سعوديّون ينشئون فريقاً لمتابعة اضطرابات ما بعد الصدمة

سعوديّون ينشئون فريقاً لمتابعة اضطرابات ما بعد الصدمة

29 ديسمبر 2014
البشر معرّضون للكوارث ولحالات الطوارئ (فرانس برس)
+ الخط -

في محاولة للتصدي لنتائج وآثار الاضطرابات الناجمة عن بعض الجرائم والحوادث، مثل جرائم القتل والحرائق والكوارث الطبيعية وحالات العنف الأسري والتحرّش الجنسي وغيرها، أنشأت مجموعة من السعوديّين، أخيراً، فريقاً متخصصاً لمعالجة "اضطراب ما بعد الصدمة".
ولعلّ الهدف الرئيس من ذلك هو معالجة ضحايا حادثة "الدالوة" التي راح ضحيتها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عدد من الأطفال والشباب السعوديّين خلال هجوم مسلح على معزّين في ذكرى عاشوراء.

ويوضح رئيس الفريق، صالح البراك، أن ثمّة "ضرورة لتوعية المجتمع حول أعراض الاضطراب التي تظهر على المتأثرين بالحادث سواء أكانوا كباراً في السن أم مراهقين أم أطفالاً. والتوعية تشمل، أيضاً، مضاعفات التهاون في علاج آثار هذا الاضطراب، وأهميّة العلاج نفسيّاً وبالعقاقير وتأهيلهم اجتماعيّاً، بالإضافة إلى وضع خطط وتصميم برامج تأهيليّة للتصدي للآثار المزمنة المتوقعة". ويتابع، أن الأمر يشمل، أيضاً، "وضع دراسة إحصائيّة لتحديد حجم الأعداد المتأثرة والفئات العمريّة الأكثر تضرراً. فهذا يساعد على إعادة صياغة الخطط والبرامج اللازمة".

ويعرّف البراك اضطراب ما بعد الصدمة بأنه "رد فعل شديد على الحادث الصادم. وأبرز أعراضه استرجاع الحدث الذي سبب الصدمة والشعور بأنها تتكرّر. ويترافق ذلك بكوابيس متكرّرة وذكريات مزعجة، بالإضافة إلى يقظة مفرطة وعصبيّة وصعوبة في التركيز واضطراب النوم. وتحرص الضحية، أيضاً، على تجنّب كل ما يتعلق بالتجربة".
يبلغ عدد أعضاء الفريق 28عضواً، من المتوقّع ارتفاع عددهم تباعاً بحسب تطوّر العمل. أما الاختصاصات فتشمل أطباء استشاريّين في علم النفس، واختصاصيّين نفسيّين واجتماعيّين، واختصاصيّين في التربية الخاصة بالإعاقة العقليّة والنطق والتخاطب، بالإضافة إلى متخصصين في التغذية ورياض الأطفال وعدد من المجالات الداعمة لوجستياًّ وفنيّاً وإداريّاً.

ويشدّد البراك على أهميّة مثل هذا الفريق وجهوزيته، إذ إن البشر معرّضون للكوارث ولحالات الطوارئ، لافتاً إلى أن "الكوارث نوعان: الكوارث الطبيعيّة التي لا علاقة للإنسان فيها، ومنها الزلازل والبراكين والعواصف والفيضانات كما حصل في جدة. والنوع الثاني هو الكوارث التي للإنسان علاقة بها كالحروب والتحرّش والحرائق. ومثال على الحرائق حريق القديح (وهو حريق طال مخيماً قبل سنوات، كان يتمّ فيه الاحتفال بزواج وفي داخله عدد كبير من النساء والأطفال)، وجرائم العنف والقتل الطائفي كما حلّ بأهلنا في الدالوة. وبناءً عليه، يصبح مثل هذا الفريق ضرورة في مجتمعاتنا".

ويعمل الفريق بشكل تطوّعي، تحت مظلة مركز التنمية الأسريّة في العمران، وذلك بالتعاون مع لجنة رعاية أسر الشهداء والجرحى المصابين في الدالوة. وأبرز الصعوبات التي تواجه الفريق حاليّاً، هي وجود عدد كبير من كادر اللجنة خارج محافظة الأحساء بسبب ظروف العمل أو الإقامة، بالإضافة إلى عدم الانتهاء بعد من حصر الفئات الأكثر تضرراً. لكن، وبحسب ما يبدو، فإن من كان حاضراً عند وقوع الحادث هم من فئة الأطفال والمراهقين، لذا من المتوقع أن يكونوا هم أكثر الفئات تضرراً والمحتاجين للرعاية والاهتمام. ويوضح البراك أن تركيز الفريق سيكون في الدرجة الأولى على أرض الحدث، مع التوسّع تدريجيّاً ليشمل القرى المحيطة القريبة والمتداخلة مع الدالوة.

من جهته، يقول مسؤول لجنة رعاية شهداء الدالوة وجرحاها، جعفر التريكي، أنهم يهدفون إلى "مساعدة الأهالي على تجاوز الصدمة وتضميد الجراح النفسيّة. فآثار هذه الصدمة قد تستمرّ لفترة من الزمن، قد تطول. لذا، سنعمل على توفير الدعم النفسي والاجتماعي والعلاج النفسي لمن يحتاجها، حتى يكون التأثير مؤقتاً. وعليه سنعمل على مسارات عدّة، منها المساران النفسي والاجتماعي من خلال مجموعة من المتطوعين من أهل الاختصاص.

ويلفت إلى أن المسار الذي يتّبع مع الأطفال، هو ترفيهي تعليمي. فسيتمّ تأهيل الصغار وإعداد ورش يتعلمون في خلالها بعض المهارات كالرسم والتلوين والقراءة والكتابة واللعب والرحلات. أما الهدف، فتحسين نفسياتهم وتعديل سلوكهم. وفي هذا الإطار، يأتي التواصل مع الجهات الحكوميّة ذات العلاقة مثل إدارة التعليم والمديريّة العامة للشؤون الصحية ووزارة الشؤون الاجتماعيّة وغيرها.

المساهمون