سيول الجزائر تخلّف خسائر بشريّة وماديّة

سيول الجزائر تخلّف خسائر بشريّة وماديّة

02 ديسمبر 2014
يجب إيجاد حلّ للمشاكل المتكرّرة مع كل شتاء(فرانس برس)
+ الخط -

لم توفّر العاصفة التي ضربت الجزائر في الأيام الأخيرة، لا البشر ولا الحجر. فقد تسبّب سوء الأحوال الجويّة في قتل وجرح عدد من المواطنين وفقدان آخرين، في حين سجّلت انهيارات في المباني السكنيّة وغيرها من الخسائر الماديّة. وهو ما خلّف هلعاً ورعباً كبيرَين، دفعا بعائلات بأكملها إلى إخلاء منازلها.

في المناطق الداخليّة، لا سيّما في الجنوب الغربي، كالنعامة والبيض، كانت الخسائر الماديّة كبيرة نتيجة الفيضانات، مما أدى إلى سقوط بعض المساكن وقطع بعض الطرقات الداخليّة في الولايات وطرقات أخرى، تصل المناطق بعضها بعضاً.

وقد أفادت مصالح الحماية المدنية الجزائرية بأن ولاية البليدة شهدت، أمس الأوّل، وفاة مسن بعدما سقطت على رأسه لافتة إعلانيّة بفعل الرياح. وأصيبت، أيضاً، عجوز في وسط مدينة البليدة بجروح خطيرة في الرأس، بعدما سقط عليها حجر قرميد فتمّ نقلها إلى المستشفى.

وتسبّبت الأحوال الجويّة في سقوط العديد من كوابل التوتر العالي الكهربائيّة، في عدد من أحياء المدينة على غرار الحيّ الفوضوي في خزرونة، وهو ما جعل السكان يشلون حركة القطارات، خصوصاً أن عدداً من أسطح المنازل اقتلع بفعل الرياح، مما أدى بالسكان إلى المطالبة بالتعجيل بنقلهم.

وعاشت مناطق ولاية البليدة حالة من الترقّب بعدما هدمت بعض المنازل في منطقة الشفة، وتمّ إخلاء مدرسة ثانوية بعد تطاير قرميدها. أما في ولاية سطيف، فقد توفي طالب جامعي متأثراً بجروحه إثر سقوط جدار منزله الكائن في منطقة قصر الأبطال.

إلى ذلك، أجبرت السيول معظم سكان أحياء ولاية بشار، جنوب غربي الجزائر، على قضاء لياليهم في العراء، إذ أدّت الأمطار المتساقطة إلى انسداد قنوات الصرف الصحي والتسبّب بفيضانات كبيرة جرفت معها كل ما اعترض طريقها وأغرقت أحياءً بأكملها.

وكان السكان قد اشتكوا سابقاً من عدم توفّر قنوات لتصريف مياه الأمطار منذ فيضانات أكتوبر/تشرين الأول 2008. وسجّلت حالة وفاة لطفل جرفته المياه، في حين فُقِد شخصان بعدما أتت السيول على مركبة كانا على متنها.

فأعطت قيادة الناحية العسكرية الثالثة تعليماتها لتقديم الدعم الضروري لسكان المناطق المتضرّرة في ولاية بشار وضواحيها، بحسب ما جاء في بيان لوزارة الدفاع الوطني.

أما في بني ونيف في تندوف، فقد تسببت الأمطار في انهيار 30 مسكناً من الآجر في قرية حاسي خبي، التي تبعد 360 كيلومتراً عن مركز الولاية. كذلك، لقي طفل (11 عاماً) حتفه في الجهة الجنوبية لولاية النعامة، بعدما جرفته السيول.

وقد تسبّبت عواصف رمليّة هوجاء مصحوبة برياح قوية، اجتاحت معظم مناطق وأقاليم ولاية أدرار، في حجب الرؤية وتعطيل حركة المرور أمام السائقين. وأدّت بحسب مصادر محلية إلى سقوط أعمدة كهربائية في عدد من مناطق جنوبي الولاية وشمالها، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وشبكة الإنترنت.

من جهة أخرى، تتحرّك وحدات مشتركة من درك وطني وحماية مدنيّة بشكل مكثّف في مناطق البدو الرحل، بهدف إقناعهم بدخول المدن. ويأتي ذلك في وقت يجري الحديث عن فقدان عدد كبير من الماشية وإتلاف محاصيل زراعية.

وقد بلغت درجة الغضب حدّها في أحياء الدبدابة وبشار الجديد وقندهار وجرف الباردة، التي عانت بعدما غمرت المياه منازل السكان. وقد فوجىء بعضهم بالمياه الآسنة، التي غمرتهم بعدما فاضت شبكات الصرف الصحي، مثلما حدث في بشار الجديد وجرف الباردة في العبادلة وحي قندهار، الذي خرج سكانه إلى الشارع للتعبير عن غضبهم. فأحرقوا الدواليب واعتبروا ذلك أبلغ تعبير عن معاناتهم مع مياه الصرف الصحي.

وأمام سوء الأحوال الجويّة، تُطرح أسئلة مشروعة، لعلّ أبرزها حول مدى جاهزيّة البنية التحتية. ويرى يوسف من سكان العاصمة "ضرورة إعادة النظر بطريقة شاملة والبحث عن الحلقة المفقودة بين السلطة والناس، عبر دراسات جادة صادقة ودقيقة".

وترى نبيلة، وهي مهندسة، أن "الجهات الرسمّية في حالة تأهب قصوى، لكن هذا لا ينفي وجود حالات تشوبها عيوب التنفيذ والإهمال وسوء الإدارة عند تنفيذ المشاريع، وخصوصاً تأهيل البنى التحتية وشبكات الصرف الصحي".

من جهته، يقول نبيل، وهو موظف حكومي، إن "المؤسسات هنا، للأسف، لا تفكّر استراتيجياً. فدول كثيرة حول العالم تمرّ بأحوال جويّة مماثلة، من دون أن يحدث فيها ما حدث عندنا". ويشدّد على "واجب إيجاد حلّ جذري لهذه المشاكل التي تتكرر باستمرار مع كل فصل شتاء، وعدم الاكتفاء بالحلول الترقيعية والارتجالية في التعامل من قبل الجهات الرسميّة".