03 أكتوبر 2024
سيد القمني والمزايدة في الوقت الخطأ
كلما أوغل الواحد في الأحداث، ومصائب الزمان وعلله، وأمراض الناس المستعصية على الفهم، أدرك أن نجيب محفوظ (فهمها بدري)، وأنه لم يكن كاتبا فقط، ولا روائيا فقط، بل كان حكيماً، ويعرف أوقات الرخاء والبهللة والريح، بصرف النظر عن مجمل مواقفه السياسية، اختلفت أم اتفقت معه، فقد كان الرجل يضمر بداخله أكثر مما يعلنه، وما يريد البوح به يقطر في الإبداع ومداراة وخفة الصنعة فقط، وباقي الألغاز كان يتركها لفطنة القارئ.
ظل الرجل (تحت مظلته) الواقية يستعيض عن صحبة الصيف بصحبة الشتاء، وعن (الحرافيش) بشلّة أنسه الخاصة جداً، وعن المقهى وصخبه وجروحه الصبيانيّة بهدوء البيت والأسرة العادية جداً، والمنعزلة جداً حتى عن الأهل، وظل وطنه الإبداعي محصوراً في أربعة كيلومترات، ما بين الجمالية وباب النصر والقرافة والتخوم الشرقية لباب الشعرية، ولم يخرج من تلك المساحة إلا لعوامة المخرج أحمد بدرخان في روايته "ثرثرة فوق النيل"، أو إلى بنسيون في الإسكندرية في روايته "ميرامار"، فما حال سيد القمني يصرخ، معلناً، بعد خراب مالطة، أن الأزهر مؤسسة إرهابية، ألم يعرف من التاريخ أن من يناصر الفاشية في بداية تبرعمها يحترق بها أيضاً.
أيريد سيد القمني أن يتقرّب للرئاسة بالمزايدة على الأزهر، في الوقت الذي تمنح فيه حكومة السيسي (وقف معها القمني من أول ساعة وبرّر لها كل طريق للعنف) لمشايخ الأزهر في وزارة الأوقاف مبلغاً شهرياً يوازي ألف جنيه، زيادة على مرتباتهم، على سبيل الرشوة المقنّعة، كي يحوّلهم النظام إلى مخبرين بعمامةٍ لصالحه، فكيف يزايد القمني على الأزهر للرئاسة، وهو (ممثلاً في الكاتبة سكينة فؤاد) والأزهر والكنيسة وشباب الثّوار كانوا جميعا تحت كاب الجنرال في "30 يونيو"، فهل تحوّل الأزهر في سنتين وبضعة أشهر إلى مؤسسة إرهابية؟ وهل الحريات عند النخبة المصرية تتجزأ؟
أليس مَن حبس إسلام البحيري كمَن حبس 176 عضواً لمجلس الشعب، بينهم أساتذة في كليات العلوم ودار العلوم، ومنهم من هو متخصص في فقه اللغة (يعني من مؤلفي الكتب وأصحاب الدم الأزرق مثلك)، ومنهم دكاترة في كليات العلوم والطب والهندسة، وكانوا يفكرون، ولهم طلبتهم ومعاملهم وعياداتهم ومشارطهم الطبية أيضاً، أم أن السجين يكون بلا شأن، إن كان من الإخوان المسلمين، ويكون من أحباب الله والسلطان، حينما يكون كاتباً كإسلام البحيري مثلًا، أو سيد القمني؟ ألم تقف نخبتك المثقفة قبل "30 يونيو" بسنة وبضعة أشهر، مع أحمد شفيق، وقبل "30 يونيو" بأشهر، أمدّت هذا النظام بالدم والغلوكوز في العناية المركزة، كي يستولي على السلطة، وقامت بالتمهيد القانوني للمذابح المتتالية بموافقة وتنسيق ما بين حازم الببلاوي وحسام عيسى ومحمد البرادعي، وهم من زبدة النخبة، ورقصتم على "تسلم الأيادي" بالشيلان في استديوهات أمن الدولة، والدماء تنزف من أجساد الشباب أمام الحرس الجمهوري، وفي ميداني النهضة ورابعة؟
هل حبس إسلام البحيري أغلى إنسانياً من دماء أسماء البلتاجي؟ والذي أظنه تمثيلية متقنة التأليف، هذه المرة، مثل حبس توفيق عكاشة وأحمد موسى والقضايا المرفوعة على مظهر شاهين (أيام كان في الميدان) وفاطمة ناعوت، وكلها: براءة، أليس أنتم الذين فوّضتم السيسي على بياض، كي يعيد لكم وطنكم شفافاً، ورقصتم للإعدامات للخصوم السياسيين، ومنكم من طالب السيسي بسرعة الإنجاز للإعدامات، قائلا (أنجز يا سيسي) بعد (يا ليلة الفض آنستينا)؟
ألم تقل شاعرة حداثية: فوّضت، أنا هدى حسين بهلول، شاعرة مصرية، الفريق عبد الفتاح السيسي لعمل اللازم؟ طيب. الرجل، عمل اللازم وزيادة، تمهّلوا عليه قليلاً، كي يكمل لكم ملايين الشتلات من الورد البلدي والجوري والخزامى على أسطح منازلكم، وكي يعيد الغزالات الشاردات في كردفان وإثيوبيا إلى حدائق حيواناتكم ومتنزّهاتكم الدولية، انتظروا قليلاً، فالورد قادم، والغزالات قادمات، والنعامات أيضاً، والعصافير على كل لون وشكل، وبكل مقام موسيقي ممكن، اصبروا، وبكرة هتشوفوا مصر أجمل، وأحسن.
