ستيفان دي ميستورا... خلطة سويدية إيطالية لاستعصاء سوري

ستيفان دي ميستورا... خلطة سويدية إيطالية لاستعصاء سوري

10 يوليو 2014
راكم دي ميستورا خبرات في لبنان وأفغانستان والعراق والسودان(GETTY)
+ الخط -

في العام 2012، ورد اسم الإيطالي ــ السويدي ستيفان دي ميستورا إلى جانب اسم الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس، كمُرشحين لمنصب المبعوث الأممي في سوريا بعد مغادرة كوفي عنان المهمة. ولكن الظروف والتدخلات الدولية شاءت أن ينتظر الثاني بعض الوقت، أي بعد أن أعلن الأخضر الإبراهيمي عن فشله المدوّي.

فما الذي يستطيع أن يفعله دي ميستورا في سورية، بعد فشل كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي؟ هل يستطيع، فعلاً، إيقاف هذه المحرقة وإعادة الأطراف إلى طاولة التفاوض؟ وقبل هذا، هل يمتلك تفويضاً واضحاً، من الأمم المتحدة ومجلس الأمن؟ وهل له صلاحيات كبيرة ومحددة؟ هي مجموعة من الأسئلة وجد الممثلان الخاصان السابقان للأمين العام للأمم المتحدة نفسيهما إزاءها منزوعي السلاح.

يستطيع دي ميستورا أن يتكئ على أكثر من 30 سنة من التجارب الدبلوماسية في هذه المنظمة الأممية. فقد رَاكَمَ هذا المولود من أب إيطالي وأم سويدية، والأب لابنتين، خبرات كبيرة في مهمات صعبة في مناطق صراع، من العراق بين 2007 و2009، الى لبنان والصومال والسودان وكوسوفو. وهو يتقن العديد من اللغات كالإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والعربية إلى جانب لغتيه السويدية والإيطالية. كما أنه عمل مديرا مساعدا لبرنامج الغذاء العالمي.

تميز في منصبه رئيساً للجنة مساعدة الأمم المتحدة في أفغانستان منذ سنة 2010، من دون إغفال عمله نائبا لوزير خارجية بلده إيطاليا.

ويعرف هذا الدبلوماسي المحنك، أن شخصية المبعوث الخاص لا تكفي لإحداث اختراق مهم في هذا الجمود الدبلوماسي، عجز عنه سلفه كوفي عنان، مع كل ما كان يمتلكه من قوة إقناع وسحر. ويعرف، مثلما كان عنان والإبراهيمي يعرفان، أنه من دون توافق أميركي ــ روسي، لا يمكن حدوث أي شيء مهم. أي لا شيء من دون اضطلاع مجلس الأمن بدوره السياسي والأخلاقي.

وليست سورية استثناءا في الدبلوماسية. فقد اكتشف، من خلال كل مهماته، عجز الأمم المتحدة عن العمل، بحرية وفعالية، وكيف أنها تجد نفسَها ملحقاً للولايات المتحدة في الكثير من الأماكن، مثل العراق أو أفغانستان أو في كوسوفو. واقع يعني، أن هامش المناورة الذي يمتلكه ضئيل، وأنه محكوم عليه، في النهاية، أن يبحث عن حلول وسط لا ترضي أحداً.

لم يمتلك دي ميستورا أي سلطة في أفغانستان، بدليل طريقته في الحديث عن الرئيس حامد قرضاي: "لدينا حليفٌ (هو هنا يتبنى الموقف الغربي وليس الأممي) له القدرة على أن يكون بالغ التعقيد وصعب المراس، بكل قواه وضعفه، مثلنا جميعاً، ولكنه يُمثل واقعا أفغانيًا. إن عمل الرئيس قرضاي هو الأصعب والأخطر في العالم، وهو يعاني من "متلازمة نجيب الله" (أي رئيس يبقى في حماية مكتب الأمم المتحدة بكابول وتأتي طالبان وتعدمه)، ويُحفّزُهُ عنصرٌ أساسي يُوحِّدُ الأفغان، وهو القومية والسيادة الوطنية. وإذا أردنا حلاً وسطاً، فعلينا العثور على شخص قادر على إنجازه مع الجميع".

وحين يُسأل عن سبب التواجد الغربي في أفغانستان يجيب: "قدمنا إلى أفغانستان بسبب تفجيرات 11 سبتمبر 2001، ليس من أجل تحويل أفغانستان إلى سويسرا، وبِحكامة بالغة الكمال، من دون فساد وفي ظل احترام حقوق الإنسان. لكن هذا لا يعني أنه لا يجب أن نصل يوماً إلى هذا، من أجل الوصول إلى استقرار حقيقي، ولكن هذا الهدف هو للتحقيق في العشر سنوات المقبلة، بمساعدة من منظمة الأمم المتحدة".

ويعترف ابن الـ67 عاماً، بأنه "حين كانت طالبان في السلطة، لم يكن رجالها فاسدين ولم يكونوا يشترون سيارات مرسيديس، ولكنهم كانوا عاجزين عن الاهتمام بشؤون شعبهم. الفساد يعيق الحكومة الأفغانية حتى تكون فعّالة، ولكن توجد مدارس ومستشفيات أكثر مما كان زمن طالبان. الفساد ليس ثابتة مطلقة. ولكن في المقابل يجب مراقبة المساعدات الدولية وتمرير الصفقات".
صحيح أن عمله في العراق وأفغانستان ساعداه على معرفة أفضل بالمسؤولين الإيرانيين، ولكن هل يستطيع إقناعهم بالقيام بدور أكثر إيجابية في سورية؟

لم يكن دي ميستورا حراً في تصرفاته، ولا قادراً على بناء علاقاته الخاصة مع طالبان، على حد اعتراف مسؤولين فرنسيين؛ ففُرِض عليه أن يعمل مع عدد متزايد من المسؤولين الخاصين، وخاصة ممثل حلف شمال الأطلسي، مارك سيدويل، سفير بريطانيا السابق في كابول، مع كل ما يمثله الأمر من تجريده من حرية القرار.

لا يُنتظَر أن يتغير الأمر في سورية، إلا إذا قرّر المجتمع الدولي، أخيراً، أن يتحمل مسؤولياته، وإذا قررت الولايات المتحدة أن تتوقف عن سياسة الغموض غير البنّاء. حينها، سيكون باستطاعة هذا الرجل، الذي يتحدث العربية، بطلاقة، أن ينظر في وجه بشار الأسد ويقول له: "آنَ لهذه المحرقة أن تتوقف".

المساهمون