وتستمر حملات إعلامية مركزة لبعض المنظمات الدولية في اتهام قوات التحالف بمنع السفن المحملة بالسلع التجارية والإغاثية من الوصول إلى ميناء الحديدة. ففي أبريل/ نيسان الماضي، أدلى مدير إحدى المنظمات البريطانية في اليمن بتصريح لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية بأن "السعودية وراء منع دخول أي شيء تماماً إلى اليمن عبر البحر منذ بدء عمليات التحالف".
وقد رد التحالف العربي عن تلك التهم ببيان رسمي عدّد كثيراً من أنشطته في مد المحتاجين اليمنيين بمواد الإغاثة وفي أشد المناطق التهاباً. وأضاف البيان: "سخّرت قوات التحالف بالتعاون مع مركز آليات الأمم المتحدة للتفتيش والتحقق UNVIM في جيبوتي كل جهودها لتسهيل إجراءات مرور المساعدات الإنسانية وإدخال السلع التجارية والمشتقات النفطية إلى كافة أطياف الشعب اليمني دون تمييز، وقد بلغ عدد التصاريح الممنوحة لجميع المنافذ (4079) تصريحاً. إن قوات التحالف تقوم بالتصريح لكافة السفن الإغاثية والإنسانية بشكل فوري ودوري وبوقت قياسي ودون تفتيش ولكافة الموانئ اليمنية".
وردّ تقرير رسمي حديث عن منظمة الغذاء والزراعة (الفاو) والبرنامج العالمي للغذاء عن تهم تلك المنظمات والصحف، مشيراً إلى العديد من العوامل والمؤثرات التي أفضت إلى قلة الواردات إلى اليمن. وقال إن واردات الغذاء مستمرة في الوصول إلى مرسى الميناء، حيث وصلها أكثر من 341 طنا متريا في مايو/ أيار الماضي مرتفعاً عن 313 طنا متريا وصلت في مارس/ آذار. وأشار التقرير إلى أن 55 بالمائة من واردات اليمن الحالية عبارة عن مواد غذائية.
وأضاف التقرير أن أحد أسباب قلة الاستيراد ارتفاع الأسعار مستدلا بسعر السلة الغذائية الأساسية التي توزعها منظمات الإغاثة بمقدار 21 في المائة مقارنة بسعرها قبل تصعيد الحرب، بينما ارتفعت أسعار وقود المازوت "الديزل" إلى 138 في المائة والبترول 102 بالمائة. وأشار إلى ارتفاع الوقود المستورد خلال مايو/أيار، إلا أنه مثل 30 في المائة من الاحتياج على الصعيد الوطني؛ مما عمل على استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ويقول الباحث صالح الحكمي، إن العديد من التقارير الاقتصادية المحلية والدولية عزت أسباب انخفاض الواردات إلى القرار الرسمي المعلن للحوثيين، وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح في منتصف مايو/ أيار 2015 الذي قرر تخصيص كامل الإمكانيات المالية للدولة نحو حربهم ضد المناطق الجنوبية والوسطى والإبقاء على المرتبات فقط.
ويشير الحكمي إلى تخلي البنك المركزي اليمني عن دعم عدد من المواد الأساسية وتخفيضها عن مواد أخرى، بسبب حدة انخفاض احتياطياته وموازنته من العملات الأجنبية والمحلية الذاهبة نحو الحرب وزيادة الأزمة الإنسانية. "سبّب ذلك الأمر استمرار ارتفاع أسعار تلك السلع وانهيار قيمة العملة المحلية وزيادة رسوم الشحن والتأمين لشحنات السلع وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن الفقير، لتعمل كل تلك التفاعلات على عزوف الكثير من التجار عن طلب البضائع والاستيراد".
ويدلل الحكمي على أن انخفاض الاستيراد عائد لرغبات التجار ووضع السوق والاقتصاد بشكل أساسي، قائلاً "لا ينكر أحد وجود وفرة كبيرة في المعروض من المواد الكهربائية الجديدة التي تعمل على البطاريات بسبب انعدام الكهرباء، وهي سلع استجدت كلياً على اليمنيين بعد تصعيد الحرب العام الماضي. التجار أنفسهم لا يرغبون في زيادة الواردات الغذائية والطبية وغيرها".
من ناحيتها، تشير تقارير المنظمات الإغاثية إلى أن الاقتتال الدائر في المناطق المتأثرة من الحرب هو ما يعيق أعمال الإغاثة، فقد أشار تقرير للأمم المتحدة إلى تقرير آخر لقطاع الأمن الغذائي والزراعة بأن الهدنة الأخيرة التي بدأت في الشهور الثلاثة الماضية ببداية محادثات الكويت، عملت على زيادة أعمال الإغاثة حيث وصلت أنشطة توزيع الغذاء وقسائم الغذاء إلى أكثر من ثلاثة ملايين شخص خلال مايو/ أيار فقط ومثلهم في يونيو/ حزيران الماضيين. من ناحية أخرى، حذر برنامج الغذاء العالمي من إيقاف أنشطته الإغاثية في اليمن قريباً، بما فيها توزيع الغذاء، ما لم يتسلم تمويلات من الممولين.