01 أكتوبر 2022
ستيفن هوكينغ.. تحيا الحياة
ما إن يظهر صوته الآلي المميز، مُطلقاً دعاباته اللاذعة في أي مكان، حتى ينهال التصفيق والإعجاب. نتحدث عن عالم الفيزياء النظرية الذي ضاهت شهرته نجوم السينما، ستيفن هوكينغ.
من المكرّر الحديث عن قوة الإرادة الكفيلة بتحطيم المستحيل، لكن هوكينغ لم يكن يتحدث عن شعاراتٍ كهذه، بل كان يعيشها، بينما يتحدث عن فلسفته الخاصة نحو الحياه.
لعل من المتوقع أن يُقال إنه اختار الصبر والنضال "ليترك شيئاً للجيل القادم من بعده"، أن تكون مثلاً رسالته في تبسيط العلوم هي الهدف، خصوصا أنه نجح فيها بجدارة تامة، وأصبح كتابه "موجز تاريخ الزمن"، الصادر عام 1988، بوابته إلى الشهرة الطاغية. لكن ما حدث هو أنه حين شُخّص مرضه، أمضى فترة من التخبط واليأس، وقرّر ترك الدراسة التي لن تفيده ما دام سيموت بعد عامين، لكن كل شيء تغير، حين وجد الحب بارتباطه بزوجته جين. لقد وجد ملحمته الصغيرة الخاصة التي قرّر الحياه من أجلها، أصبح عليه أن يعمل بجد، كي يُتم زواجه، وإذا كان سيعيش عامين، فلا بديل عن أن يكونا عامين ناجحين وسعيدين.
لاحقاً، قال إنه كان يعتبر أن حياته انتهت في الثانية والعشرين. ولذلك، أي شيء آخر تمنحه له الحياه بعدها يعتبره ميزةً كبيرة، وقال أيضاً "إنه مضيعة للوقت أن أغضب من إعاقتي". بدلاً من الغضب المتجدد كل يوم، أصبح يرى الإمكانية المتاحة كل يوم، حتى لو انخفض سقف هذه الإمكانية إلى حد عدم قدرته على ابتلاع الماء، وإلى حد أن يتحدّث بتحريك عضلات وجهه على برنامج خاص، قرّر أن يتجاوز ذلك، ولن يحلم بأن يكون لاعباً رياضياً مثلاً، وما دام عقله هو فقط المتاح، فسيستخدمه بأفضل شكل ممكن، لأسعد حياة ممكنه له ولغيره.
حتى اليوم الأخير من رحيله الهادئ قبل أيام، كان هوكينغ ما زال يعمل بدأب وأمل، كأنه سيعيش أبداً، على الرغم من أنه عاش نحو أربعين عاماً يعلم أنه حرفياً قد يموت غداً، بل إنه من وجهة نظره كملحد لا يوجد شيء بعد الموت ليدفعه إلى العمل في حياته، آملاً بالأفضل في الآخرة. عوضاً عن ذلك، كان يرى أنه "لدينا هذه الحياة الوحيدة لنقدّر فيها التصميم العظيم للكون، ولأجل ذلك فأنا ممتنٌ امتنانا كبيرا".
علمياً، أنجز مشروعه لنشر العلوم شعبياً نجاحاً فائقاً، وهكذا دخلت مصطلحات "الثقوب السوداء" و"الانفجار الكبير" الثقافة الشعبية، وبدوره اندفع هوكينغ معها ليدخل كل منزل بكتبه ولقاءاته، وحتى مشاركته بالتمثيل في مسلسلات كوميدية شهيرة.
وسياسياً، تتعدد مواقفه النبيلة الشهيرة، منذ رفضه حرب العراق، واعتباره مشاركة بلاده بريطانيا فيها "جريمة حرب"، إلى حد أنه قرأ بنفسه بياناً ضدها، ومازح الحضور بأن جهازه غير مصمم لقراءة الأسماء العربية، وحتى عام 2013 حين وجه ضربة قاسية لفخر إسرائيل الأكبر: العلم، برفضه دعوة لحضور مؤتمر أكاديمي إسرائيلي، وقال إن ذلك بناء على طلب من أكاديميين فلسطينيين له للانضمام إلى حملة المقاطعة الأكاديمية.
في لحظةٍ كهذه، حيث تبعد الملاحم الكبرى، وحيث لا تبدو أحلام إصلاح البلاد والعالم منطقية، ربما يفيدنا النظر إلى طريقة هوكينغ في الحياه، حيث النجاح في القصة الصُغرى كان بوابة النجاح في القصة الكُبرى.
في مقابلته مع ديان سوير، في قناة إي بي سي الأميركية عام 2010، قال هوكينغ عن رؤيته للحياه: "أولا، تذكر أن تنظر إلى النجوم، وليس إلى قدميك. ثانيا، لا تتخلّ أبداً عن العمل، فالعمل يعطي المعنى والغاية للحياة، وبدونهما الحياة فارغة. ثالثا، إذا كنت محظوظاً بما فيه الكفاية لإيجاد الحب، تذكّر دوما أنه موجود ولا ترمِه بعيداً".
