فوجئ أهالي حيي القدم والعسالي في جنوب دمشق، بتأجيل تطبيق اتفاق الهدنة الذي تم التوصل إليه مع النظام إلى موعد غير محدد نتيجة عرقلة الاستخبارات الجوية.
فبعد اتفاق الهدنة الذي أبرمه الأهالي، أمس الثلاثاء مع النظام، والذي كان من المفترض أن ينفّذ، اليوم الأربعاء، بقدوم محافظ دمشق، بشر الصبان، ليتم رفع السواتر الترابية إيذاناً ببدء تطبيق الاتفاق، تم ابلاغ القائمين على الهدنة أن زيارة الصبان أجلت، إلى موعد غير محدد.
وأفادت مصادر أمنية مطلعة، طلبت عدم ذكر اسمها لـ"العربي الجديد"، أن "عناصر فرع الاستخبارات الجوية المتمركزين في معمل بردى، قصفوا حي الماذنية في القدم بالمدفعية أثناء زيارة المحافظ مع أمين فرع البعث جمال القادري، وقائد "الدفاع الوطني" في دمشق وريفها فادي صقر، ولجنة المفاوضات للمنطقة يوم الاثنين".
ولفت إلى أن "الجوية بعثت رسائل عدة مفادها أن الاتفاق وقّع مع فرع المنطقة (استخبارات عسكرية) وأنهم غير ملتزمين به".
وكانت وسائل الإعلام الرسمية بثّت تقارير تحدثت فيها عن عودة الحيين إلى "حضن الوطن"، إضافة إلى عرض الدمار الكبير الذي لحق بهما، محملة "الإرهابيين المسؤولية عن ذلك".
وكان قد أعلن عن بدء تطبيق هدنة حيي القدم والعسالي جنوبي دمشق منذ يوم الاثنين، في ظل تشكيل "جيش وطني" نصفه من مقاتلين معارضين، في حين تحفظت "جبهة النصرة" على الاتفاق وتوعدت النظام في حال خرقه الهدنة.
وقال الناشط رامي السيد، من جنوب دمشق، إن "اتفاق الهدنة نصّ على تشكيل قوة تحت مسمى "الجيش الوطني" نصفها من مقاتلي المعارضة، وعددهم 400 شخص، 200 منهم من حي القدم و200 من حي العسالي، ونصفهم الآخر من القوات النظامية".
وأوضح أن "هذه القوى سيُعاد نشرها على محيط الحيين ومن مهماتها حفظ الأمن والإشراف على الحواجز".
ولفت إلى أن "أهالي الحيين سيكونون مسؤولين عن أمنهما الداخلي مع المقاتلين المعارضين من مختلف التشكيلات، إضافة إلى المجلس المحلي. وسيشكلون الخط الأول من الحواجز التي ستحصن الحي، ومن ثم تأتي حواجز ما أطلق عليه "جيش وطني" المشتركة من النظام والمعارضة، ومن ثم حواجز القوات النظامية".
وذكر أن من أبرز البنود المتفق عليها بين الطرفين "وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش النظامي من أجزاء حي القدم الغربي، الخاضعة لسيطرته حالياً، إلى معامل الدفاع من جهة وإلى أوتستراد دمشق درعا جنوباً من جهة أخرى".
وأوضح أنه "سيتم تفعيل مخفر الشرطة، وتوكل مهمته إلى الشرطة المدنية التي تتبع لقوات النظام"، مشيراً إلى أن "المخفر سيكون في المنطقة التي يسيطر عليها النظام ويعتقد أن طبيعة عمله ستكون متعلقة بالشؤون المدنية كمنح ضبوط شرطة خاصة بالبطاقة الشخصية".
وأضاف "كما سينشأ مكتب تسوية للأوضاع في محطة القدم لمن يرغب بتسوية وضعه من المطلوبين والمنشقين، بالإضافة إلى السؤال عن المختطفين أو المعتقلين لدى قوات النظام".
وأشار إلى أن "الاتفاق نصّ أيضاً على فتح طريق القدم بالاتجاهين أمام حركة المدنيين، والسماح بعودة الأهالي إلى منازلهم، والسماح بإدخال مساعدات غذائية وعدم عرقلتها، وإعادة تأهيل البنى التحتية للخدمات والنظافة والمياه والكهرباء".
وأضاف أنه "تم الاتفاق على إطلاق سراح المعتقلين من النساء والأطفال، فيما تم التحفظ على مصير المعتقلين الشباب".
ولفت إلى وجود تخوف لدى الكتائب في الحيين من عدم التزام النظام بالهدنة، ولا سيما موضوع المعتقلين، إذ أنه لم يفِ بتعهده بإخراج المعتقلين، في المناطق التي سبق أن وقعت هدن معه".
من جهته، يقول الناشط في حي القدم، أبو عبد الله، لـ"العربي الجديد"، إن "المفاوضات بدأت بين مقاتلي كتائب الجيش الحر وقوات النظام في حيي القدم والعسالي منذ منتصف شهر مايو/أيار الماضي، عقب حصار دام أكثر من سنتين، في ظل قصف شديد تسبب في دمار كبير".
ولفت إلى أنه وقتها "أعلن عن وقف إطلاق النار، وجرت مفاوضات بين ممثلين عن الجيش الحر والمجالس المحلية ووجهاء من الحي، وممثلي النظام السوري وقوات الدفاع الوطني، إلى أن توصلوا إلى هذه الهدنة بعد تعثرها مرات عدة".
وأكد أن "فصائل مسلحة معتدلة وإسلامية عدة تسيطر على الحيين، أبرزها كتائب الصحابة ومجاهدو القدم وكتائب تتبع فرقة تحرير الشام". ووفقاً لأبو عبد الله، فقد شاركت هذه الفصائل إلى جانب المجلسين المحليين في القدم والعسالي في المفاوضات مع قوات النظام. إلا أن جبهة النصرة لم تشارك وتحفظ مقاتلوها على اتفاق الهدنة، وتوعدوا النظام في حال تم خرق الهدنة.