سميرة سعيد: ماذا تُريد من "سوبرمان"؟

سميرة سعيد: ماذا تُريد من "سوبرمان"؟

08 اغسطس 2018
تصفف شعرها وتضع تاتو كأنها فتاة ثلاثينية (فيسبوك)
+ الخط -
أطلقت الفنانة المغربية سميرة سعيد الأغنية الرئيسية لألبومها الجديد، التي تحمل نفس اسم الألبوم "سوبرمان"، الذي يصدر بعد أربع سنوات من عملها الأخير، "عايزة أعيش". تعود سعيد لتقتحم السوق الصيفي وهي تحتفل بعامها الستين. تدخل الموسم وسط ألبومات عديدة، مثل عمرو دياب وإليسا وتامر حسني.

منذ صدور الأغنية، بدأ الهجوم على سعيد وأغنيتها، من الجمهور، وحتى المشاهير أيضاً. وفي نفس الوقت، دافع عنها الكثير على أساس أنها تنقل صورة حقيقية بشكل خفيف وكوميدي، وغيرها من التبريرات التي أطلقها محبّو الديفا. بعيداً عن الهجوم أو الدفاع عن الأغنية بسبب كلماتها، دعونا نلقي نظرة على الأغنية بشكل عام، من خلال رحلة سميرة سعيد منذ أواسط السبعينيات، وكيف وصلت لتقديم أغنية لا يمكن وصفها إلا بأنها لا تليق بمشوار الفنانة الطويل والمليء بالعلامات الفنية. سعيد هي واحدة من الجيل الأكبر على الساحة الفنية، خاصة الساحة النسائية، فهي الأقدم والأكبر سناً، قبل جميع الأصوات النسائية باستثناء ماجدة الرومي التي تكبرها بعام. وهي أكبر من أغلب مطربي الصف الأول الذكور، ما عدا محمد منير وعلي الحجار، لذلك تعتبر سعيد من أهم التجارب الغنائية النسائية في الوطن العربي، فهي تعاونت مع أبرز وجوه السبعينيات، مثل محمد الموجي وبليغ حمدي ومحمد سلطان.


لكل فنان خطة للاستمرار على الساحة الفنية، والنجاح وسط أجيال صاعدة وجديدة. كانت خطة سميرة من بداية الألفينات، وانتقالها إلى شركة "عالم الفن" تحت قيادة المنتج ورجل الأعمال محسن جابر، بعد أن قدمت معه ألبومات منفردة قبل الألفينات، أو إنتاجات مشتركة بين عالم الفن وشركات، أخرى مثل روتانا في ألبوم "أنا ولا أنت" عام 1989. لكن مع بداية الألفينات كان الشكل مختلفاً، منذ ألبوم "يوم ورا يوم" (2002)، و"قويني بيك" (2004)، و"أيام حياتي" (2008)، ثم الانتقال إلى روتانا بعد أحداث الربيع العربي، وتقديم ألبوم "عايزة أعيش" (2015). عند النظر إلى هذه الألبومات، سنجد أن وجودها مع محسن جابر، ترافق معه تغيُّرات في شكل سميرة وتقديم نيو لوك شبابي أكثر مع كل ألبوم، وكأنها خطة للاتجاه عكس الزمن، حتى نصل إلى بوستر الألبوم الأخير، "سوبرمان"، وهي تقترب من فتاة في الثلاثينيات، بقصة الشعر والتاتو. تفعل ذلك وهي تحتفل بعيد ميلادها الستين هذا العام. نستمع منها إلى أغانٍ بنكهة عصرية وشبابية، تحمل الكثير من القوة والحرية لفتاة في مقتبل عمرها، وأيضاً تقف في مواجهة العمر وكأنها تصرخ أن الحياة ممتدة ودائماً تحمل الجديد من دون النظر إلى العمر. اختارت سميرة سعيد أن تقف في صف المرأة المهزومة.




هناك أغانٍ تُشير إلى ما سبق، مثل "ضحكتني" و"الله يسهلك"، و"هو طيب معاكي"، و"محصلش حاجة"، وغيرها من الأغاني في نفس الألبومات، أو حتى في ألبومات قديمة. ولكن هنا في الألفينات كان هناك إصرار واضح على الثورة على الزمن والقيود العاطفية للأنثى بشكل عصري وشاب ويحمل الكثير من الخفة التي تصل ربما إلى حد الإيفيه، لذلك لم يكن تقديم أغنية مثل "سوبرمان" جديدا على سميرة سعيد، فهي تسير في خطاها للنجاح وسط كل المتغيرات التي تحدث في الموسيقى والحياة بشكل عام، هي تتحدى الزمن بالتهكم والغناء.



الأغنية من كلمات شادي نور وألحان بلال سرور، وهو تعاون ليس بجديد للثنائي مع سعيد، بل هو الثنائي نفسه الذي قدم أغنية "محصلش حاجة" و"هوا هوا"، وهما نفس الثنائي الذي قدم الأغنية الرئيسية لتامر حسني "عيش بشوقك". واضح أن الثنائي ناجح في تقديم الأغنية المرتبطة بالإيفيه، كأنه مونولوج فكاهي، وهي قدمته قبلهما في أغانٍ مع غيرهم، لكن واضح هنا أن شادي بحث عن كلمات من داخل وسائل التواصل الاجتماعي، وهي فكرة جيدة وليست جديدة، ومناسبة طالما كانت سميرة سعيد تبحث عن الغناء بشكل مواكب لمفردات العصر وإشكالياته النسائية خاصة. من المنطقي، أيضاً، أن اللحن جاء راقصا وساخراً ومتهكماً، كما هي الكلمات. كما أنه متماشٍ مع طريقة أداء سميرة للأغنية لتصل بها لما هو مطلوب منها.
هكذا، نتساءل: ما الغريب في الأغنية، جعلها تواجه كل هذا الهجوم، هل للسخرية التي تضمنها الأغنية. أعتقد أن ذلك سبب سطحي أو ربما كان سبباً ثانوياً، لكن الأهم من وجهة نظري، هو سوء الكلمات التي أدت إلى ضعف بقية عناصر الأغنية، أو ربما حدث العكس، فسوء اللحن وضعفه ربما هو ما جعل الكلام يظهر وكأنه بطل العمل الفني. جاءت الكلمات وكأنها ممثل لا يمتلك موهبة، ومرة واحدة أسند له دور بطولة منفرد، فظهر ضعف موهبته وقلة حيلته في التمثيل وتقمص الشخصية، كان يجب أن يكون الكلام أكثر تماسكاً، لكن واضح أن شادي نور كان يهرول وراء الإيفيه، وجمع أكثر الكلام المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في أغنية واحدة، ومن المفترض أن يكون اللحن أكثر تماسكاً وأكثر جذباً. على الأقل مثلما جاء في الألبوم الأخير في "محصلش حاجة"؛ إذ كان ضرورياً الاهتمام بالتوزيع أيضاً، رغم أن الموزع هاني يعقوب هو من أكثر الموزعين عملاً مع سميرة في السنوات الأخيرة.

في النهاية، يجب أن نوضح أن كل صناع الأغنية لم يكونوا موفقين في صناعة هذه الفكرة الساخرة أو الأغنية أو المونولوج الفكاهي، أيا كان اسمها وتصنيفها، فما وصلنا من نتيجة نهائية هو شبه أغنية ومونولوج فكاهي ضعيف القوام والموسيقى، لعل سميرة سعيد ستعيد حساباتها مرة أخرى من الناحية الفنية قبل أي شيء، بعيداً حتى عن دلالات كلمات الأغنية أو وجهة النظر التي تطرحها.

المساهمون