سلّة باطون غيّرت حياة نجم الدين

03 اغسطس 2015
أريد تربية أولادي بطريقة تقيهم ذلّ الاستعطاء (العربي الجديد)
+ الخط -

سقطت على رأسه سلة باطون بينما كان يساعد أحد الجيران في بناء بيته، فتغيّرت حياته بعدما أفاق من غيبوبة طويلة فاقداً نطقه وحركته. هو نجم الدين سامي العلي، لاجئ فلسطيني نازح من منطقة الست زينب من سورية، إلى مخيّم عين الحلوة في صيدا (جنوب لبنان).

بعد الحادثة التي عوّقته، خضع العلي (37 عاماً) لعدد من جلسات العلاج الفيزيائي، فاستعاد شيئاً من حركته. لكنه يخبر بكلمات شبه مفهومة، أن المركز الذي كان يقدّم له العلاج المجاني في المخيّم، عاد ليطالبه بتسديد المبلغ المتوجب عليه لقاء الخدمات التي يتلقاها. وعلى الرغم من ضآلة المبلغ، إلا أن العلي عاجز عن تسديد تكاليف العلاج. بالتالي، لازم البيت وعائلته المؤلفة من زوجته وثلاثة أولاد (فتاتان وصبي). وهو يستمر في الحياة اليوم، مستنداً إلى ما تجود به أيدي بعض الذين يتفقدونهم من وقت إلى آخر.

اليوم، يأمل العلي بالسفر إلى ألمانيا لتلقي العلاج، إذ إن "الإنسانية موجودة في الدول الأوروبية بحسب ما أعرف. كرامتي أهينت في بلاد اللجوء وتغيرت أحوالي. صارت حياتي مثل قطار معطّل ينتظر من يصلحه".

في سورية، كان يعمل العلي في "الطوبار" كنجار باطون. وعندما اشتدّت الأحداث الأمنية، نزح قبل ثلاث سنوات إلى لبنان ليسكن في مخيم عين الحلوة. يخبر: "هربنا من عدم الأمان. سكننا في مخيم عين الحلوة لمدة سبعة أشهر. وعندما كنت أساعد أصحاب البيت في بناء منزلهم، وقعت على رأسي سلة الباطون. أصبت بكسر في الجمجمة وشلل في يدي اليمنى".

وعندما عجز العلي عن المضي في حديثه، راحت زوجته تكمل الرواية. تقول: "على الفور، نقل إلى المستشفى. حالته كانت حرجة، لكنها راحت تتحسّن لاحقاً شيئاً فشيئاً. استقر به الوضع على ما هو عليه اليوم". تضيف: "تركنا البيت وبحثنا عن آخر بعدما كثرت المشاكل. فالعلاج توقّف، كذلك هو بحاجة إلى عملية في الرأس تبلغ كلفتها أربعة آلاف دولار أميركي بالإضافة إلى علاج فيزيائي دائم". وتتابع: "لم نتلق مساعدة من أي كان. وبما أن وضع زوجي اليوم صعب، فهو عاجز عن العمل. بالتالي، ما من مورد مادي لنا إلا ما كانت تقدمه لنا الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) من مساعدات. مائة دولار بدل إيجار، وثلاثون للفرد بدل حصة غذائية. لكن الوكالة عمدت منذ مطلع شهر يوليو/ تموز المنصرم إلى إيقاف بدلات الإيجار وتقليل المبالغ المخصصة للحصص الغذائية". وتتنهد قائلة: "لا نعرف ما الذي سيحلّ بنا، ومن أين سنؤمن المال لتسديد إيجار البيت. إلى ذلك، زوجي يحتاج إلى مائة ألف ليرة ثمناً للدواء، بالإضافة إلى المقابل الذي يتقاضاه الطبيب عند الكشف عليه. ونحن لا نعلم ماذا سيحل بنا وبأولادنا الثلاثة. أنا كنت أحرمهم من أمور عدة لتأمين ثمن الدواء لزوجي. كيف سيكون الوضع اليوم مع قرارات الأونروا؟".

وتشير الزوجة إلى أن ممثلين عن منظمات ومؤسسات يزوروننا ويصوّرون أوراقنا، ويعدوننا بتأمين الخدمات لزوجي. لكنهم لا يعودون. نحن نعيش اليوم على ما يقدّمه لنا بعض الجيران الخيّرين".

ويقاطع العلي زوجته قائلاً: "أنا لا أريد مساعدات ولا أريد إعانات. ما أريده اليوم هو العودة إلى حياتي الطبيعية. أنا كنت أعمل وكانت أموري مستورة ولم أكن بحاجة لأي كان. ما أريده هو الخضوع للعملية الجراحية، لأستعيد حياتي". يضيف: "لذلك أرغب في السفر إلى ألمانيا. هناك يحترمون كرامات الناس، وسوف يوفرون لي ولعائلتي كل ما نحتاجه، وسأخضع للجراحة المطلوبة". بالنسبة إلى العلي، شفاؤه يعني العودة إلى وضعه الطبيعي، وبالتالي "تربية أولادي بطريقة لائقة تقيهم ذلّ الاستعطاء والحرمان والعوز".

اقرأ أيضاً: محمد كنعان يحلم بمشروعه الصغير