سعدية عجاج تطرّز تراث فلسطين

سعدية عجاج تطرّز تراث فلسطين

03 نوفمبر 2014
سعدية تطمح بإمتلاك دار أزياء للثوب الفلسطيني (العربي الجديد)
+ الخط -
أتقنت سعدية عجاج الخياطة قبل 17 سنة، وخلال 12 سنة استطاعت إجادة فنون الطرز وأصوله. قليلاً ما تجيد النساء المزاوجة بين العمل على الرسومات وتطبيقها. حسب رأيها، هذا العمل صعب نسبياً، لما يتطلب من مهارات وحس إبداعي ينهل من التراث. سعدية اليوم، من أبرز مطرزات بلدة "دير جرير" في رام الله، خصوصاً في تطريز الثوب الفلسطيني التراثي، وتحديث تصاميمه. إذ أن تطريز الثوب الفلسطيني له أسسه. حيث يمكن تمييز منطقة السيدة من شكل التطريز على ثوبها.

مهن وحرف

بدأت سعدية رحلة تعلّم حرفة التطريز، خلال دورات الطرز داخل المدرسة. ولكن، ليست المدرسة وحدها ما صقل مهاراتها. كان لمخالطتها النساء منذ الصغر، ‏وهن يقمن بتخييط الأثواب وتطريزها، أثر على مسارها.
تقول سعدية: "كنت مميزة في التطريز، وكنت ألقى التشجيع الدائم من المعلمات، خصوصاً فيما يتعلق بخلق أفكار للتصاميم". حكاية احتراف حياكة الأثواب واجهتها صعوبات، لم تأبه بها سعدية، شقت الطريق نحو حياتها العملية بثقة دائمة.
تشرح سعدية لـ "العربي الجديد": "أرفض العمل تحت إمرة أي شخص. حرمت من متابعة الدراسة في الجامعة لظروف خاصة، بعد نيلي الثانوية العامة، أنا إنسانة طموحة، وحلمي كان دائماً تنفيذ مشروع خاص بي".
فالتصميم وفق سعدية، يحتاج استحضار الروح التراثية، ودمجها بلمسة إبداعية حديثة، كي يخرج الثوب من بين يديها لوحة فنية تتزين بها الفتاة والسيدة الفلسطينية. وتقول: "أعمل على تجديد التراث الفلسطيني القديم، بما يتناسب مع العصر ‏الحديث". وعما يحفزها، تجيب سعدية: "تراث أمهاتنا وجدّاتنا يعكس هويتنا، يجب أن نحافظ عليه، وأعمل ‏على تجديده بطريقة عصرية وجميلة، لكي يكون محبوباً للأجيال القادمة، حتى لا يندثر".
لكن كيف تعلمت أصول التطريز الحديث؟ تسرد المصممة الموهوبة أنها التقت بمصممة أزياء ألمانية، تعلمت منها روح العمل على التراث الفلسطيني ‏القديم، ومزجه مع التصميمات الحديثة العالمية. "التقيت بها، ‏وجاورتها 4 سنوات، ساعدتني كثيراً على ضبط ‏قواعد التصاميم العالمية، وهذا ما جعلني أمزج بين التراث الفلسطيني القديم، وما ‏وصلت إليه الموضة العالمية".
تشرح سعدية أنه "‏لكل فئة عمرية زيها، ولكل مناسبة لوحتها الفنية الخاصة". وعن الفئات التي تقبل على تصاميمها، تؤكد أن الفتيات يقبلن عليها بكثرة، والسيدات كذلك يطلبن ‏تصاميم من وحي التراث، ولكن بما يتناسب مع الأزياء الجديدة.
في كل يوم جديد فكرة تصميم جديدة عند سعدية. تشدد على أنها لا تعيد تصميم القطعة مرتين، فهي تجعل من القطعة‏ مرآة تعكس روح من ترتديها، وفق تعبيرها. الخياطة بالنسبة لسعدية، هندسة وحسابات ضرورية لتطبيق قياسات صحيحة.
قررت السعدية في البدء العمل وحدها داخل البيت، إلى أن فتحت محلاً عام 2000، وصادف هذا العام انطلاق شرارة الانتفاضة الثانية، ما أثر على مشروعها بفعل العراقيل التي كان يضعها الاحتلال الإسرائيلي على انتقال البشر والمواد. هكذا، أغلق الطريق الرئيس للقرية، وبقي محلها مغلقاً 4 أشهر كاملة، لكن قررت سعدية مواصلة ‏العمل في البيت، متحدية الحصار المضروب.
وقد ساهمت عجاج في تشغيل النساء، بالإضافة إلى تدريب الفتيات اللواتي أصبحن يعملن في أكثر من مركز للتطريز. وتؤكد أنه يعمل معها الآن 17 سيدة وفتاة، وتطمح إلى تشغيل المزيد. وتصمم سعدية حوالي 150 ثوباً كل عام، وكل ثوب له تصميمه المختلف عن الآخر.
أما الغريب في سلوكيات سعدية، أنها تتابع السيدات اللواتي يشترين التصاميم، والغاية، معرفة أثرها على الزبونة. وتسرد بفرح واقعة اتصال فتاة بها، لتقول لها: "شكراً لك لقد جعلتني ملكة في يوم خطوبتي". "لن أنسى هذه العبارة"، تقول سعدية.
تجاوزت سعدية بأعمالها حدود فلسطين، حيث تتصل بها الفلسطينيات من دول عدة، كالسعودية، الكويت، دبي، والبرازيل... وعن أسعار الأثواب التي أصممها، تقول سعدية، إن الثمن يراوح بين 400 و7000 ‏دولار. السعر يرتبط، وفق سعدية، بحفظ ‏كرامة العاملات في محلها، وتوفير دخل شهري محترم لهن.‏
أحلام السعدية لم ولن تتوقف عند هذا الحد، فهي تعبر عن طموحها بامتلاك دار أزياء في وطنها، رغم غياب الدعم لتحقيق ذلك.

المساهمون