سكان بغداد متلهفون لعودة جسور المشاة

سكان بغداد متلهفون لعودة جسور المشاة

13 سبتمبر 2020
يطالب المواطنون بصيانة جسور المشاة الحالية وإنشاء المزيد (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

تسجل حوادث الدهس ارتفاعاً كبيراً في العراق، خصوصاً في العاصمة بغداد، ويعود معظمها إلى التدمير الذي طاول جسور المشاة

لطالما تميزت العاصمة العراقية بغداد بجسور المشاة، ومنها جسور كهربائية، لكنّ الإهمال الحكومي، والظروف الأمنية، تسببا في تدمير العديد منها، بعد الغزو الأميركي عام 2003.
أمانة بغداد المسؤولة عن جسور المشاة في العاصمة العراقية، بدأت تعلن عن عودة هذه الجسور إلى الخدمة تدريجياً، وهو ما اعتبره سكان العاصمة "إنجازاً مهماً". هذا ما تحدّث به الشيخ عبد العظيم اليوسف، أحد وجهاء مدينة الأعظمية في بغداد، بينما كان ينصح تجمعات للأهالي أقيمت بمناسبات مختلفة، إذ يرى أنّ التوعية باستخدام جسور المشاة أصبحت "فرضاً" عليه أن يؤديه "وهو فرض، على الجميع أيضاً تأديته وذلك لكسب سلامة الآخرين". يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "أغلب الجسور توقف عن العمل منذ نحو 17 عاماً، من جراء الغزو الأميركي، وتضررت هذه الجسور بفعل الأعمال العسكرية المختلفة". ويشير إلى أنّ "شباب اليوم ومن يصغرونهم سناً في حاجة ماسة إلى التثقيف، كونهم لم يعتادوا من قبل على استخدام هذه الجسور التي كنا نعتمدها للعبور والحفاظ على حياتنا وسلامتنا". يتابع أنّه أينما يذهب يحثّ الناس على استخدام هذه الجسور: "لا يمرّ يوم من دون حوادث دهس مؤلمة تقع في مدينتنا، خصوصاً على الطريق السريع، لكن حين يلتزم الجميع بالعبور من جسور المشاة ستنخفض بالتأكيد أعداد هذه الحوادث فيحافظ الناس على حياتهم". ويضيف: "ما يؤسف له أنّ الشباب اعتادوا على عبور الطريق السريع وهم يجازفون بأرواحهم، إذ عليهم اجتياز مساري الطريق المحاط بسياج حديدي، وبعضهم يستأنسون باجتياز هذه الطريق ويعتبرونها مغامرة يتحمسون لفعلها، بينما يسمح للسيارات بالسرعة العالية على هذا الطريق. لذلك، أحرص على حثّ الشباب على استخدام جسور المشاة التي جرى تأهيلها".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وفي آخر إحصاء رسمي معلن صدر عن الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، في 2019، بلغ عدد حوادث دهس الأشخاص في العراق 3548 حادثاً.
لكن تبقى تلك الأعداد غير مكتملة كون بعض حوادث الدهس لا يجري توثيقها، وهو ما يشير إليه ناجي الهيتي، الذي يسكن بالقرب من طريق سريع. يقول الهيتي وهو على مشارف السبعين لـ"العربي الجديد" إنّ "حوادث الدهس أمام منازلنا - نحن الذين نقطن حي السيدية- تحولت إلى حدث عادي. وهناك عدد كبير من الحوادث لم تكن مميتة ونتجت عنها رضوض وكسور بسيطة انتهت بتراضي الطرفين السائق والمواطن المدهوس وبالتالي لم توثق رسمياً". يوضح: "الطريق السريع الذي شيد في ثمانينيات القرن الماضي تقع على جانبيه الأحياء السكنية وهو مسيج ويمنع عبوره، وهناك جسور مخصصة للمشاة أقيمت فوق الطريق تسمح بالعبور بأمان". لكن، وفق الهيتي، فإنّ "الدمار الذي لحق بالجسور أجبر المواطنين على المجازفة بعبور الطريق السريع بين الضفتين"، مشيراً إلى أنّ "هذا الدمار الذي لحق بالجسور نتج عن العمليات العسكرية بالدرجة الأساس وإهمال الجهات المسؤولة ثانياً". يتابع: "كان المقاومون يتربصون بالقوات الأميركية بعد الغزو، عند مرورهم على الطريق السريع ويوجهون لهم ضربات موجعة بعضها كان بزرع الألغام على جانبي الطريق أو رميهم بقذائف صاروخية من فوق جسر المشاة، فعمدت القوات الأميركية إلى تدمير بعض هذه الجسور، وأيضاً بعضها أصيب بالتلف بسبب الزمن وعدم الصيانة". ويقول: "بعد 17 عاماً تمكن السكان هنا من استخدام جسر المشاة، لكنّ ذلك كان بعد دفعهم ثمناً باهظاً هي أرواح عدد كبير من الناس".

كثيرون من لديهم قصص مؤلمة مع جسور المشاة، التي بقي كثير منها لفترة طويلة غير صالح للاستخدام ما أدى إلى وقوع "كوارث" لا تحصى. ابتهال إسماعيل تقول إنّها بقيت طوال أشهر ينتابها الأرق، ولا تتمكن من النوم سوى ساعة أو أكثر بقليل في اليوم الواحد، وذلك لمشاهدتها موت صديقتها حين كانتا تجتازان الطريق السريع. تقول ابتهال لـ"العربي الجديد" إنّ هذا وقع عام 2009، وكانت برفقة صديقتها للذهاب إلى عيادة طبيب الأسنان: "اجتزنا المسار الأول معاً وعند اجتياز المسار الثاني تسرعت صديقتي في اجتيازه ولم تحسن تقدير المسافة بينها وبين السيارة المسرعة في اتجاهنا. فجأة سمعت صوت ارتطام قوياً ورأيت صديقتي تطير في الجو وتسقط على بعد أكثر من عشرة أمتار، ماتت على الفور وكانت الدماء تغطي وجهها". منذ ذلك الحين تقول ابتهال إنّها توقفت عن اجتياز الطريق السريع، مضيفة: "ناشدت مرات عدة المسؤولين المحليين في القطاع البلدي لتأهيل جسور مشاة وإنشاء أخرى جديدة، خصوصاً بعد زيادة عدد السكان لكن من دون جدوى، فعودة جسور المشاة للعمل تمنع وقوع حوادث كارثية مثل التي فقدت فيها صديقتي هند".

المساهمون