شلل مصرفي يضرب اليمن... والتحالف يعمّق الأزمة

شلل مصرفي يضرب اليمن... والتحالف يعمّق الأزمة

12 يوليو 2020
ارتفاع حدة الأزمات في اليمن (فرانس برس)
+ الخط -

ارتفعت حدة الصدام المصرفي الذي يشهده اليمن، ويتركز جزء كبير منه في العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية عدن جنوبيّ اليمن، مع تحوّل المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، طرفاً رئيساً في الصراع الدائر منذ نحو شهر بين البنك المركزي اليمني الذي يفتقر إلى الاحتياطي النقدي من الدولار وشركات الصرافة.

وأقدم البنك المركزي اليمني على إغلاق محال وشركات صرافة وشبكات الحوالات المالية بين عدن والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بحجة المضاربة بالعملة.

ورفضت جمعية الصرافين اليمنيين في عدن إجراءات البنك المركزي التي اعتبرتها تعسفية وغير قانونية بحجج غير مثبتة تتعلق بتدهور العملة وسعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، بعد انخفاضه إلى نحو 765 ريالاً للدولار الواحد من 750 ريالاً استقرّ عليها مطلع يوليو/ تموز الجاري.

في المقابل، يشهد الريال ارتفاعاً ملحوظاً في صنعاء ومناطق الحوثيين وصل إلى 555 ريالاً للدولار، بعدما أقدم البنك المركزي الخاضع لسيطرتهم على تزويد الأسواق بالدولار واعتبار الدولار "الأبيض" طبعة 2006 موازياً للطبعة المعروفة في اليمن "بالزرقاء" في المصارفة والإيداع النقدي، والتوجه إلى تفعيل مقاصة الدولار، بحيث يجري التعامل عبرها بين البنوك بالدولارات البيضاء فقط، والزرقاء أرصدة خزائن.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ويرى خبراء اقتصاد ومصرفيون، أن ما يدور من فوضى في القطاع المصرفي والمالي وانهيار العملة نتاج طبيعي لسياسة التحالف (السعودية والإمارات) في اليمن منذ خمسة أعوام، الذي جاء تدخله تحت شعار دحر الانقلابيين الحوثيين. لكن ما حصل بعد ذلك، وفق الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي لـ"العربي الجديد"، أنّ التحالف فرّخ مليشيا أخرى في عدن وجنوب اليمن لتنقلب على الدولة وتعطّل مصالح الناس وتتركهم من دون خدمات في عدن، تماماً كما هو الحال في مناطق الحوثيين.

إضافة إلى ذلك، يذكر العوبلي أن التحالف عمل على تعطيل النظام المصرفي لليمن وتحويل تدفق السيولة عبر الاقتصاد الموازي والسوق السوداء للصرافين وتشجيع عمليات غسل الأموال، "لذا نرى هذه الفوضى في القطاع المالي والمصرفي وتدهور العملة، الناتجة من هذه السياسة التدميرية للتحالف منذ بداية الحرب، وتحديداً منذ وضع السعودية لوديعة مالية مقدرة بملياري دولار في عام 2018، مشروطة بفوائد وتوريد إيرادات ما سُمح بتصديره من إيردات النفط الشحيحة إلى البنك الأهلي السعودي".

ويلفت إلى التداعيات السلبية على الريال بسبب دفع التحالف رواتب بعض قطاعات القوات المسلحة اليمنية بالعملة السعودية والاماراتية نقداً، وتجنب التعامل مع البنوك للوصول في النهاية إلى إضعاف الريال اليمني أمام سلة العملات الصعبة عبر فرض سلسلة من الإجراءات التضخمية أفقدت الريال قيمته وحولت التعامل في السوق اليمني إلى الريال السعودي والدرهم الإماراتي والدولار.

في السياق، يقول مصدر مصرفي في البنك المركزي اليمني في عدن رفض الكشف عن اسمه لـ"العربي الجديد"، إن البنك ينفذ القانون لضبط المضاربين بالعملة في عدن ومناطق أخرى في جنوب اليمن، متهماً شركات ومحال الصرافة بالتسبب مباشرةً بتدهور الريال نتيجة المضاربة بالعملة من قبل فئات من الصرافين وشركات تعمل بلا ترخيص وضوابط قانونية.

ويؤكد المصدر رفض التعامل مع شبكات الحوالات المالية المحلية غير المرخصة، التي تعمل دون رقابة، بموجب تعميم سابق صادر عن البنك بهذا الخصوص، مشيراً إلى ما أقدم عليه المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً من مصادرة أموال حكومية خاصة بالبنك المركزي والاستيلاء على إيرادات الجمارك والضرائب والتسبب بتفجير سلسلة من الأزمات المعيشية والخدمية وتأخر صرف رواتب الموظفين المدنيين في نطاق البنك المركزي اليمني في عدن. ويعتبر علي الشندري، مالك شركة صرافة في عدن، أن تصرفات البنك المركزي هي للتغطية على فشله بعد نفاد الوديعة السعودية من الدولار التي كانت مخصصة لتزويد الأسواق المصرفية والتجار لاستيراد السلع الأساسية، إذ يستخدم البنك حسب ما يقول هذا المصرفي لـ"العربي الجديد"، شركات ومحال الصرافة للهرب من المساءلة التي يجب أن يخضع لها القائمون على البنك في تبديد الاحتياطي النقدي من دون تكوين احتياطي وإعادة الدورة النقدية من العملة المحلية واعتماده بشكل رئيس على النقد المطبوع.

من جانبه، يقول معاذ ناصر، مدير شبكة تحويلات مصرفية، إن السلطات المصرفية الحكومية تذكرت فجأة شبكات التحويلات النقدية التي أوقفوها عن العمل وأنها تعمل بصورة غير قانونية، بعد نفاد الدولار من البنك المركزي، بينما تعمل تحت إشرافه وفقاً لما هو متاح من الإجراءات والأنظمة المعمول بها في اليمن.
 

المساهمون