سوريون محرومون من التدفئة بسبب استمرار أزمة الوقود

سوريون محرومون من التدفئة بسبب استمرار أزمة الوقود

28 فبراير 2019
يفتقدون إلى وسائل التدفئة (Getty)
+ الخط -
يجلس عدي (10 أعوام)، إلى جانب إخوته مجد وسعاد وشيرين، تحت الأغطية، في محاولة منهم للشعور بالدفء، في منزلهم المستأجر في ضاحية قدسيا بدمشق، مع استمرار هطول الأمطار والطقس البارد، في حين خرج والدهم منذ الصباح يحمل عبوة بلاستيكية سعة 20 لترا، ليجلب لهم وقود التدفئة، بعدما نفد بداية الشهر الجاري.

قال عدي ج. الذي طلب والده عدم ذكر اسمه كاملا بسبب مخاوف أمنية: "لم أذهب أمس واليوم أيضاً إلى المدرسة، فالطقس بارد ولا يوجد مازوت فيها، وحتى عندما يوجد في أيام البرد لا نشعر بالدفء، فالمدفأة صغيرة وقديمة، بالكاد تدفئ الطلاب الذين يجلسون بجوارها"، مضيفا ""أشعر اليوم بالبرد يسكن بداخلي بالرغم من أنني منذ الصباح أجلس تحت الغطاء".

أما أبو عدي، فقد عاد من رحلة بحثه عن المازوت خالي الوفاض، مبتلا بماء المطر الغزير، يرتجف من البرد، قائلا: "لم أترك محطة وقود في المنطقة إلا سألتها عما إذا كان يوجد لديها مازوت، لكن دائما كانت الإجابة بالنفي"، وأضاف لـ"العربي الجديد": "يوجد مازوت في السوق السوداء، سعر اللتر الواحد 550 ليرة (سعر صرف الدولار الأميركي الواحد نحو 500 ليرة سورية)، في حين سعره الرسمي 180 ليرة (0.35 دولار أميركي)".

وتابع: "المشكلة أننا في آخر الشهر، وأنا أبدأ بالاستدانة من الأسبوع الأول منه، حتى أنني لا أملك ثمن خمس لترات من المازوت الحر"، وأضاف: "يحرقني قلبي عندما أرى أطفالي يشعرون بالبرد ولا أستطيع أن أحصل على المازوت".

أبو عدي جلب معه بعض الورق المقوى والبلاستيك ليشعل بها مدفأته عل أفراد عائلته يشعرون ببعض الدفء، كما أنه وضع العبوة البلاستيكية من يده جانبا، وغير ملابسه وحمل كيسا من القنب، مستعدا لجولة جديدة عله يجد ما يبقي نار المدفأة مشتعلة.

أما جاره أبو نايف (65 عاما)، فقد قطع الشارع عابس الوجه وثيابه تقطر، يجر أمامه جرة غاز، وهو يتساءل: "متى سنتخلص من هذه الحياة المذلة؟ متى نموت أو نخرج من هذا البلد؟".

أبو نايف كان يقف في طابور الغاز منذ الساعة الثانية بعد منتصف الليل، لكنه حوالى الساعة 11 صباحا تقريبا، بحسب ما قاله لـ"العربي الجديد"، مضيفا: "ذهبت إلى مكتب المختار لأجد أمامي نحو 100 شخص، ووصل العدد في السادسة صباحا إلى نحو 200 شخص ينتظرون أن تأتي سيارة الغاز. المضحك المبكي عندما وصلت السيارة أخذ أمين فرقة حزب البعث العربي الاشتراكي خمس أسطوانات، والمختار خمس، ليتهافت على السيارة عدد من العسكريين من دفاع وطني وأمن، بالنهاية وزعوا 27 أسطوانة فقط على الواقفين في الطابور".

وأضاف "أحد عناصر الدفاع الوطني أخذ على الأقل 10 أسطوانات، يبيع الأسطوانة بما بين 7 و10 آلاف ليرة (19.42 دولارا أميركيا)، في حين سعرها الرسمي 2700 ليرة (5.24 دولارات أميركية)".

من جانبه، يبحث يحيى، وهو سائق تاكسي، منذ أمس، عن مازوت ولم يجد بعد، يقول لـ"العربي الجديد": "زوجتي وضعت مولودا منذ نحو 20 يوما، والجو بارد، والكهرباء يمتد انقطاعها في بعض الأيام إلى 6 ساعات متواصلة، وعندما تأتي يتكرر انقطاعها عدة مرات، وغالبا ما يكون التيار ضعيفا، فلا يمكن الاعتماد عليها للتدفئة".


وأضاف "الأسبوع الماضي كان سعر اللتر 500 ليرة (0.97 دولار أميركي)، اليوم بسبب المطر الغزير، إن وجد، فيباع بـ800 ليرة (1.55 دولار أميركي)، قبل الولادة كنا نضع في المدفأة كل ما يتوفر أماما، حتى بعض الألبسة والأحذية القديمة والبلاستيك، لكن الدكتور حذرنا من تأثير ذلك على المولود، فلا أعلم ما أنا فاعل".

وأشار إلى أن جهات "تحارب المواطن بتغييب أبسط مقومات الحياة، ليهاجر من أرضه"، مستعرضا أمثلة العديد من أقاربه وأصدقائه الذين سافروا خلال الأسابيع الأخيرة إلى لبنان أو العراق طمعا في الحصول على فرصة هجرة أو لجوء.