ظل الرجل (تحت مظلته) الواقية يستعيض عن صحبة الصيف بصحبة الشتاء، وعن (الحرافيش) بشلّة أنسه الخاصة جداً، وعن المقهى وصخبه وجروحه الصبيانيّة بهدوء البيت والأسرة العادية جداً، والمنعزلة جداً حتى عن الأهل، وظل وطنه الإبداعي محصوراً في أربعة كيلومترات، ما بين الجمالية وباب النصر والقرافة والتخوم الشرقية لباب الشعرية، ولم يخرج من تلك المساحة إلا لعوامة المخرج أحمد بدرخان في روايته "ثرثرة فوق النيل"، أو إلى بنسيون في الإسكندرية في روايته "ميرامار"، فما حال سيد القمني يصرخ، معلناً، بعد خراب مالطة، أن الأزهر مؤسسة إرهابية، ألم يعرف من التاريخ أن من يناصر الفاشية في بداية تبرعمها يحترق بها أيضاً.
أيريد سيد القمني أن يتقرّب للرئاسة بالمزايدة على الأزهر، في الوقت الذي تمنح فيه حكومة السيسي (وقف معها القمني من أول ساعة وبرّر لها كل طريق للعنف) لمشايخ الأزهر في وزارة الأوقاف مبلغاً شهرياً يوازي ألف جنيه، زيادة على مرتباتهم، على سبيل الرشوة المقنّعة، كي يحوّلهم النظام إلى مخبرين بعمامةٍ لصالحه، فكيف يزايد القمني على الأزهر للرئاسة، وهو (ممثلاً في الكاتبة سكينة فؤاد) والأزهر والكنيسة وشباب الثّوار كانوا جميعا تحت كاب الجنرال في "30 يونيو"، فهل تحوّل الأزهر في سنتين وبضعة أشهر إلى مؤسسة إرهابية؟ وهل الحريات عند النخبة المصرية تتجزأ؟
أليس مَن حبس إسلام البحيري كمَن حبس 176 عضواً لمجلس الشعب، بينهم أساتذة في كليات العلوم ودار العلوم، ومنهم من هو متخصص في فقه اللغة (يعني من مؤلفي الكتب وأصحاب الدم الأزرق مثلك)، ومنهم دكاترة في كليات العلوم والطب والهندسة، وكانوا يفكرون، ولهم طلبتهم ومعاملهم وعياداتهم ومشارطهم الطبية أيضاً، أم أن السجين يكون بلا شأن، إن كان من الإخوان المسلمين، ويكون من أحباب الله والسلطان، حينما يكون كاتباً كإسلام البحيري مثلًا، أو سيد القمني؟ ألم تقف نخبتك المثقفة قبل "30 يونيو" بسنة وبضعة أشهر، مع أحمد شفيق، وقبل "30 يونيو" بأشهر، أمدّت هذا النظام بالدم والغلوكوز في العناية المركزة، كي يستولي على السلطة، وقامت بالتمهيد القانوني للمذابح المتتالية بموافقة وتنسيق ما بين حازم الببلاوي وحسام عيسى ومحمد البرادعي، وهم من زبدة النخبة، ورقصتم على "تسلم الأيادي" بالشيلان في استديوهات أمن الدولة، والدماء تنزف من أجساد الشباب أمام الحرس الجمهوري، وفي ميداني النهضة ورابعة؟
هل حبس إسلام البحيري أغلى إنسانياً من دماء أسماء البلتاجي؟ والذي أظنه تمثيلية متقنة التأليف، هذه المرة، مثل حبس توفيق عكاشة وأحمد موسى والقضايا المرفوعة على مظهر شاهين (أيام كان في الميدان) وفاطمة ناعوت، وكلها: براءة، أليس أنتم الذين فوّضتم السيسي على بياض، كي يعيد لكم وطنكم شفافاً، ورقصتم للإعدامات للخصوم السياسيين، ومنكم من طالب السيسي بسرعة الإنجاز للإعدامات، قائلا (أنجز يا سيسي) بعد (يا ليلة الفض آنستينا)؟
ألم تقل شاعرة حداثية: فوّضت، أنا هدى حسين بهلول، شاعرة مصرية، الفريق عبد الفتاح السيسي لعمل اللازم؟ طيب. الرجل، عمل اللازم وزيادة، تمهّلوا عليه قليلاً، كي يكمل لكم ملايين الشتلات من الورد البلدي والجوري والخزامى على أسطح منازلكم، وكي يعيد الغزالات الشاردات في كردفان وإثيوبيا إلى حدائق حيواناتكم ومتنزّهاتكم الدولية، انتظروا قليلاً، فالورد قادم، والغزالات قادمات، والنعامات أيضاً، والعصافير على كل لون وشكل، وبكل مقام موسيقي ممكن، اصبروا، وبكرة هتشوفوا مصر أجمل، وأحسن.