ومنير الموكّل بقضايا طالبية عدة يُنظر بها أمام القضاء المصري منذ عامين، من بينها قضية حريق كلية تجارة جامعة الأزهر والمتّهم فيها 76 طالباً مع مصوّر صحافي هو أحمد جمال زيادة الذي أخلي سبيله، يوضح أن "جميع قضايا الطلاب المختلقة تأتي استناداً إلى تحريات لجهاز الأمن الوطني المصري، الذي أصبح وحده قادراً على الحكم على الطالب: إما بلطجي وإما بريء. هو يتحكم بمقاليد المحاكمات في مصر". ويلفت إلى أن "القضاء وصل إلى مرحلة، لم يعد يبحث عن دليل براءة المتهم، بل يحكم وفقاً لآرائه وانتماءاته السياسية"، مضيفاً أن "وزارة الداخلية والنيابة والقضاء، هي أذرع السلطة في مصر".

وفي غياب أي معلومات تشير إلى دولة ألقت القبض على نحو ألف طالب في مدة زمنية تقل عن ثمانية أشهر، بمعدّل 125 طالباً/ة محتجزاً/ة شهرياً، تصبح مصر هي الدولة الأكثر انتهاكاً لحقوق الطلاب في الحرية، في العالم.

ويبدو أن العام الدراسي الجديد الذي تستقبله البلاد، لن يختلف كثيراً عن الأعوام الماضية، بحسب ما يقول منير، "إذ إن السلطة التشريعية تعصف بحريات الفكر والتعبير. الطلاب يحاكمون اليوم بموجب قوانين التظاهر والإرهاب والمنشآت العسكرية والبلطجة، بل وحتى بقانون التجمهر الصادر عام 1914 في عهد الاحتلال الإنجليزي والذي كان يستهدف الحراك الوطني". ويبيّن منير أن "في القضايا التي يحاكم فيها طلاب، يحصل فقط 10% منهم على أحكام بإخلاء سبيل أو براءة".

اقرأ أيضاً: عندما تتحوّل المصاريف بعبعاً يخيف الأهل

المساهمون