ستيفان الشعراوي..لماذا تحول الفرعون من هداف إلى "شبح" ؟!

ستيفان الشعراوي..لماذا تحول الفرعون من هداف إلى "شبح" ؟!

24 فبراير 2015
+ الخط -
"مهاجم، انتظرنا منه الكثير، لكنه سقط في فخ الهبوط الغريب بالمستوى"، إنه ستيفان الشعراوي، الفرعون الذي يمتاز بالسرعة سواء بالكرة أو بدونها، ويجيد الانطلاق من الخلف إلى الأمام، لذلك يعرف كيف يواجه الدفاع المتكتل، سواء على الطرف أو في عمق الملعب، مع قدرة على التسديد من الثبات والحركة، لذلك يسجل أهدافاً عديدة من كافة أركان الثلث الهجومي الأخير، سواء داخل منطقة الجزاء أو خارجها.

ونتيجة كل هذه الصفات، يلعب الشعراوي في أكثر من مركز بالهجوم. يستطيع اللعب كجناح على اليسار في طريقة الثلاثي الهجومي لخطة 4-3-3، وهذا المركز مناسب جداً له، لأنه يسمح بالقطع من الطرف إلى العمق للتسديد وشغل دور اللاعب الحر.

أيضاً في حالات التحول إلى ثنائي هجومي في خطة 4-4-2، كمثال، فإن الفرعون هو المهاجم الثاني خلف اللاعب الثابت كرقم 9 في الأمام، لذلك يصبح مهاجماً مشتركاً، ويعود لمساندة الوسط، ويتحول إلى الأطراف لشغل دور الجناح، وكل هذه المرونة تعود إلى الديناميكية الكبيرة للاعب الشاب.

بالوتيلي
قدم الشعراوي دوراً أول تاريخياً في أول مشاركة له مع ميلان خلال النصف الأول من موسم 2012 - 2013، وسجل المهاجم ذو الأصول المصرية أهدافاً عديدة ساعدت فريقه كثيراً في الفوز بالمباريات، وتوقع الجميع انفجار الموهبة بشكل أكبر بعد قدوم ماريو بالوتيلي في يناير/كانون الثاني 2013، لكن جاءت النتائج سلبية للغاية، مع انخفاض مستوى الفرعون وابتعاده تماماً عن التألق، رغم الصداقة المميزة بينه وبين النجم الإيطالي خارج الملعب، كما أوضح الثنائي في وسائل الإعلام.

سجل ستيفان 16 هدفاً خلال 37 مباراة في ذلك الموسم، والمثير للرصد أن معظم هذه الأهداف جاءت قبل قدوم ماريو بالوتيلي إلى ميلانو، ورغم ظهور بالوتيلي بشكل رائع في بداياته مع ميلان، إلا أن هذا الأداء الجيد قوبل بمستوى سلبي للغاية من قبل الشعراوي وبقية فريق ميلان، لذلك خرجت مقولة جماهيرية شهيرة، "جاء بالوتيلي، ورحل الشعراوي!".

ولكن بعيداً عن الجوانب النفسية، هل تأثر مستوى الشعراوي بوجود بالوتيلي أمامه؟ ولماذا لم يتأثر سلبياً حينما لعب عدة مباريات رفقة باتزيني أو بويان كركيتش؟ خصوصاً أن أليجري استخدم النهج التكتيكي نفسه في عدة مباريات، مع تعديل وحيد بدخول ماريو التشكيلة الأساسية مكان واحد من المهاجمين، لذلك تبدو التفسيرات الحقيقية معقدة بعض الشيء!

مباراة ميلان وفيورنتينا بتاريخ 7 أبريل 2013
 
 
 



 

ميلان 2 برشلونة 0
في مباراة ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا بين ميلان وبرشلونة، فاز الروسونيرو بهدفين مقابل لا شيء في سان سيرو، مع أداء إعجازي لكتيبة ميلان أمام النجوم ميسي، تشافي، وأنيستا. ولعب الفرعون دور همزة الوصل بين الدفاع والهجوم الميلاني أمام أباطرة كتالونيا، في خطة أليجري الدفاعية 4-3-3، بوجود الشعراوي على الطرف الأيسر، وبواتينج على اليمين قليلاً، مع باتزيني في عمق الهجوم.

