شبح النفط

شبح النفط

03 أكتوبر 2014
ارتفاع أسعار النفط أثر على موازنات الدول غير النفطية(أرشيف/Getty)
+ الخط -

في دول عربية، النفط مغنم، وفي أخرى مغرم.. هذا ما يعكسه الوضع الحالي لأسعار النفط في الأسواق العالمية، فقبل ثلاثة أشهر، خيم شبح تسجيل ارتفاعات صاروخية جديدة في أسعار النفط في عدد من الدول العربية. 
في تلك الأثناء، كانت بلدان عربية عدة تصارع من أجل تنفيذ إجراءات تتسم بحساسية سياسية مفرطة؛ لإصلاح أنظمة الدعم التي أرخت بثقلها على موازناتها العام الماضي، وصارت تهددها بعجز مالي مستديم حتى غدت المحروقات تحديا يشكل تهديدا حقيقيا لمالية هذه الدول واقتصاداتها.
وكان بديهيا أن تكون المحروقات أولى ضحايا رفع الدعم عن المواد الأساسية؛ على اعتبار أنها المادة الأقل استهلاكا من قبل الفقراء، ضمن سلة المواد المعنية بأنظمة الدعم في الدول العربية.
وعلى هذا الأساس، كان واضحا أن موازنات معظم هذه الدولة كانت في غنى عن ضربة جديدة تعمق عجزها. وقتها، طرحنا السؤال على إدريس الأزمي الإدريسي، وزير الميزانية المغربي، عن إمكانية عودة بلاده إلى القيام بتأمين دولي على أسعار النفط، كما فعلت قبل عام موازاة مع البدء في رفع الدعم عن المحروقات.
وقد بدا الوزير المغربي غير قلق من تطور أسعار النفط، مطمئنا إلى عدم إمكانية خروجها عن السيطرة.
غير أن أسعار النفط خرجت، فعلا، عن السيطرة شيئا ما، لكن في اتجاه معاكس، وهو ما يتفق ومصلحة الدول العربية غير النفطية. كما أن دول الخليج غير قلقة بشأن تهاوي أسعار النفط عالميا، رغم أن إعلان صندوق النقد الدولي عن توقعات أقل تفاؤلا بشأن مالية كل من السعودية والكويت.
المؤكد أن هذه الدول غير النفطية، العربية تحديدا، تنتظر الإجراءات التي ستقرها منظمة "أوبك" للتحكم في أسعار النفط، آملة ألا تؤدي غارات التحالف الدولي على نفط "داعش" إلى ارتفاعات جديدة في الأسعار لا تتحملها موازناتها العليلة.
ويزداد هذا الترقب في الدول التي تباشر رفعا، كليا أو جزئيا، للدعم عن المحروقات، على اعتبار أن هذه الخطوة تكتسي حساسية سياسية مفرطة وتلقى معارضة شعبية قوية، رغم إلحاح صندوق النقد الدولي لوقف نزيف موازناتها.
ومن شأن استمرار أسعار النفط في مستوياتها الحالية، إذا تواصل الانخفاض، أن تمنح حكومات الدول العربية غير النفطية متنفسا في تدبير ماليتها العامة، يضعها في موقف أقل حرجا في مراجعاتها المقبلة مع صندوق النقد. لكن إلى متى ستواصل الدول غير النفطية؟ لا تنبؤات، للأسف.

المساهمون