ستة أفلام عن الكتّاب.. الكلمات أقوى من الحب

لا أتصوّر أن هناك كاتبًا لا يرغب في أن يخوض محادثة حيّة مع كتّابه المفضّلين ليسأله ويخاطبه. ولعل أحد أفضل الأسطر في الفيلم هو ما قاله إرنست همنغواي عندما سأله غيل عن رأيه فيما يكتب، فقال إنه لا يعجبه قبل أن يقرأه. وحتى عندما سأله لماذا؟ فأجاب: "حسنًا، لو كان سيئًا فلن يعجبني لأنه سيكون رديئًا، ولو كان جيدًا فلن يعجبني لأنه سيتفوّق عليّ". بمعنى ألا تسأل كاتبًا آخر عن رأيه فيما يكتب. الفيلم من كتابة وإخراج وودي آلن، وهو ما يجدر به أن يعطيك دوافع أقوى لمشاهدته.

فيلم (الكلمات- The Words 2012):
يتحدّث الفيلم عن روي جانسن، والذي يقوم بدوره برادلي كوبر، وهو كاتب شاب بعينين صغيرتين. وقد تمّ رفض روايتين غير منشورتين له تحت حجج مثل "غائصة كثيرًا". يكون روي في الفيلم متزوّجًا من دورا، والتي تقوم بدورها زوي سالدانا، تكون زوجة داعمة لزوجها. بعد فشله في الكتابة، يحصل روي على عمل كمشرف في وكالة أدبية.

في وقت سابق، وخلال شهر العسل في باريس، أهدت دورا زوجها روي أنتيكة عثرت عليها في متجرٍ للتحف. وفي إحدى المرّات وبينما يتفقّد روي هذه الحقيبة، يعثر على مخطوطة صفراء غير موقّعة. وعندما قرأها شعر بالحسد والغيرة، ولأن مسيرته في الكتابة لا تسير بشكل جيدٍ، فإنه يقرّر في نهاية المطاف أن ينسخ الرواية إلى جهاز الكمبيوتر الخاص به وأن يرسل بها إلى دار النشر على أنها من كتابته بعنوان "دموع النافذة"، مما يؤدّي لاحقًا إلى سطوع نجمه ككاتبٍ بسبب هذا الكتاب (الذي لم يكتبه).

تتعقّد الأحداث، عندما يرى الكاتب الأصلي للمخطوطة الرواية وهي منشورة باسم كاتبٍ آخر فيسعى للقاء به، حيث فقد هذا الرجل العجوز مخطوطته في فرنسا، وهو ما دفعه إلى ترك رفيقته لأنها كانت سببًا في فقدانه لها، وهو ما يجعله يعيش وحيدًا وحزينًا. من أفضل الأسطر في الفيلم، حينما كان الرجل العجوز يخوض حوارًا مع روي وقال له: "تمثلت مأساتي في أنني أحببت الكلمات أكثر من المرأة التي ألهمتني لكتابتها".

فيلم (روبي سباركس- Ruby Sparks 2012):
عملٌ في الدراما والخيال، من إخراج جوناثان دايتون وفاليري فاريس، والذي يتحدّث عن الروائي كالفين الفاشل في حياته العاطفية، ويمر بوعكة فنية/ أدبية تجعله غير قادر على الكتابة، ويقوم بدوره بول دانو. يبدأ كالفين برؤية فتاة في أثناء نومه، والتي يراها نموذج الفتاة المثالية بالنسبة له، فيبدأ بكتابة تفاصيلها على شكل رواية بينها وبينه كلما صحا من نومه، ليتفاجأ ذات يومٍ حين يصحو ويجد أن الفتاة في روايته تعيش معه في بيته. طبعًا يعطي كالفين هذه الفتاة اسم روبي سباركس في الرواية، وتقوم بدورها زوي كازان. تكون هذه الفتاة من صنع خيال كالفين بشكل كامل وكما كتب عنها هو تمامًا. يمرّ كالفين لاحقًا بمعضلة أخلاقية، حين تبدأ بعض الصراعات بينه وبين روبي، في محاولة منه لإعادة تشكيلها كما يهوى هو، وهو ما يؤثّر عليها ويفقدها الإرادة الحرّة التي أعطاها لها عند كتابته عنها في المرة الأولى. فيلم قوي ويناقش عدّة قضايا ويستحق المشاهدة قطعًا.

فيلم (Before Sunrise - 1994) و(Before Sunset -2004) و(Before Midnight -2013):
تعدّ هذه السلسلة واحدة من أطول السلاسل في تاريخ السينما، وليس الأمر متعلقًا بطول الأفلام، وإنما بطول الفترة الزمنية بين الأجزاء الثلاثة التي صُنعت لتحاكي تطوّر الأشخاص والعلاقة والقصّة بشكل حقيقيٍ أصيل من دون أي تدخل خارجي، حيث الفرق بين الجزءين الأوّل والثالث كان 19 عامًا. يبدأ الفيلم بشاب أميركي يُدعى جيسي والاس، ويقوم بدوره إيثان هاوك، وفتاة فرنسية تدعى سيلين، وتقوم بدورها جولي دلبي، على سكة قطار، يتعارفا للمرة الأولى ويقضيان اليوم بطوله في الحديث بانتظار موعد رحيل جيسي إلى أميركا. الكثير من فنيات الحوار تم إدراجها في هذا الفيلم، وتقنيات تصوير مميزة جعلت منه أسطوريًا بالنسبة للأفلام الأخرى التي تعتمد على الحوارات أكثر من البصريات في إيصال الرسالة للمشاهد. يقوم جيسي بكتابة رواية بعد عدة سنواتٍ تتحدّث عن لقائه بسيلين، بعد أن تعسّر عليه إيجادها مجددًا. حبكة مميّزة تستحق المتابعة والمشاهدة.