حاصر ستيفان ظهير برشلونة، داني ألفيش، وقام بدور رئيسي في نقل نسق ميلان من حالة الدفاع المتأخر إلى الهجوم الخاطف السريع، خصوصاً مع استغلاله الفراغات أمام الظهير البرازيلي، وخلف بيدرو رودريجز. يهرب الشعراوي من أقصى الخط الجانبي إلى منطقة الجزاء، ويترك مكانه كجناح، ويصبح مهاجماً رئيسياً بجوار باتزيني أثناء المرتدات.

تفاهم الشعراوي - باتزيني كان كبيراً للغاية، خصوصاً أن المهاجم المتقدم يسحب المدافعين معه ويبتعد قليلاً عن مناطق الجزاء، مع رغبته الدائمة في لمس الكرة فقط أثناء تسجيل الأهداف، عكس بالوتيلي الذي يعشق التعامل بالكرة، والتسديد من بعيد مع لمحة جمالية مختلفة، لذلك يكسر ماريو نسق وسرعة الشعراوي، عكس باتزيني! وهذا سبب فني مهم وراء انخفاض مستوى الصاعد الواعد بعد قدوم الفتى الذهبي المشاكس.

لكن هذه الفروقات تلخص فقط منحنى منخفضاً في الناتج النهائي، لكن لا تشفع أبداً للشعراوي هذه الحالة السيئة، التي انكشفت بشكل أكبر بعد رحيل بالوتيلي وعودة الهداف الصغير إلى المشاركة مرة أخرى بعد إصابته، والمفاجأة الصادمة كانت في استمرار توهان ستيفان.

 مباراة ميلان وبرشلونة 2-0 بالسان سيرو، 20 فبراير 2013













طريقة اللعب؟
تعرض الشعراوي لإصابات كثيرة بعد موسمه الأول، وغاب فترات طويلة خلال الموسم الماضي 2013-2014، ولعب فقط ست مباريات في الكالشيو، لذلك من الصعب جداً تقييمه، لكن بعد عودته هذا الموسم تحت قيادة المدرب، فيليبو إنزاجي، لعب الفرعون 15 مواجهة "أساسياً-بديلاً"، لكنه لم يسجل سوى هدف واحد فقط، بالإضافة إلى صناعته ثلاثة أهداف وتسع فرص فقط.

هذه الأرقام السلبية تعود إلى عدم الثبات الخططي للمدرب إنزاجي، الرجل الذي استخدم عدة تشكيلات هذا العام دون جدوى، وخلال المباريات التي لعبها الشعراوي، دخل الميلان بخطة 4-2-3-1 أمام إنترميلانو بالديربي، بينما لعب 4-3-3 أمام لاتسيو، و 4-3-3 أيضاً أمام سامبدوريا لكن بثلاثي هجومي مختلف، بتمركز لاعب العمق، هوندا، على الطرف، وصعود مينيز للأمام واللعب بالشعراوي على اليسار.

طريقة لعب ميلان أيام تألق الشعراوي كانت تعتمد على مهاجم صريح وثنائي على الأطراف، ولعب الشعراوي دور الجناح المقلوب "The Inverted Winger"، أي اللاعب المهاجم الذي يبدأ على اليسار من أجل القطع في العمق، على خطى دافيد فيا، تيري هنري في برشلونة، لذلك كان الشعراوي دائماً قريباً من المرمى، ويقوم بدور المهاجم الثاني في أغلب الأوقات، وبالتالي أتيحت له فرص عديدة، وسجل أهدافاً مهمة.

