سباق الليرتين اللبنانية والسورية... تدهور متسارع

سباق الليرتين اللبنانية والسورية... تدهور متسارع

04 ديسمبر 2019
+ الخط -

تبدو الليرتان، اللبنانية والسورية، وكأنهما في سباق تدهور متسارع باتجاه الانهيار، بعدما خسرتا أكثر من ثلث قيمتَيهما أمام الدولار الأميركي في بيروت ودمشق، منذ انطلاق الحراك اللبناني في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

الليرة اللبنانية خسرت 30% بين 30 سبتمبر/ أيلول و3 ديسمبر/ كانون الأول، وفقدت 40% منذ بداية أزمة الدولار منتصف العام الجاري، فيما متوسّط سعر صرف الدولار الرسمي ثابت على 1507.5 ليرات لبنانية.

على خط مواز، خسرت الليرة السورية 43% من قيمتها بين 25 سبتمبر/ أيلول و3 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، فيما يبلغ السعر الرسمي للعملة السورية 435 ليرة للدولار في موازنة عام 2020.

المشترك في الحالتين أن العنصر الأساسي لانهيار قيمة العملة هو الافتقار إلى سيولة دولارية احتياطية تستطيع من خلالها السلطات النقدية الدفاع عن العملة الوطنية، مفضلة الاستفادة ممّا تبقى في خزائن المصرفين المركزيين في سداد الديون وفواتير الاستيراد.

فكيف رسمت الليرتان مسار التدهور في الآونة الأخيرة، لا سيما مع بدء الحراك في الشارع اللبناني، والذي أثر بطبيعة الحال على تدفق سيولة الدولار إلى سورية المحاصر اقتصادها؟
الليرة اللبنانية

اعتباراً من 30 سبتمبر/ أيلول الماضي، عمّ انفلات كبير الأسواق المالية والتجارية اللبنانية، منذ مدّة، نتيجة تفاقم أزمة اختفاء الدولار الأميركي، ليقترب سعر صرف الدولار في السوق السوداء، أي عند الصرّافين، من 1620 ليرة.

وإثر انطلاق حراك الشارع في 17 أكتوبر/ تشرين الأول، شهدت الليرة اللبنانية مزيداً من الانخفاض، حيث وجد الصرّافون فرصة ذهبية في "الفراغ" المصرفي السائد مع إقفال البنوك أبوابها 8 أيام على التوالي، فرفعوا سعر صرف الدولار في السوق الموازية في 26 أكتوبر إلى 1640 ليرة شراءً و1710 ليرات بيعاً.

وخلال مدة لا تتجاوز شهراً واحداً، خسرت الليرة اللبنانية 20% من قيمتها، بين استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري عصر يوم الثلاثاء الواقع في 29 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عندما بلغت 1800 ليرة، وإعلانه لاحقاً عدم رغبته بتشكيل حكومة جديدة في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، حيث سجّل سعرها 2150 ليرة.

وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، جرى تداول الدولار عند العاشرة صباحاً بسعر 2170 ليرة، ثم ما لبث أن ارتفع بعد الظهر إلى 2190 ليرة وبعدها إلى 2250 ليرة في وقت لاحق.

هبوط كبير ومفاجئ

محطة بارزة شهدها مسار هبوط الليرة في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، إذ إن الدولار استهل التعاملات صباحاً على سعر 2370 ليرة، ليرتفع خلال وقت قصير قبل الظهر إلى 2450 ليرة، قبل أن تلتقط العملة اللبنانية أنفاسها أمامه، وترتفع إلى 2350 مقابل الدولار.

وفي عصر اليوم نفسه، حصل ما لم يكن في الحسبان، حيث شهد سعر الدولار الأميركي هبوطاً كبيراً ومفاجئاً إلى 1750 ليرة، كما إلى 1700 ليرة في بعض محال الصرافة، بعد موجة بيع كبيرة.

وفي 2 ديسمبر/ كانون الأول، عاد الدولار إلى دائرة الهبوط اعتباراً من الظهر، مع انطلاق أوّل تداولات ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مسجلاً هامشاً بين 1950 و2050 ليرة، بعدما فتح تعاملاته عند العاشرة بتوقيت بيروت بين 2000 و2100 ليرة، ثم استقر الدولار على هامش السعر عينه في 3 ديسمبر، في وقت كان "مصرف لبنان" يباشر إجراءاته بالتنسيق مع المصارف بعد اجتماع رئاسي في قصر بعبدا الجمعة الماضي، من أجل لجم التدهور المصرفي والمالي وضبط وضع العملة.

الليرة السورية


في 25 سبتمبر/ أيلول، كانت العملة السورية تهوي إلى 648 ليرة مقابل الدولار، رغم تثبيت الحكومة سعر الدولار في موازنة عام 2020 عند 435 ليرة، وهو أعلى بأكثر من 200 ليرة من سعر السوق المسجل في هذا اليوم.



وخلال نحو شهر، وتحديداً في 28 أكتوبر/ تشرين الأول، تراجع سعر صرف الليرة إلى ما دون 660 للدولار الواحد، في ما يُعزى "إلى نفاد الأموال التي ضخها رجال الأعمال إلزامياً في السوق"، إضافة إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية، مع اقتراب فصل الشتاء، خاصة لاستيراد المشتقات النفطية والقمح.

وفي 5 نوفمبر/ تشرين الثاني، هوت العملة إلى أدنى سعر لها منذ شهرين، مسجلة 675 ليرة مقابل الدولار، لتستكمل مسارها النزولي في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 680 ليرة، لتخسر أكثر من 100 ليرة في أسبوعين.

ثم هوت الليرة إلى أقل من 750 إزاء الدولار الأميركي في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني، فكان هذا أدنى سعر تسجله العملة الوطنية منذ بدء تداولها عام 1919.
ومع بدء تداولات الشهر الأخير من العام الجاري، كاد سعر صرف الليرة أن يلامس الـ1000 مقابل الدولار في 2 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بتأثير من جملة عوامل، ولا سيما من تداعيات الأزمة الدولارية في لبنان.

غير أن الليرة التقطت أنفاسها قليلاً في 3 ديسمبر/ كانون الأول، حيث تحسّن سعر صرفها ليناهز 900 مقابل الدولار، بعد أن تعدى الألف ليرة لبعض الوقت ليل الأحد الماضي، علماً أن سعر الليرة السورية كان يبلغ 47 مقابل الدولار عشية الحرب قبل نحو 9 سنوات.

المساهمون