سامي الدروبي.. حين دخل دوستويفسكي المكتبة العربية

سامي الدروبي.. حين دخل دوستويفسكي المكتبة العربية

27 ابريل 2020
(سامي الدروبي)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، السابع والعشرون من نيسان/ أبريل، ذكرى ميلاد المترجم السوري سامي الدروبي (1921 - 1976).


وجَد الناقد والمترجم السوري سامي الدروبي (1921 – 1976) الذي تحلّ اليوم الإثنين ذكرى ميلاده، "أنساباً روحية" تصله بالروائي الروسي فيودور دوستويفسكي، فقرّر أن يتفرّغ لنقل ثمانية عشر مجلدأ من أعماله إلى المكتبة العربية، ليرتبط الكاتب بمترجمه رغم كلّ ما قيل ويقال عن "خيانة" النص الأصلي لصاحب "الجريمة والعقاب".

أُثيرت الانتقادات بسبب اعتماده الترجمة عن لغة وسيطة، وتركّزت على تحريفه لأسماء أعلام وأطباق وأوصاف إلى مفردات تتساوق مع الفرنسية، اللغة الأجنبية التي لم يمتلك الدروبي غيرها، لكن لم توجّه اعتراضات إلى الأفكار والحوارات وبناء الشخصيات التي ظلّت أمينة لأصولها الروسية، كما أشار مترجمون آخرون دفاعاً عنه.

يبقى التذكير أن الدروبي تعرّض إلى هجوم مماثل في السيتينيات من قِبل المترجم والصحافي المصري إسماعيل المهدوي، ودار سجال حول المسألة في الصحافة المصرية بعد مؤيد ومعارض، وكان من أبرز التدخلات تلك التي نبّهت أن دوستويفسكي تُرجم عن الروسية مباشرة في وقت مبكر، وصدرت تلك الترجمات في موسكو لكن كانت رديئة إلى درجة أن أحداً لم يلتقت إليها.

درس الدروبي الفلسفة وعلم النفس في "جامعة القاهرة" خلال أربعينيات القرن الماضي، لينتقل إلى باريس بعد تدريسه في "جامعة دمشق" لعامين، وينال منها درجة الدكتوراه في الفلسفة، ويلتحق بعدها للعمل في وزارة الثقافة في زمن الوحدة مع مصر، ثم عيّن دبلوماسياً في البرازيل والمغرب ويوغسلافيا، قبل أن يعود إلى القاهرة سفيراً لبلاده وممثلاً لها في "جامعة الدول العربية" عام 1966.

جمعته صلة وثيقة بالرئيس جمال عبد الناصر، بحسب ما أوردت أرملته إحسان البيات في كتابها الذي تضمّن سيرته الذاتية، حيث التقيا كثيراً كأصدقاء ومتحاورين في الأدب والثقافة والسياسة، إلى جانب صداقاته مع مثقفين عديدين مثل محمود أمين العالم ولطيفة الزيات وبدر الديب، الذين احتفوا بمشروعه في الترجمة إلى حدّ وصف طه حسين بأنه "جهد مؤسسة متكاملة".

وسط كلّ ذلك، كان الدروبي يقضي جلّ وقت بين العمل والبيت، ويقضي ساعات طوال في القراءة والكتابة والترجمة يومياً، ما منحه سعة اطلاع وغزارة معرفة في حقول عديدة، واهتمام خاص بالأدب والفن، ما عكسته آراؤه ومداخلاته؛ ومنها رأيه في مسرحية "آه يا ليل آه يا قمر" بعد أن طلب منه مؤلّفها نجيب سرور ومخرجها جلال الشرقاوي إبداء رأيه في النهاية التي اختلف الاثنان حولها.

أخلص مترجم "الفكر والواقع المتحرك" لهنري برغسون، لكلّ ما يعمله ويعيشه، حتى بعد إصابته بمرض القلب نهاية السيتينيات، إذ واصل أشغاله رغم التعب الشديد الذي رافقه حتى رحيله في الخامسة والخمسينـ تاركاً عشرات الأعمال المترجمة، وعدّة مؤلّفات من بينها "علم النفس ونتائجه التربوية" (بالاشتراك مع حافظ الجمالي)، و"علم النفس والأدب: معرفة الإنسان بين بحوث علم النفس وبصيرة الأديب والفنان"، و"علم الطباع: المدرسة الفرنسية"، و"الرواية في الأدب الروسي".

تنوّعت ترجماته بين الفلسفة وعلم النفس والنقد والأدب والعلوم السياسية، ومنها "المذهب المادي والثورة" لـ جان بول سارتر (بالاشتراك مع جمال الأتاسي)، "لمجمل في فلسفة الفن" لـ بندتو كروتشه، و"معذبو الأرض" لـ فرانز فانون (بالاشتراك مع جمال الأتاسي)، و"جسر على نهر درينا" لـ إيفو آندريتش، والأعمال الكاملة لـ ليو تولستوي، و"ابنة الضابط" لـ ألكسندر بوشكين.



المساهمون