سعد الصالحي.. رحيل صاحب الـ "مراثي"

سعد الصالحي.. رحيل صاحب الـ "مراثي"

02 اغسطس 2019
سعد الصالحي، نيويورك/ 2010
+ الخط -

في عام 2016، أصدر القاص والشاعر العراقي سعد الصالحي عملاً سيرياً، تحت عنوان "قرطاس مراثي غيلان" (دار النبراس)، كشف فيها عن جانب من تجربته في مرحلتي الطفولة والشباب، وخاصة حين كان طبيباً برتبة لواء في جبهات الحرب، وكان هذا العمل آخر ما كتبه قبل أن يرحل أول أمس في بغداد.

كتب الصالحي (تكريت 1956) قبيل رحيله بساعات على صفحته في فيسبوك "لا تعلقوا ولا تردوا، فقدتُ صوتي تماماً تستطيعون سماع تنهدي وتنفسي عبر الهاتف فقط"، وفي هذه المرحلة كان السرطان الذي أصيب به منذ مدة قد استقر في حنجرته وسلبه صوته في الأيام الأخيرة من حياته، والتي ظل يكتب فيها لأصدقائه عبر صفحته مستعيداً قبل وفاته بقليل مقولة ابن زريق "إن الزمان أراه في الرحيل غنى".

أصدقاء الكاتب نعوه على صفحاتهم مستذكرين مواقف إنسانية له؛ الروائي هادي ياسين كتب تدوينة طويلة قال فيها "سعد شخصٌ ملتزمٌ، بدليل حصوله على شهادة الطب في جراحة العظام والفكين، وبكونه عسكرياً وصل الى رتبة عالية في الجيش، كطبيب عسكري جراح... وهو مراقبٌ للحياة بدليل كتاباته بعنوان "مراثي غيلان"... كان إنساناً ومواطناً ومثقفاً ملتزماً اجتماعياً، ولكنه كان ينطوي على صعلوك مهذب لا يعرفه غير المقربين إليه.. مثلي".

الشاعر عبد العظيم فنجان كتب "مات سعد الصالحي القاص والموسيقي والشاعر الانسان الذي أنقذني من براثن رجال الأمن عام 1994، عندما ضبطوني أهرب مع عائلتي من كركوك إلى أربيل، عندما كانت هناك المنطقة الآمنة للاكراد.. حزن أسود عظيم يلفني الآن".

أما عبد الزهرة زكي فاستعاد تغريدة للراحل قال فيها "ملعونٌ من لايقصف بيتي في تكريت إن اختبأ فيه جرذٌ من داعش"، وأضاف زكي "حين كتب الصالحي هذا المنشور كان خارج الجيش، لكنه ومع اشتداد المعارك ضد داعش، كان مع زملائه الأطباء في عمل يومي ميداني لإجراء عمليات جراحية كبرى لصالح جرحى العراق".

يضيف زكي "كان هذا تطوعاً صامتاً من قبله، وكان تعبيراً عن وطنية نادرة لم تنتظر من يكرمها ويقدرها، كل ما كان يريده أن ينتصر شعبه وأن تتحرر مدننا من الإرهاب.اليوم مات طبيب بطل وشاعر وفنان مبدع".

بدأ الراحل حياته موسيقياً وكاتباً للأغاني، وتعاون في هذا الجانب مع الإذاعة والتلفزيون بين عامي 1987 و1988، وكان في الوقت نفسه يدرس الطب في جامعة بغداد. كتب الشعر واتجه إلى كتابة القصة متأثراً بالقاص فرج ياسين صديقه وابن جيله ومدينته تكريت.

أصدر الصالحي مجموعته الشعرية "حجارة يبوس" في عام 2000 عن دار الشؤون الثقافية العامة في بغداد، ثم أصدر مجموعته الشعرية الثانية "بلاغ رقم.. اسكت" عام 2006 عن دار "غيوم" التي أسسها مع صديقه الشاعر سلمان داود في بغداد.

وكان مكتب هذه الدار في التسعينيات خلال سنوات الحصار "خلية نحل، من كان يأتي من المحافظات البعيدة لابد له أن تكون محطته النهائية في هذا المكتب.. خرجت من هذا المكتب الكتب المستنسخة تلك التي كسرت الأطر الثابتة وخرجت عن المألوف سواء أكان في الشعر أم في القصة أم في الرواية أم في الدراسات النقدية أم في المسرح"، وفقاً لشهادة الكاتب محمد علي النصراوي.

دلالات

المساهمون