سياحة السفاري في جنوب أفريقيا تقاوم كورونا والصيد الجائر

سياحة السفاري في جنوب أفريقيا تقاوم كورونا والصيد الجائر

04 مايو 2020
سياحة السفاري تراجعت بشدة بعد كورونا (Getty)
+ الخط -
توقف السياح عن المجيء للمشاركة في رحلات سفاري في جنوب أفريقيا مع إعلان إغلاق الحدود منتصف مارس/آذار، بسبب وباء كورونا (كوفيد-19)، فوجد الدليل غيرت كروغر نفسه وحيداً وسط الخيام الفارغة للمرة الأولى، منذ بدأ نشاطه هذا قبل 17 عاماً.

يظهر الفيل فجأة على درب مغبرة، ويمد خرطومه مستاء ليشم الدخلاء. ويهمس الدليل وهو جالس ويداه على مقود سيارة رباعية الدفع "في حال تقدم نحو السيارة ومر بجانبها حافظوا على هدوئكم، ولن يحصل لكم أي سوء".

يقترب الفيل ويكاد يلامس السيارة، لكنه يقتنع سريعاً أن وجودنا لا يشكل خطراً، فيلتف على نفسه ويغادر.

ويقول غيرت كروغر مبتسماً "إنه لأمر رائع. لا يمكن تخيل موقع أفضل ليكون المرء محجوراً".

وينظم الجنوب أفريقي (49 عاماً) كروغر منذ 17 عاما رحلات للزبائن في الأدغال في محمية بالوله الخاصة بمحاذاة متنزه كروغر (شمال شرق)، إلا أنه لم يمل بعد من سحر اللقاءات التي يجريها في البرية مع أسود وحيوانات وحيد القرن وغير ذلك. إلا أن وباء كورونا غيّر كل شيء.

فما إن أعلن الرئيس سيريل رامافوسا إغلاق الحدود في منتصف مارس، حتى غادر السياح المخيم على عجلة. وترك أمر العزل الذي اتخذ بعد أسبوعين، غيرت كروغر وحيداً في مخيمه.

ويوضح "لقد سبب فيروس كورونا صدمة كبيرة لنا نحن العاملين في قطاع السياحة. فهذا خبزنا اليومي. وقد اضطر زبائن إلى توضيب حقائبهم والمغادرة في غضون يومين".

وكان مخيمه محجوزاً بالكامل في موسم العطلة الصيفية في نصف الكرة الشمالي.

العام الماضي، استقبل مع موظفيه الستة 700 من محبي رحلات السفاري. ويوضح "أما الآن اضطررنا إلى إلغاء الكثير من الحجوزات لبقية العام الحالي وسنة 2021".

وفي أيام قليلة خلت كل غرف المنطقة من نزلائها، أقفلت متاجر التذكارات أبوابها وعادت السيارات رباعية الدفع المحملة بالأوروبيين والأميركيين إلى مرآبها.

الآن، وحدها آليات الدورية تجوب دروب المحمية الممتدة على 55 ألف هكتار. وقد زادت وتيرتها، لأن حماية الحيوانات تشكل أولوية مطلقة رغم الحجر.

ويؤكد مدير المحمية إيان نواك "لا يمكننا أن نخفض مستوى الأمن. علينا أن نبذل قصارى جهدنا للمحافظة على الحياة البرية وبيئتها الحيوية التي تشكل أساس عملنا. ففي حال اختفى كل شيء لا يمكننا الانطلاق من جديد".

ويوضح "لم نصرف أياً من العاملين لدينا، وندفع لهم أجورهم". وبقي غالبية الحراس محجورين داخل المحمية، للاستمرار في الحرب على الصيادين غير الشرعيين.

ويشير إلى أن "التهديد المحدق بوحيد القرن لم يتغير (..) يجد المجرمون طريقة للتسلل دوماً، وتحتفظ قرون هذه الحيوانات بقيمتها في السوق. لذا سنستمر بالنضال كما في السابق".

والدليل على ذلك، إعلان الشرطة الوطنية الأحد الماضي توقيف ثلاثة أشخاص، وبحوزتهم ستة قرون وحيد قرن، في محافظة مبومالانغا المجاورة.

ومع الحجر، ظهر تهديد آخر غير ذلك الناجم عن العصابات المستعدة لقتل الحيوانات لمد الطب التقليدي الآسيوي.

ويوضح مدير المحمية "هذا ما أسميه صيد لحوم الأدغال. هؤلاء الأشخاص خسروا عملهم بسبب الحجر، وهم جائعون، لذا فهم يصطادون ليأكلوا ولا يأبهون لحماية الطبيعة فهم يريدون البقاء".

ويشير إيوان نوفاك إلى أنه لم يسجل ارتفاعاً في هذا النوع من الجرائم على أراضيه. إلا أن الطبيب البيطري الحكومي في المنطقة كريستيان ستايمان يفيد عكس ذلك.

ويوضح "من المؤكد أن الصيد الجائر يزداد. فالناس باتوا يصطادون بطريقة غير قانونية للحصول على اللحم. بعض المحميات تفضل توزيع اللحوم على السكان، لكن بسبب قانون يفرض معايير معينة توقفت عن ذلك".

ولمواجهة هذه التهديدات كلها يجد عشرات الحراس في محمية بالوله أنفسهم أمام مهمة كبيرة.

ويقول أحدهم ويدعى راين اليز (39 عاماً) "نقوم بدوريات أكثر من قبل. المخيمات خالية ولم يعد لدينا سياح. فعادة يبلغنا المرشدون السياحيون إذا ما رصدوا حركة غير طبيعية والآن علينا تعويض غيابهم".

وتنظم عمليات تحليق منتظمة بالمروحيات فوق الأدغال، ودوريات لوحدة تدخل خاصة مسلحة وتدقيق بالسياج المكهرب المحيط بالمحمية.

وتؤكد شارون هوسمان رئيسة منطقة بالوله، "لن يكون من السهل الخروج من الأزمة. تم الحديث عن ستة إلى 12 شهراً، لا بل 18 شهراً للعودة إلى مستوى الزوار قبل الأزمة".

في عام 2019، استقبلت محمية بالوله نحو 23500 زائر. واستقبل متنزه كروغر الوطني المجاور له أكثر من 1.7 مليون وهو مقفل منذ 25 مارس. وتقول متنهدة "منع السفر عائق هائل".


(فرانس برس)

المساهمون