شركات مغربية تبحث عن التعافي من آثار المقاطعة

شركات مغربية تبحث عن التعافي من آثار المقاطعة

29 ابريل 2019
جانب من احتجاجات على رفع أسعار الحليب (فرانس برس)
+ الخط -

 

لم تتعاف شركة "سنترال دانون" للأغذية، بجانب شركتين عملاقتين في قطاعي الوقود والمياه المعدنية بالمغرب، من تداعيات حملة مقاطعة غير مسبوقة، استهدفت هذه الشركات قبل عام، احتجاجا على رفع الأسعار والاحتكار.

فلا تزال الشركات الثلاث، تسعى لاستعادة حصصها في سوق أربكته حملة المقاطعة. فقبل عام كانت "سنترال دانون" في قلب الحدث بمعرض الفلاحة الدولي في مدينة مكناس شمال شرق المغرب، حيث اعتبر مديرها العام، ديديي لومبلان في 24 إبريل/نيسان 2018، أن المقاطعة التي كانت آنذاك في أسبوعها الأول هي من فعل من وصفهم بـ"إرهابيي الإنترنت" وأنهم "ليسوا وطنيين" .

تلك التصريحات أججت غضب المقاطعين، ما كبد الشركة خسائر كبيرة، ما زالت تعاني من تداعياتها، ما دفعها إلى إعادة النظر في العديد من مشاريعها، بينما كانت تحوز نحو 80 في المائة من سوق الحليب بالمغرب.

يقول مسؤول بارز في صناعة الأغذية لـ"العربي الجديد" إن "سنترال دانون تفادت في العام الحالي لأول مرة الحضور لمعرض الفلاحة الدولي في مكناس قبل أيام، لأنها لا تريد أن تكون في بؤرة الضوء مجدداً بعد الصعوبات التي عانت منها وخسرت بسببها حوالي 53 مليون يورو".

ووفق البيانات الرسمية تراجع إنتاج الشركة من الحليب من 2.5 مليون لتر إلى 700 ألف لتر في عز المقاطعة التي شهدت أوجها بين إبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول من العام الماضي.

ويشير المسؤول في صناعة الأغذية، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن تراجع إنتاج سنترال دانون التي تعد الشركة الأولى في السوق، خدم منافسيها لكنهم يتجنبون الحديث عن المكاسب التي حققوها.

ورغم الجهود التي بذلتها الشركة من أجل استعادة ثقة المستهلكين، وحلول رئيسها التنفيذي في المغرب، من أجل التواصل واقتراح خفض الأسعار، إلا أن مشاكلها لم تحل، وهو ما أثر كذلك على مربي الأبقار الذين يزودون الشركة بإنتاجهم.

ويقول مربي الأبقار محمد الرغيوي، من منطقة دكالة على المحيط الأطلسي، إن المقاطعة أثرت على الأسعار التي تعرضها الشركة لشراء الحليب من المربين، لتتراجع من 45 سنتا إلى 37 سنتا للتر في أفضل الأحوال، ما أدى إلى تراجع نشاط الكثيرين.

وكانت شركة "سنترال دانون" الأكثر تضرراً من حملة المقاطعة، التي أدت كذلك إلى تراجع أرباح شركة المياه المعدنية "أولماس" في حين تكتمت شركة المحروقات "أفريقيا" على الإعلان عن تداعيات الحملة.

ودخلت شركة "أفريقيا" المملوكة لوزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، دائرة الضوء، بعد أن شكل البرلمان لجنة لبحث ممارسات الشركة.

ويعتبر مديح وديع، رئيس جمعية المستهلكين المتحدين في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المقاطعة أدت إلى إعادة إحياء مجلس المنافسة (مؤسسة دستورية) بعد أربعة أعوام من التجميد، حيث يمكن أن يبدي رأيه في وضع المنافسة في السوق والاختلالات التي يمكن أن تشوبها عبر الاحتكار أو الاتفاقات الصريحة أو الضمنية بين الشركات، بما يضر بمصالح المستهلكين.

ويقول وديع إن "المقاطعة ساهمت في دفع الشركات إلى إدراج المستهلك ضمن استراتيجياتها، فبعدما كانت ترى فيه مشترياً للسلع والخدمات، أضحت تدرك أنه صاحب اختيار، ويمكن أن يعبر أن رفضه لما يعرض عليه، وقد يعمد إلى التعبير عن الغضب عندما تكون الأسعار مرتفعة عن الحد المعقول أو لا تتوفر فيها الجودة المطلوبة".

ودفعت المقاطعة شركتي "سنترال دانون" و"أولماس" إلى خفض الأسعار وطرح منتجات جديدة، استجابة لمطالب المقاطعين، كما خفضت شركات الوقود أسعار المنتجات خلال فترة المقاطعة.

ويري مراقبون أن المقاطعة التي انطلقت في 22 من إبريل/نيسان من العام الماضي، عززت من توجه الحكومة أخيراً نحو وضع سقف لأرباح شركات الوقود.

وأعلن الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، في الثالث والعشرين من مارس/آذار الماضي، أنه تم التوصل إلى اتفاق مع شركات توزيع الوقود، لتحديد أسعارها وهوامش أرباحها لمدة عام.

وقبيل الإعلان عن الاتفاق، اتهم الداودي، في لقاء مفتوح نظمته الأمانة المحلية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في مدينة سلا (قرب الرباط)، شركات توزيع المحروقات، بالحصول على أرباح من جيوب المواطنين بسبب غياب تسقيف الأسعار، مشيرا إلى أن أرباح الشركات وصلت إلى حوالي 2.33 درهم للتر البنزين، بينما كانت قبل تحرير الأسعار نهاية 2015 في حدود 0.75 درهم للتر.

لكن تطبيق الاتفاق الذي تحدث عنه الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، قبل نحو شهر، لم يطبق على أرض الواقع، ما يشير إلى إمكانية عودة الاحتجاج على الأسعار إلى دائرة الضوء مجدداً، ولا سيما أن الشركات لم تتوقف عن رفع الأسعار منذ نحو شهرين.

ورفعت شركات توزيع الوقود أسعار الوقود خمس مرات منذ منتصف فبراير/شباط حتى منتصف إبريل/نيسان الجاري، وفق رصد لـ"العربي الجديد" بينما برره "تجمع البتروليين"، الذي يمثل مصالح الموزعين في المغرب، الزيادة إلى ارتفاع أسعار النفط الخام عالميا وصعود تكاليف النقل والتخزين.

ووصل سعر السولار في محطات الوقود بالدار البيضاء، إلى نحو 9.64 دراهم (الدولار يساوي 9.58 دراهم)، بينما قفز سعر البنزين إلى 11.3 درهما.

المساهمون