سياسات ترامب التجارية فاقمت أزمة كورونا

سياسات ترامب التجارية فاقمت أزمة كورونا

15 مارس 2020
ترامب يعلن حالة الطوارئ في أميركا (Getty)
+ الخط -
في نتيجة غير متوقعة لسياساتٍ انتقدها العالم بأسره، تسببت الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على المنتجات الطبية الواردة إلى بلاده من الصين، في تفاقم الأزمة الحالية، التي شغلت كل أجهزة الدولة، بما فيها أعلى سلطة سياسية في البلاد، على مدار الشهرين الأخيرين، حتى أصبحت تمثل أكبر تحدٍ لفرص إعادة انتخابه في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.

وبعدما فرض ترامب تعرفات على المنتجات الصينية، ومن ضمنها المنتجات الخاصة بالوقاية للأطباء والممرضين والمعدات مرتفعة التقنية المستخدمة في متابعة حالات المرضى، كثفت بكين جهودها لإيجاد أسواق بديلة للسوق الأميركية، وهو ما نجحت فيه بالفعل خلال الأشهر الأخيرة.

ومع تزايد انتشار الفيروس القاتل خارج الأراضي الصينية، وتزايد أعداد المصابين به في الولايات المتحدة، تحاول إدارة ترامب البحث عن جهة تستورد منها احتياجاتها الطبية المطلوبة لمواجهة الفيروس القاتل، بينما يبتعد الجميع عن الإشارة إلى أسباب تدهور الأمور ووصولها للوضع الحالي، الذي لا يرضي أغلب الأميركيين.

وفي اعتراف واضح من إدارة ترامب باتهامات الديمقراطيين السابقة بأن سياسة فرض الرسوم التجارية تعرض صحة الأميركيين للخطر، قررت إدارة ترامب، في هدوء، الثلاثاء الماضي، تخفيض التعرفات المفروضة على مجموعة من المنتجات الطبية الصينية التي تستخدم في مواجهة انتشار الفيروس، لفترة مؤقتة. وتمثل تلك المنتجات، التي فرض عليها ترامب التعرفات، ربع المنتجات الطبية المستوردة في الولايات المتحدة من كل البلدان، وبقيمة لا تتجاوز 5 مليارات دولار.
وفي مرحلة مبكرة وقبل فرض التعرفات على المنتجات الطبية الصينية في صيف 2018، عقد روبرت لايتايزر، الممثل التجاري الأميركي، جلسة استماع مع بعض المتخصصين لاستطلاع آرائهم في الموضوع.

وحذر وقتها مات روان، رئيس اتحاد موزعي الصناعات الطبية HIDA، من تأثير الرسوم المقترحة على القطاع الصحي الأميركي، مؤكداً أن "هذه المنتجات ضرورية لحماية مقدمي الخدمات الطبية والمرضي كل يوم".

وأشار روان إلى أن "منتجات الرعاية الصحية الموجودة بالقائمة المقترحة لفرض التعرفات تستخدم على نطاق واسع وتمثل جزءاً هاماً من استجابة الأمة في الحالات الطارئة المرتبطة بالصحة العامة".

وفي دراسة حديثة صدرت في واشنطن يوم الجمعة، أكد معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن ارتفاع الكلفة وتعطل خطوط الإمداد من المنتجات الطبية الواردة من الصين لا يعد المشكلة الوحيدة المرتبطة بسياسات ترامب التجارية خلال الأزمة الحالية، مؤكداً أن المعاملة السيئة التي تعامل بها ترامب مع حلفاء الولايات المتحدة التجاريين، وتشمل فرض التعرفات على منتجاتهم والتهديد بزيادتها، تزيد من صعوبة العثور على مصدر لإمدادات الأدوات الطبية التي تحتاجها الولايات المتحدة حالياً، خاصة في وقت تمنع فيه العديد من الدول تصدير تلك المنتجات خارج حدودها، حتى لو كانت موجهة للولايات المتحدة.
ونصح المعهد ترامب وإدارته بالاعتراف الفوري بالخطأ، "مع الإلغاء التام والدائم للرسوم على المنتجات الطبية الواردة من الصين، والابتعاد الكلي عن سياسة العزلة، ثم استئناف التعاون مع الحلفاء، باعتباره الأساس الذي قامت عليه السياسة الأميركية خلال العقود السبعة الماضية".

بدورها، أكدت ماريا كاردونا، العضو البارز في الحزب الديمقراطي، أن "حقيقة أن كوريا الجنوبية تختبر عشرة آلاف شخص يومياً ونحن في أميركا لا يمكننا حتى إجراء فحوصات على الأشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض، هو أمر محرج ومهين وخطير".

وأضافت "الفيروس الذي فاجأ العالم وهذا البلد على حين غرة، أظهر بصورة لا تدع مجالاً للشك أنه في ظل ظروف خطيرة ومأساوية للغاية، فإن ترامب للأسف لا يبدو على مستوى المسؤولية".

وفي مقال حديث على موقع "ذا هيل" الإخباري، وعلى صلةٍ بالأمر، انتقدت كاردونا أيضاً أداء ترامب في التعامل مع أزمة انتشار الفيروس، مؤكدةً أنه كان موجهاً بالأساس لحماية فرص إعادة انتخابه في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.

وقالت كاردونا إن ترامب "لم يسع لتوفير مزيد من الفحوصات لاكتشاف المصابين بالفيروس حتى لا يتزايد عدد الحالات المؤكدة إصابتها به، خوفاً من التأثير السلبي عليه في الانتخابات".

وبرغم كل تلك الانتقادات، تمسكت إدارة الرئيس الأميركي بسياساتها السابقة، وأعلن ستيفن منوشين، وزير الخزانة الأميركي، يوم الجمعة، أن الولايات المتحدة لا تفكر في إلغاء شامل للتعرفات المفروضة على المنتجات الصينية، مضيفاً في لقاء مع شبكة "سي ان بي سي ـ CNBC" الإخبارية، أن ترامب يدرس تقديم بعض الإعفاءات للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تأثرت أعمالها بانتشار الفيروس، أو بالجهود المبذولة للحد من انتشاره، بصورة مباشرة.
من جانبه، يضغط مجلس الأعمال الأميركي الصيني لتخفيض الرسوم المفروضة من الجانبين، مؤكداً أن ذلك يدعم بشكل كبير قدرة الاقتصادين الأكبرين في العالم على مواجهة التحديات التي يمثلها انتشار الفيروس فيهما.

وقال كريج ألين، رئيس المجلس، إن "الاقتصادين يعانيان من تحدٍ مشترك، ويتعين عليهما انتهاز الفرصة للتخلص من الآثار السلبية التي سبباها لبعضهما البعض بفرض تلك الرسوم".