شركات التكنولوجيا تستدرك مشكلات التمييز

شركات التكنولوجيا تستدرك مشكلات التمييز

13 يوليو 2020
حوالى نصف موظفي "فيسبوك" من البيض (نوح برغر/فرانس برس)
+ الخط -

تحاول الشركات الأميركية التعويض دفعة واحدة عن سنوات من التلكؤ في مواجهة مشكلات التمييز، منذ تفعيل حركات مناهضة العنصريّة في الولايات المتحدة الأميركية وحول العالم، بعد مقتل مواطن أميركي أسود خلال توقيفه من قبل الشرطة في مايو/أيار الماضي. وانقسم توجّه الشركات على مستويين، الأول من خلال تقنيّاتها وتطبيقاتها ومنصّاتها، والثاني داخلياً.
بالرغم من أن شركات عملاقة في مجال التكنولوجيا تعهدت سنة 2014 بتوظيف موظفين يعكسون بصورة أفضل تنوع الشعب الأميركي المؤلف بنسبة 13 بالمائة من السود و18 بالمائة من الأشخاص المتحدرين من أصول أميركية لاتينية، إلا أنّها بدأت فعلياً خطواتٍ لتحقيق ذلك أخيراً.
وقالت "فيسبوك" حينها "نطور منتجات توفر تواصلا بين العالم، لذا نحن في حاجة إلى فريق يفهم مختلف المجتمعات والأصول والثقافات ويعكسها". لكن في خلال خمس سنوات، لم ترتفع نسبة الموظفين السود في الشبكة سوى من 2 بالمائة إلى 3.8 بالمائة، وتلك العائدة للمتحدرين من أصول أميركية لاتينية (في الولايات المتحدة) من 4 بالمائة إلى 5.2 بالمائة. وفي الولايات المتحدة، تضم "فيسبوك" 44.2 بالمائة من البيض و43 بالمائة من الآسيويين، بحسب "فرانس برس"، التي أشارت إلى أنّ نسبة السود الموظفين في "غوغل" 3.7 بالمائة (في مقابل 1.9 بالمائة سنة 2014)، مع حصة أدنى في وظائف الهندسة، خصوصا في مواقع المسؤولية. هذه الأرقام المسجلة أيضا في باقي شركات القطاع وفي قطاعات أخرى (باستثناء الوظائف التي تتطلب تأهيلا علميا متواضعا) لم تعد مقبولة في الولايات المتحدة بعد مقتل جورج فلويد. فمنذ وفاة هذا الأميركي الأسود تحت ركبة شرطي أبيض، نهاية أيار/مايو، تضاعف الشركات جهودها لزيادة التنوع تحت ضغط الشارع وشبكات التواصل الاجتماعي، حسبما تؤكد "فرانس برس".
وتنقل عن مؤسس شركة "ذي سوشل إنجينيرينغ بروجكت" الناشطة من أجل التنوع في قطاع التكنولوجيا، كيفن نيكولز، قوله: "أتواصل حاليا مع المسؤولين الكبار أنفسهم الذين كانوا يتمنعون عن لقائي قبل عام، حين لم يكونوا يأخذون مشكلات موظفيهم على محمل الجد".

غير أن المهمة الأصعب تبقى تغيير العادات المعتمدة في الأنظمة الداخلية للشركات. وتوضح كريستين (اسم مستعار) وهي امرأة سوداء كانت تعمل سابقا في "غوغل"، "في بادئ الأمر، يكون الناس متحمسين جدا. هم يظنون أن المهمة ستكون سهلة لأنهم يعتقدون أن المشكلة خارجية وسيحلها أحد آخر. لكن عندما يدركون أن عليهم أن يغيروا أنفسهم يختلف الوضع".
ويقول رئيس شركة "بايلوتي" الناشئة في مجال التكنولوجيا جيمس نورمان "عندما يوظفون، هم يفكرون تلقائيا في الأشخاص الذين يشبهونهم ويتشاركون معهم النظرة عينها إلى العالم ويشعرونهم بالراحة في المجمل". وعادة ما تبحث شركات التكنولوجيا عن موظفيها في الجامعات الكبرى أو تستند إلى توصيات موظفيها وهم بأكثريتهم من البيض وأصحاب الأصول الآسيوية.
كذلك تسهم في ترسيخ هذه الحلقة المفرغة بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة لفرز السير الذاتية. وتستند هذه التطبيقات إلى بيانات قائمة تستنتج منها على سبيل المثال أن المهندس هو رجل أبيض في سن ثلاثين عاما. ويلفت كيفن نيكولز إلى أن "بحوثا كثيرة أظهرت أن الخوارزميات تستثني الأشخاص الذين توحي أسماؤهم بأنهم من أصل أفريقي". وتتحدث كريستين عن معادلة سائدة على نطاق واسع في القطاع، ومفادها أن البيض يتم توظيفهم على أساس قدراتهم، فيما يُختار السود بناء على خبرتهم. وتلفت إلى سؤال تكرر على مسمعيها في اجتماعات كثيرة وهو "ألا يمكن لجهودنا من أجل التنوع أن تتسبب في تراجع المستوى لدينا؟".
وتدخل تقنية التعرف إلى الوجوه ضمن القضايا العنصرية المثيرة للجدل في قطاع التكنولوجيا، والتي تحاول الشركات استدراك أخطائها فيها. وأعلنت شركات "مايكروسوفت" و"آي بي أم" و"أمازون" إحجامها عن بيع تقنية التعرف إلى الوجوه لإدارات الشرطة في الولايات المتحدة، إلى حين صدور قانون فيدرالي ينظم استخدامها، وسط الاحتجاجات الأميركية المناهضة للعنصرية ووحشية الشرطة. وتدعو منظمات حقوقية عدة، وأبرزها "الاتحاد الأميركي للحريات المدنية"، منذ سنوات، إلى الكف عن تزويد الشرطة بتقنيات التعرف إلى الوجه، بينما استثمر عمالقة التكنولوجيا موارد ضخمة في تطوير هذه الأنظمة، فـ "مايكروسوفت" مثلاً موّلت أيضاً الشركة الإسرائيلية "أنيفيجن" التي تستخدم تكنولوجيا التعرف إلى الوجوه لمراقبة الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

المساهمون