سينما السيارات في موسكو

سينما السيارات في موسكو

22 يونيو 2020
أغلقت روسيا نهاية مارس دور السينما (أنتون نوفوديرزكين/ Getty)
+ الخط -
في محاولة لابتكار طرق جديدة لتخفيف الخسائر في زمن كورونا، وإشباع حاجة عشاق الفن السابع لمشاهدة الأفلام على شاشات العرض الكبيرة من دون مخاطر، بدأت إحدى كبريات دور العرض السينمائية في العاصمة الروسية موسكو، بعرض الأفلام في موقف سيارات مركز "كروكوس" للمعارض. 

وذكرت شركة "كارو"، أن العروض السينمائيَّة في مشروعها الجديد الذي يحمل اسم "كارو" أيضًا ستبدأُ في موقف يتَّسع لنحو 100 سيارة. وأشارت الشركة إلى أنها راعت أن يكون حضور العروض السينمائية من دون أي احتكاك مباشر عملياً، موضحة أنَّ "شراء البطاقات عبر موقعها الإلكتروني، والدخول إلى الموقف يتم عبر تمرير رمز QR على جهاز مسح ضوئي خاص". وذكرت أنَّ "الاستماع إلى الصوت يتطلَّب توليف راديو السيارة على موجة يتم تحديدها". ومن أجل عدم حرمان عشاق السينما من تناول الفوشار والمشروبات الباردة أو الساخنة، تعهدت الشركة بتلبية طلبات الزبائن عبر الحجز المسبق أو أثناء العرض، وإيصالها إلى السيارة. وقالت رئيسة "كارو"، أولغا زينياكوفا، في تصريحات لوسائل إعلام روسية، إن "الجمهور اشتاق كثيراً للترفيه خارج المنازل. وسينما السيارات إمكانية رائعة لمشاهدة الأفلام على شاشة كبيرة من دون أي مخاطر على الصحة". وتعود سينما السيارات إلى موسكو بعد غياب طويل لسنوات، وبعد التفكير بطرق جديدة لعرض الأفلام في ظل ظروف التباعد الاجتماعي والحجر المنزلي المفروض بسبب كورونا. وتؤكد زينياكوفا أن شركتها "تراهن على الاستمرار في تطوير في هذا الاتجاه بعد انتهاء الحجر الصحي"، لافتةً إلى أن "هذا الشكل من العروض لم يكن يجب إهماله". وكشفت الشركة في موقعها على الإنترنت أنَّها تخطط في أقرب وقت لافتتاح عدد من الساحات في موسكو ومدن روسية أخرى لعرض الأفلام في إطار مشروع "كارو تحت النجوم".

ولم تكن العاصمة رائدة في تنظيم عروض سينمائية في مواقف سيارات محددة في روسيا، فقد انطلقت الفكرة من مدينتي كاليننغراد ونوفوسيبيرسك في مايو/ أيار الماضي. في كاليننغراد، يؤكد القائمون على المشروع أن مدخول الحفلات لم يكن كبيراً، ولم يتجاوز 44 ألف روبل (الدولار يساوي 70 روبلا تقريباً) للحفلة الأولى في 8 مايو/ أيار، وتواجدت 98 سيارة فقط. ولم تفرض شركة "ليومن فيلم" المالكة لشبكة من دور العرض في المدينة قيوداً على العدد المسموح به في كل سيارة. وفي نوفوسيبريسك نظمت "سكاي لاين" عرضاً في موقف سيارات في 13 مايو، لكن الحضور لم يتجاوز 13 سيارة، بدخل ستة آلاف روبل فقط، ما جعل الشركة تعيد التفكير بالتجربة. ويشار إلى أن سعر الدخول في عروض موسكو بلغ ألف روبل عن كل سيارة.

ومعلوم أن السلطات الروسية قررت في نهاية مارس/ آذار إغلاق دور العرض المنفصلة أو الواقعة في كبريات المراكز التجارية في العاصمة وباقي المناطق في إطار محاولاتها للحدّ من انتشار كورونا. وفي الأسبوع الماضي قررت السلطات تخفيف القيود، لكنها لم تكشف عن مخطط واضح عن موعد استئناف عمل دور السينما. وتأمل كبريات شبكات العرض بالعودة إلى العمل في نهاية الشهر الحالي أو بداية الشهر المقبل. لكن خبراء توقعوا أن يستمر الإغلاق حتى نهاية آب/ أغسطس. وتشترط هيئات الرقابة الصحية على دور العرض أن تحافظ على مسافة متر ونصف المتر بين الحضور باستثناء أفراد العائلة الواحدة، إضافة إلى تعقيم شامل للصالة وتهويتها كل ساعتين، وزيادة الفترة الزمنية بين العروض. وحسب تقديرات شركة "كارو" فإن الخسارة من اتباع هذه التعليمات سوف تكون كبيرة، قد تصل إلى تراجع الدخل ما بين 35 و40 في المائة. وقالت المدير العام لشبكة "موس كينو" سفيتلانا ماكسيمتشينكو المالكة لعدد كبير من دور العرض في موسكو "سوف نضطر إلى إلغاء حفلتين في كل قاعة عرض يومياً". وفي المقابل أعربت عن أملها في أن "الجمهور اشتاق للسينما بنفس الدرجة لاشتياقه للمطاعم والمقاهي لقضاء أوقات خارج المنازل".

وتواصل شبكات العروض السينمائية البحث عن أشكال جديدة للعمل في ظروف كورونا، ويفكر بعضها في افتتاح دور سينما صيفية، يكون فيها اتباع تعليمات التباعد الاجتماعي أكثر سهولة، أو حتى العودة إلى "السينما المتنقلة"، أو عرض الافلام في الأماكن المناسبة مثل مباني مجمع " فدنخا" ( المركز الروسي للمعارض وهو بناء سوفييتي خصص لعرض إنجازات الجمهوريات السوفييتية في مجال الصناعة والزراعة والعلوم ضمن حديقة في موسكو) أو مسبح "تشايكا". وتنوي شبكة "بيونير" تنظيم عروض تجريبية على جدران بعض المباني الخالية من النوافذ في وسط مدينة موسكو. وأوضحت أن الحديث يدور عن عروض مجانية مع توفير إمكانية الترجمة.

ولم تقتصر خسارة قطاع السينما على دور العرض، بل طاولت أستوديوهات الإنتاج. وأشار المخرج في أستوديو "موس فيلم"، كارين شاخنزاروف، إلى أنَّ واردات الاستديو تراجعت في زمن الحجر الصحي بنحو 90 في المائة، وأن الإنتاج يقتصر فقط على تأمين خدمات البث المباشر للقنوات التلفزيونية. وذكر في تصريحات نهاية إبريل/ نيسان الماضي لوكالة "تاس" أن الشركة تستطيع دفع رواتب موظفيها لمدة عام واحد، معرباً عن أسفه لأن "الموارد التي كان يمكن استخدامها لتطوير العمل تُصرَف حالياً". وقدر خبراء في مجال الإنتاج السينمائي خسائر الاستوديوهات العاملة بنحو 30 مليار روبل بسبب توقف الإنتاج وتأجير الأفلام، إضافة إلى انعدام أي أموال إضافية للاستثمار في المستقبل، وتوقعوا أن يعيش قطاع الإنتاج أزمة عميقة لمدة ثلاث سنوات على الأقل، في حال عدم تقديم دعم حكومي عاجل.

المساهمون