سكياثوس... جزيرة الأحلام و"ماما مِيا"

سكياثوس... جزيرة الأحلام و"ماما مِيا"

23 ديسمبر 2018
جزيرة الطبيعة والرومانسية (ساندجر دي ويلد/Getty)
+ الخط -
Ma ma Mia her we go again على نغمات نجوم فرقة "آبا Group ABBA " الشهيرة بدأت الرحلة البحرية في مياه أرخبيل "سبوراديس" الشمالية، شمال غرب بحر إيجه، نحو جزيرة "سكياثوس" اليونانية.

وعلى بعد أميال وقبل أن تتراءى الجزيرة "المفاجأة" لأنظار زوارها أخذتهم موسيقى "دانسين كوين Dancing Queen" للفرقة ذاتها نحو عالم الخيال والحب والجمال والمرح، التي اختلطت بسحر أشعة الشمس فوق مياه البحر المتوسط تنبعث وكأنها نور من الجنة.

حملت أنغام "فرقة الآبا" ركاب السفينة لعالم الستينيات وهي تردد Honey Honey and have a faith on me Money, Money، ليبدأ الجميع بالرقص والتمايل والصخب.


لحظات ليست بالقليلة قبل أن يتراءى لهم عن بعد جمال جزيرة مساحتها لا تتعدى الـ49 كيلومترا مربعا وتحمل في أحشائها ما يقرب من 60 شاطئا هي الأجمل، لكل واحد تضاريسه. ليس هذا فحسب بل تحضن تلك الشواطئ مياها كريستالية تستطيع رؤية عمقها من شدة نقائها، ورمالا ناعمة ذات ألوان ذهبية وبيضاء وأخرى رمادية لتبعدهم عن جمال الموسيقى وتعيدهم لواقع أجمل.

المحامي الدكتور أندرو ويليام، وهو سائح أميركي، يجلس على ركن من السفينة منعزلا بعيدا عن الصخب، في يديه كتاب مغلق، شارد بنظره بعيدا في أعماق البحر، اقتربت منه في هدوء حذر بعد الاستئذان في كسر عزلته بسؤال عما يدور في خاطره، رد في هدوء مماثل وقال لـ"العربي الجديد": "هذه هي المرة الخامسة التي أزور فيها سكياثوس. أعشق هذا الهدوء الطبيعي وجمال هذه الشواطئ. فحينما أود الهروب من صخب المدن الكبرى ألجأ لهذه الجزيرة. هنا كتبت رسالة الماجيستير الأولى، وهنا بدأت كتابة أول كتاب لي حول "اختلاط الحضارات والتفرقة"، وهنا تقدمت لزوجتي آنجيلينا، إضافة لعشقي لأشهى المأكولات البحرية الطرية والنبيذ مع الغروب".
مفاجأة شعبية هذه الجزيرة الخضراء والمنتج حديثة الولادة، لم تكن لترى النور ولم يكن صوتها ليسمع عاليا وسط ضجيج الساحة السياحية في اليونان لبعدها عن العاصمة أثينا والجزر المشهورة في بحري إيجة والمتوسط، لولا اختيارها كموقع لتصوير الفيلم الموسيقي الأميركي الشهير "ماما، ميا" الذي ساهم في استقطاب الآلاف من السياح وعشاق الموسيقى الرومانسية والمرح، والراغبين برؤية المواقع الحقيقية التي صور فيها الفيلم.

طرق الوصول إلى هذه الجزيرة لا تقتصر على رحلات بحرية عبر عبّاراتٍ ضخمة أو سفن سياحية تطوف بين الجزر المجاورة، بل ورغم ضيق مساحتها فهي تتمتع بمطار دولي يستوعب رحلات محلية ودولية بمعدل عشر إلى 25 رحلة يوميا في مطار صغير، بل وبمحاذاة شاطئ يعج بزوار يمكنهم السباحة ومشاهدة عملية إقلاع وهبوط الطائرات بل نزول ركابها عن قرب، ما يتيح الفرصة لمعايشة تجربة فريدة من نوعها.
وتستمر السفينة في الإبحار عبر جزر وصخور حول الجزيرة، لكن وقبل الوصل لسكياثوس يعلن قائد السفينة عن الوصول لصخرة هي المفاجأة الأكبر في الرحلة. صخرة "ماما، ميا" تيمنا بالفيلم الذي تم تصوير بعض أحداثه عليها، صخرة ضخمة وسط مياه غير بعيدة عن الجزيرة، ولا تزال تحمل صور أبطال الفيلم أثناء التصوير وبعض اللقطات مع السكان المحليين.

هي صخرة طولها أكبر من عرضها وعلى قمتها كنيسة قديمة حيث تم عقد قران أماندا سايفرايد "صوفيا" التي أدت دور ابنة الممثلة الأميركية ميريل ستريب في الفيلم. لم يكل الزوار من تسلق ما يفوق 300 درجة ضيقة على سلم أفقي فضل العديدون منهم عدم النظر إلى الأرض رغم جمال مناظر تتراءى تحت أقدامهم ووصولا لأعلى قمة الصخرة حيث الكنيسة لا غير.
انتهت الاستراحة على شاطئ الصخرة وشد الربان الرحال نحو الجزيرة مرورا بشواطئ تُسِر الناظر وتمتد لمساحات خضراء لأعالي الجبال، ومجموعة من أجمل المناظر الأخاذة.

لتستمر الرحلة مع أنغام موسيقى السعادة، كما وصفها "ثانوس ميتسوتاكيس"، قائد السفينة، قائلا لـ"العربي الجديد": "لقد تم اختيار موسيقى الرحلة بعناية لكي يشعر الركاب بجمال المكان وبسعادة تنسيهم هموم يومهم خارج الجزيرة، مضيفا أن تنسيق الرحلات البحرية بعناية مهم جدا، خاصة أنها ساهمت كثيرا في إنعاش اقتصاد الجزيرة وتحديدا مع تهالك اقتصاد البلاد وتعاقب الأزمات والهزات المالية التي تواجهها الحكومات المتعاقبة في البلاد، ففي هذه الجزيرة يمكن القول إن معدل البطالة في موسم السياحة صفر في المائة.
انتهت الرحلة البحرية في الربع الأخير من النهار، لكن جزيرة سكياثوس لديها مسارات طويلة أخرى لعشاق الطبيعة للاستمتاع ببرها أيضا، سواء بالسير على الأقدام بين مجموعة من المشاهد المنعزلة البكر، أو ركوب حافلة لشواطئ أو قيادة سيارة والانطلاق إلى أعالي الجزيرة عبر الطرق الوعرة واكتشاف روعتها ما بين كنوزها الخفية وطيبة أهلها.


دلالات

المساهمون