Skip to main content
سعاد ماسي: التعلّل بالغناء
محمد علاوة حاجي ــ الجزائر

عادت سعاد ماسي للغناء في مسقط رأسها بعد غياب استمرّ 16 عاماً. مؤخّراً، أحيت المغنّية الجزائرية حفلاً فنّياً، في الجزائر العاصمة، شهد حضوراً كبيراً. وغنّت فيه من ألبومها الأخير "المتكلّمون" (2015)، وأعادت الحضور إلى بداياتها بأغنية "الراوي" (2001) التي كتبت كلماتها وهي في السابعة عشرة من عمرها.

صنعت الأغنية وبقيّة أغاني الألبوم، الذي حمل العنوان نفسه، شهرة مغنّية "الفولك" محليّاً وعالميّاً. قبل ذلك، نشطت طويلاً ضمن فرقة "تريانا الجزائر"، وكانت عضواً في فرقة الروك "أتاكور". توالت ألبوماتها في السنوات اللاحقة، مكرِّسة أسلوباً موسيقيّاً متفرّداً: "داب" (2003) و"مسك الليل" (2005) الذي نال جائزة "فيكتوار دو لا موزيك" الفرنسية في فئة موسيقى العالم، ثمّ "حرية" (2010).

في ألبومها الأخير، وهو الخامس بين إصداراتها، أعادت ماسي (1972) تقديم التراث الشعري العربي في قالب موسيقي عصري، حيث غنّت عشر قصائد من الشعر العربي الكلاسيكي والحديث، لقيس بن الملوح وزهير بن أبي سلمى وأبي الطيّب المتنبّي والأصمعي وأبي القاسم الشابّي وإيليا أبي ماضي وأحمد مطر، وترجمت كلماتها إلى الفرنسية والإنجليزية، مرفقةً بحروف عربيّة.

وقد أُنجز العمل ضمن مشروع "كورس قرطبة" تكريماً للمدينة التي تصفها بأنها "كانت أنموذجاً للرقيّ الفكري والحضاري، والتعايش الديني خلال العهد الأندلسي".

استقرّت ماسي في باريس منذ سنة 1999، بعد دعوتها للمشاركة في تظاهرة حملت عنوان "نساء من الجزائر". من هنا، جاء الألبوم كمحاولة للتعريف بالثقافة العربية، من أجل المساهمة في تصحيح الصورة النمطية التي يحملها الفرنسيّون، والغرب بشكل عام، عن العرب وثقافتهم.

تقول لـ "العربي الجديد": "ليس خافياً أنّنا نعاني من العنصرية وسوء الفهم. فكّرت في إنجاز عمل فنيّ للقول إن العربي مبدعٌ وشاعر وفنّان ورسّام وخطّاط أيضاً، وليس إرهابيّاً، كما تكرّسه وسائل الإعلام الغربية التي تركّز على الجانب السيىء، وتتجاهل الجوانب المشرقة في الثقافة العربية والإسلامية".

بعد تجربتها التي استقبلها النقّاد والجمهور بحفاوة، تتّجه ابنة حيّ "باب الواد"، التي تنحدر من عائلة أمازيغية، إلى إعادة الكرّة في ألبومها الموسيقي المقبل، لكن مع التراث الأمازيغي هذه المرّة. وسيضمّ العمل أغانيَ مستمدّة من قصائد باللغة الأمازيغية تكريماً لهذه الثقافة الأصيلة، ولتعريف العرب والغرب بها.

في فيلم "عيون الحرامية" للمخرجة الفلسطينية، نجوى النجّار، اكتشف الجمهور سعاد ماسي كممثّلة للمرّة الأولى. لكن العمل ليس تجربتها الأولى تماماً مع السينما، إذ سبق أن وضعت الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام السينمائية الجزائرية.

وفي الفيلم، الذي أُنتج بشراكة فلسطينية جزائرية، جاءت موسيقى ماسي شاعرية، تعكس أمل وتشبّث الفلسطينيين بالحياة، وسط بيئة احتلالية خانقة.

تؤكّد ماسي أن بإمكان الكلمة أن تلعب دوراً مؤثّراً في مناصرة القضايا العادلة أو تغيير الصورة النمطية التي تحملها ثقافة عن ثقافة أخرى، لكن فيلم "عيون الحرامية" جعلها تكتشف ما تسمّيه قوّة الصمت: "بعض المشاهد الصامتة في الفيلم، تبرز بصدق الوضع الذي يعيشه شعب يناضل في سبيل كرامته وحريّته، وتقول ما تعجز عن قوله آلاف الكلمات".

رغم نجاحها وحضورها المستمر في العديد من العواصم العربية والعالمية، لا تتجاوز أغاني ماسي المصوّرة عدد أصابع اليد الواحدة. قبل أيّام قليلة، أصدرت "فيديو كليب" لأغنية "بم التعلّل"، التي أدّت فيها أبياتاً من قصيدة لأبي الطيّب المتنبي، استعانت فيه بالمصوّر شادي حبش، وهو من الأسماء المصرية التي تعمل ضمن ما يسمّى "الفن المستقل"، حيث أخرج العمل وفق أسلوب سينمائي.