مهاجم أم وسط مهاجم!؟
بينما مع إنزاجي، يستخدم المدرب الجديد لاعبي الأطراف بطريقة غريبة بعض الشيء، ويقوم بتوظيف لاعبي الوسط في مراكز الأجنحة الهجومية، بمعنى تمركز بونافينتورا، هوندا في مركز الجناح، وهما بالأساس أقرب إلى تشكيلة اللاعبين الوسط، وهذا الأمر يعتبر أفضل في طريقة 4-2-3-1 التي تهدف إلى وضع لاعبي الوسط أو الأجنحة على الأطراف، بينما في خطة 4-3-3، من الأفضل وضع المهاجم السريع الخفيف "كالشعراوي" في مركز الجناح.

ونتيجة هذه التغيرات، أصبح الشعراوي جناحاً بدرجة لاعب وسط، بعد أن كان جناحاً بدرجة مهاجم، وصار من مهامه الربط مع الهجوم ولاعبي المنتصف والظهير الخلفي، وكلما زادت نسبة التعقيد، زاد معها الابتعاد عن الدور الرئيسي الخاص بتسجيل الأهداف وصناعتها.

رقمياً، سجل الشعراوي هدفاً واحداً في الدوري "من خارج منطقة الجزاء"، وصنع 12 فرصة " أسيست + صناعة فقط"، جاءت معظمها من مناطق بعيدة عن الصندوق الأخير بنسبة تصل إلى 58 % بينما حوالى 42 % من هذه الفرص جاءت من مناطق متوسطة، بينما 0 % في مناطق قريبة من المرمى، وهذه الإحصائيات تؤكد ابتعاد الشعراوي كثيراً عن المستطيل الأخير.

مباراة ميلان ولاتسيو بتاريخ 24 يناير 2015








مجرد فترة وانتهت!؟
بدأ الشعراوي أيامه الكروية بتألق غير عادي، ورغم أن هذه الحقيقة تعتبر عاملاً إيجابيّاً في صالحه، إلا أنها في النهاية جاءت كالنقمة بعد عملية هبوط مستواه، لأن الجميع حدد الصورة التي يجب أن يظهر بها الفرعون مسبقاً، هو اللاعب السريع الماهر القادر على تسجيل أهداف في معظم المباريات، وحينما يتأخر هذا الأمر، فإن اللاعب يصبح في أزمة، ووفقاً لسنّه الصغيرة وقلة خبرته، صارت هذه الأمور تشكل ضغطاً مضاعفاً لم يستطع التحرر منه حتى الآن.

الأسباب التكتيكية والفنية الماضية تشرح فقط انخفاض مستوى المهاجم، بمعنى أكثر وضوحاً أن الشعراوي من المفترض أن يسجل 16 هدفاً بالموسم، وكل هذه النقاط الخططية توضح السر وراء تأخر نسبته إلى 8 أهداف بانحدار يصل إلى 50 %، لكن حينما يسجل الفرعون هدفاً أو اثنين أو ثلاثة فقط، فإن الأمر يعتبر خليطاً بين عمل المدرب وسوء مستوى اللاعب.

هناك أسماء تبدأ بالتألق في البدايات، بسبب عدم اهتمام مدافعي الخصوم بقوتهم، وابتعاد الإعلام عن توجيه ضرباته ناحيتهم، لكن مع الوقت تأتي الأهداف ويزيد التألق، فتتم معاملتهم في الملعب على أساس كونهم نجوماً كباراً، فيبدأ النسق في الهبوط لا إرادياً. ومصير الشعراوي مرتبط بواحد من هذين السببين، إما الأمر مجرد تخبط تكتيكي من المدرب عاد بالسلب على الجميع، بمن فيهم اللاعب، وإما فترة انفجار الفرعون الصغير كانت مجرد بالونة وانتهت، وفي كل الأحوال، تبقى الإجابة معلقة حتى معرفة مصير إنزاجي، وربما ما بعد إنزاجي!

المساهمون