سعوديّون يتعارفون عند المأذون

سعوديّون يتعارفون عند المأذون

04 ديسمبر 2016
لم تتزوّج بعد (فايز نورالدين/ فرانس برس)
+ الخط -
لا يعدّ الزواج في السعودية خياراً، بل هو أمر لا بد منه. وقد يكون حلم كل شاب وفتاة. في مجتمع محافظ مثل السعودية، لا يملك الشاب أو الفتاة خياراً للتعارف والارتباط غير الزواج، خوفاً من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالإضافة إلى الأهل. لكنّ نتيجة للضغوط الاجتماعية والاقتصادية، بات هذا الحلم بعيد المنال. وحين يقرّر شاب الزواج، يجد نفسه مجبراً على تحمّل نفقات باهظة، قد تصل إلى أكثر من 70 ألف دولار، وتشمل المهر وحفل الزفاف وتجهيز مستلزمات البيت وغيرها. هذا كلّه من دون أن تكون لديه أي معرفة سابقة بالعروس. واللافت أن دعوات بعض رجال الدين لتسهيل الزواج لم يكن لها أي تأثير، وما زالت الأسر تتباهى بالمهور المرتفعة.

من جهة أخرى، فإن القيود الاجتماعية التي تمنع التعارف بين الرجال والنساء قبل الزواج، ساهمت في زيادة نسب الطلاق. وسجّلت وزارة العدل ارتفاعاً حادّاً في نسب الطلاق، وصل إلى نحو 35 في المائة من الزيجات التي سجّلت في العام 2016. في الوقت نفسه، تقول هيئة الإحصاء إن أكثر من أربعة ملايين فتاة سعودية لم يتزوجن، رغم كونهن في سنّ الزواج، وهو رقم ارتفع كثيراً بالمقارنة مع عام 2014، إذ لم يتجاوز حينها مليوناً ونصف المليون فتاة.

كذلك، تشير دراسة أعدّها فريق بحثي تابع لجامعة الملك عبد العزيز إلى أن سبب ارتفاع معدلات العنوسة في السعودية، وعزوف غالبية الشباب عن الزواج، هو ارتفاع تكاليف الزواج، بالإضافة إلى العادات الاجتماعية.

إلى ذلك، يحذّر باحثون اجتماعيّون من مخاطر تأخر الزواج في السعودية، في ظلّ ارتفاع نسب الطلاق بمعدّل 4.5 حالات في الساعة الواحدة. وتقول دراسة أصدرتها جمعيّة "أكثرهن بركة"، والتي تحثّ على الزواج المبكر، إن تأخّر السعوديّين في الزواج مرتبط بظروف لا علاقة للشباب فيها. وبحسب الدراسة التي شارك فيها نحو 2881 شاباً، يرغب 64 في المائة منهم في الزواج، لكنّهم لا يستطيعون لأسباب مادية، في ظلّ ارتفاع نسب البطالة وضعف متوسّط الأجور.

وتحاول وزارة العمل والبيئة والتنمية الاجتماعية، بالتعاون مع المركز الوطني للقياس والتقويم، حلّ أزمة تفاقم نسب الطلاق، من خلال إخضاع الراغبين في الزواج لاختبارات ودورات خاصة، لمعرفة مدى قدرتهم على الإيفاء بمتطلبات الزواج. هذه الدورات التي بدأت قبل نحو تسعة أشهر، لم تحقّق نتائج ملموسة، رغم أنّها تتضمّن خمسة محاور أساسية تتعلّق بمواقف قد تواجه المتزوجين. ويؤكّد المأذون خالد الهويش أن تراجع نسب الزواج في مقابل ارتفاع نسب الطلاق ينذر بالخطر. ويقول لـ "العربي الجديد": "يوماً بعد يوم، تتفاقم المشكلة. اليوم، لدينا نحو أربعة ملايين فتاة من دون زواج، بينهن أكثر من مليونين ونصف المليون فتاة لم يسبق لها الزواج، ونحو 1.5 مليون أرملة أو مطلقة. الأمر نفسه ينسحب على الشباب". يضيف: "لا بد من جلسات صريحة لمعالجة الوضع الحالي"، عازياً الأمر إلى "مصاعب الحياة، وعدم قدرة الشباب على تحمل صعوبات الزواج. بات الجيل الجديد هشّاً يلجأ إلى الحلول الأسهل". يتابع أنه شهد حالات طلاق بعد أسبوعين من الزواج "لأسباب تافهه جداً، مثل عدم نعومة شعر الزوجة".

قبل نحو عشرة أعوام، نادراً ما كان الشباب يتأخّرون في الزواج. اختلف الأمر اليوم نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة، وإن كان الزواج ما زال حلم كل شاب وفتاة. في هذا السياق، يؤكّد موسى الشمري (32 عاماً) أن "الزواج شرّ لا بد منه". ويقول لـ "العربي الجديد" إنه في بلد لا توجد فيه أية وسائل أخرى للتعرّف على الجنس الآخر غير الزواج، يجد الشاب نفسه مضطراً إلى الادخار في وقت مبكّر لتأمين متطلبات الزواج. يضيف أنه "لا مانع من علاقات محرّمة في بعض الدول تُغني الشباب عن الزواج المبكّر. لكنّ هذا أمر مستهجن في السعودية، وعواقبه وخيمة". ويرى أنه من غير المنطقي سؤال الشاب عن سبب اتخاذه خيار الزواج. "نتزوج لأننا نريد أن نعيش".

من جهة أخرى، يقول آخرون إن طريقة تفكير الشباب اختلفت، ولم تعد الفتاة ترغب فقط في منزل وأسرة وأطفال. في هذا السياق، تقول نورة العمري (29 عاماً) إن لديها اهتمامات أكبر من الزواج. "لم أتزوّج بعد لأنّني أعتقد أن الزواج التقليدي مغامرة. ولا أستطيع المغامرة مع شخص لا أعرف عنه شيئاً. لذلك، أنتظر الانتهاء من دراسة الطب". تضيف: "في حال لم أتزوّج، لن يكون الأمر مشكلة كبيرة في حياتي. طموحي أكبر من زوج وأطفال".