شجر مُغرَّر به

شجر مُغرَّر به

11 ابريل 2014
سلافة حجازي / سوريا
+ الخط -

يعملُ القاتلُ ليل نهارٍ
مِنْ أَجل أَنْ يعدِلَ بيننا،
تَمَاماً مثلَما تفعل أُمٌّ مع توأَميها الْجميلَيْن.
...

أقصد:
أن يصير لكل واحد منا رصاصته الحصرية
بما يلزم من كيمياء الحقد
وجرعات الألم.


*

يا لسوء حظ الشجرة التي انتهت بها الأقدار عقبا لبندقية،
أو مقبضا لسكين في يد سفاح
...
تكفيراً عن ذنبها
تتعرى الشجرة من أوراقها كل خريف
و تبذل أغصانها ملاذا للعصافير وأعشاشها.

طوال سنوات عمري وبحكم صداقتي للشجر
كنت أنظر للمقابض الخشبية التي للسكاكين كشجر مغرَّر به
ولا أحتمل كل من انحدر به المجاز ليصف اللغة بالخشبية.


*

أشك أن العقول العاكفة على تجويد القتل في ظلام المختبرات
قد سمعت يوما ما باسم الشجرة
أو شاهدت أغصانها تتمايل مثل ضفيرة
في صباح ربيعي مشمس.


*

أقسى من الرصاصة في القلب
القلب المتمترس خلف الرصاصة.


*

حتى معامل الألعاب صار همُّها محاكاة فكرة الموت
وتبسيطها للصغار
فهي تنتج لهم دبابات صغيرة
وأسلحة أوتوماتيكية
ورصاصات بلاستيكية ملونة،
كأني بهذا القاتل المختبئ في مكان ما من العالم
يخشى عليهم أن يعتنقوا شريعة الحب.


*

إن كان من شيء حسنٍ فيك أيتها الرصاصة فهو وفاؤُكِ وأمانَتُك في نقل فكرة الموت كاملة غير منقوصة لصدر الضحية.


*

لكل قاتل كتاب
يبسط فيه فلسفته في الموت
وشعب مهما ضَؤُلَ عدده
يحفظ مضامينه عن ظهر دم
رصاصةً رصاصةً
وجثةً جثةً.


*

في كل حرب،
الرصاصة الأولى تكون حاسمة
في تشكّل فكرة الجريمة أيا يكن الكتاب الذي تستند إليه.


*

وهي تخترق جسد الضحية
تذكرت الرصاصة طفولتها في سعير الأفران
...
كان ذلك كافيا لتتبجح بفعلتها
وتنام مرتاحة البال في ضلع الضحية.


*

هذا هو الشاعر:
بقليل من الشعر
يستطيع، من دون ألم، إخراج رصاصة من صدر الضحية
ويجعل القاتل يكره وجهه في المرآة.


*

إن كان لا بد من الألم
فلتكن الطلقة دقيقة
...
فلا أسوأ للضحية من رام مبتدئ.



* شاعر من المغرب

المساهمون