من المكرّر الحديث عن قوة الإرادة الكفيلة بتحطيم المستحيل، لكن هوكينغ لم يكن يتحدث عن شعاراتٍ كهذه، بل كان يعيشها، بينما يتحدث عن فلسفته الخاصة نحو الحياه.
لعل من المتوقع أن يُقال إنه اختار الصبر والنضال "ليترك شيئاً للجيل القادم من بعده"، أن تكون مثلاً رسالته في تبسيط العلوم هي الهدف، خصوصا أنه نجح فيها بجدارة تامة، وأصبح كتابه "موجز تاريخ الزمن"، الصادر عام 1988، بوابته إلى الشهرة الطاغية. لكن ما حدث هو أنه حين شُخّص مرضه، أمضى فترة من التخبط واليأس، وقرّر ترك الدراسة التي لن تفيده ما دام سيموت بعد عامين، لكن كل شيء تغير، حين وجد الحب بارتباطه بزوجته جين. لقد وجد ملحمته الصغيرة الخاصة التي قرّر الحياه من أجلها، أصبح عليه أن يعمل بجد، كي يُتم زواجه، وإذا كان سيعيش عامين، فلا بديل عن أن يكونا عامين ناجحين وسعيدين.
لاحقاً، قال إنه كان يعتبر أن حياته انتهت في الثانية والعشرين. ولذلك، أي شيء آخر تمنحه له الحياه بعدها يعتبره ميزةً كبيرة، وقال أيضاً "إنه مضيعة للوقت أن أغضب من إعاقتي". بدلاً من الغضب المتجدد كل يوم، أصبح يرى الإمكانية المتاحة كل يوم، حتى لو انخفض سقف هذه الإمكانية إلى حد عدم قدرته على ابتلاع الماء، وإلى حد أن يتحدّث بتحريك عضلات وجهه على برنامج خاص، قرّر أن يتجاوز ذلك، ولن يحلم بأن يكون لاعباً رياضياً مثلاً، وما دام عقله هو فقط المتاح، فسيستخدمه بأفضل شكل ممكن، لأسعد حياة ممكنه له ولغيره.
حتى اليوم الأخير من رحيله الهادئ قبل أيام، كان هوكينغ ما زال يعمل بدأب وأمل، كأنه سيعيش أبداً، على الرغم من أنه عاش نحو أربعين عاماً يعلم أنه حرفياً قد يموت غداً، بل إنه من وجهة نظره كملحد لا يوجد شيء بعد الموت ليدفعه إلى العمل في حياته، آملاً بالأفضل في الآخرة. عوضاً عن ذلك، كان يرى أنه "لدينا هذه الحياة الوحيدة لنقدّر فيها التصميم العظيم للكون، ولأجل ذلك فأنا ممتنٌ امتنانا كبيرا".
علمياً، أنجز مشروعه لنشر العلوم شعبياً نجاحاً فائقاً، وهكذا دخلت مصطلحات "الثقوب السوداء" و"الانفجار الكبير" الثقافة الشعبية، وبدوره اندفع هوكينغ معها ليدخل كل منزل بكتبه ولقاءاته، وحتى مشاركته بالتمثيل في مسلسلات كوميدية شهيرة.
وسياسياً، تتعدد مواقفه النبيلة الشهيرة، منذ رفضه حرب العراق، واعتباره مشاركة بلاده بريطانيا فيها "جريمة حرب"، إلى حد أنه قرأ بنفسه بياناً ضدها، ومازح الحضور بأن جهازه غير مصمم لقراءة الأسماء العربية، وحتى عام 2013 حين وجه ضربة قاسية لفخر إسرائيل الأكبر: العلم، برفضه دعوة لحضور مؤتمر أكاديمي إسرائيلي، وقال إن ذلك بناء على طلب من أكاديميين فلسطينيين له للانضمام إلى حملة المقاطعة الأكاديمية.
في لحظةٍ كهذه، حيث تبعد الملاحم الكبرى، وحيث لا تبدو أحلام إصلاح البلاد والعالم منطقية، ربما يفيدنا النظر إلى طريقة هوكينغ في الحياه، حيث النجاح في القصة الصُغرى كان بوابة النجاح في القصة الكُبرى.
في مقابلته مع ديان سوير، في قناة إي بي سي الأميركية عام 2010، قال هوكينغ عن رؤيته للحياه: "أولا، تذكر أن تنظر إلى النجوم، وليس إلى قدميك. ثانيا، لا تتخلّ أبداً عن العمل، فالعمل يعطي المعنى والغاية للحياة، وبدونهما الحياة فارغة. ثالثا، إذا كنت محظوظاً بما فيه الكفاية لإيجاد الحب، تذكّر دوما أنه موجود ولا ترمِه بعيداً".