سالم الرافعي: حزب الله يريد جرّ الحرب السورية للبنان

سالم الرافعي: حزب الله يريد جرّ الحرب السورية للبنان

حاوره: ثائر غندور

avata
حاوره: ثائر غندور

حاوره: ثائر غندور

21 اغسطس 2014
+ الخط -
أدّت هيئة العلماء المسلمين دوراً بارزاً كرجل إطفاء متنقل في العديد من الحوادث في لبنان، وقد تكون اشتباكات عرسال بين الجيش اللبناني ومسلحين تابعين لتنظيم "داعش" وجبهة النصرة، أبرز هذه المحطات. ترأس سالم الرافعي وفد الهيئة إلى عرسال وأصيب في قدمه عند دخوله إلى البلدة، فيما تعرض أحد المقربين إليه جلال كلش للشلل نتيجة إصابته برصاصة في رقبته. يُعد الرافعي أبرز شخصية في الهيئة، وهو الذي تولّى رئاستها سابقاً، وقد كان لـ"العربي الجديد" هذا اللقاء معه:


* ما هو جوهر مبادرتكم في عرسال؟

مبادرة هيئة العلماء المسلمين بموضوع عرسال لم تكن مبادرة ذاتية، بل كان هناك تنسيق مع رئاسة الحكومة وبعض الوزراء والنواب وقيادة الجيش. وتمّ التنسيق لقيام الهيئة بزيارة عرسال وطرح مبادرة تقوم على حقن الدماء، سواء دماء المدنيين أو العسكريين أو سائر الشباب. القصد هو ألا نوغل في الدماء وألا نستورد الحرب السورية إلى لبنان. هذا كان الهدف.

* من أطلق النار عليكم؟

لا شك كان هناك كمين، كان المقصود به ضرب أو قتل وفد الهيئة من أجل وأد المبادرة في مهدها، حتى لو توسّع الأمر إلى فتنة داخل الأراضي اللبنانيّة، مثلا انتقال الفتنة إلى طرابلس. لذلك، نرى أن المتضررين من حقن الدماء هم وراء هذا الكمين، بغض النظر عن توصيف الجهة. لا شكّ أننا نرى أن حزب الله، بما أنه متورط في الحرب السورية ومحرج في أزمة القلمون، كان يسعى إلى جرّ الجيش اللبناني إلى صفّه في معركته ضد الثوار السوريين، بذلك يستريح الحزب، ولا يُتهم بعد ذلك بأنه انفرد بإدخال لبنان في الحرب السورية.

* أين أصبحت الوساطة اليوم؟

قبل الوساطة، هناك مسألة أساسية: الفصائل السورية المسلحة التي كانت في عرسال لم تكن تريد القتال. هذه الفصائل أصلاً كانت في القلمون تقاتل النظام السوري وحزب الله. قائد إحدى هذه الفصائل، وهو عماد جمعة، أراد أن يزور أهله في عرسال فاعتقله حاجز للجيش. قام فصيل عماد جمعة، بالاعتداء على الجيش. الفصائل السورية لم تكن مؤيّدة لهذا الأمر، ولم تكن موافقة ولم تستشر. لكن عندما تم الاعتداء على الجيش، والجيش ردّ بالقصف على عرسال، وطال القصف الكثير من النازحين السوريين، تدخلت هذه الفصائل السورية من أجل منع قصف أهاليهم، لأن هؤلاء النازحين هم أهالي الثوار. لذلك لم تكن مطالبهم شاقة. كل الذي كانوا يطلبونه تأمين سلامة المدنيين من لبنانيين وسوريين. وتفصيل هذا الطلب أن يوقف الجيش القصف، وأن ينقل الجرحى من المدنيين والأمر الثالث يُعطينا ضمانة ألا يتم الاعتداء على المدنيين بعد ذلك. إذا ضمنا هذه الوسائل الثلاث حينئذ نطلق سراح جميع الأسرى. والقوم لم يكونوا متعنتين وهذا ما دفعنا للاستمرار في المبادرة. وفي الحقيقة كان قائد الجيش حكيماً في القرار بوقف القصف والمعركة وعدم الاستمرار فيها، لأنه كان سيكون لها تبعات كبيرة على لبنان.
حالياً، لم أعد أتابع تفاصيل الوساطة بعد تعرضي والأخ أبو حذيفة للإصابة.

* هل زال الخطر عن لبنان لجهة انتقال الحرب السورية إليه؟

الخطر لا يزال موجوداً. ما دام حزب الله يشارك في قتل الشعب السوري ومصادرة حقه في اختيار من يريد وما يريد. ممكن في أي لحظة أن تندلع فتنة هنا أو هناك وتبدأ الحرب. مجرد توقيف عماد جمعة، وقد يكون فيه بعض الريبة، يراد منه استفزاز المسلحين السوريين للدخول إلى صراع داخل لبنان. فالرجل لم يكن مسلحاً حين اعتقل ولم تكن عليه مذكرة توقيف في لبنان. هذه التصرفات التي لا تُدرك أبعادها أو تُدرك ويُراد تنفيذ أبعادها، لا تزال موجودة. اليوم مع عماد جمعة، وغداً مع فلان أو فلان. هناك من يُريد نقل الحرب السورية إلى لبنان لأنه متورط فيها.

* كيف يمكن تجنيب لبنان هذه الحرب؟

يجب أن يكون لدينا قناعة أن ما فعله حزب الله من المشاركة في الحرب السورية كان خطأً، ويجب تصحيح هذا الخطأ بخروج حزب الله من سورية. المراوغة في هذا الباب والقول إن دخول المسلحين لا علاقة له بدخول الحزب أو أن هذه حرب استباقية لمنع الإرهاب معناه أننا نخدع أنفسنا. إذا أردنا أن نحصّن لبنان أولاً علينا أن نأخذ على يد حزب الله ونمنعه من الاستمرار في قمع الشعب السوري وقمع خياراته في الحرية والكرامة. إذا لم نتفق كلبنانيين على هذا الخيار معناها لبنان سيبقى معرضاً للخطر.

* هل هناك خطر من حصول مواجهة بين الشارع السني والأجهزة الأمنية الرسمية؟

الخطر الموجود اليوم في الشارع السني، هو أن أهل السنة يشعرون بأنهم مهمشون، ونحن لا نتحدث عن التهميش الاقتصادي والسياسي فقط، بل وكأن هناك استهداف لشبابهم خاصة الشباب الملتزم، عبر التضييق عليهم ومتابعتهم، فالسجون مليئة فقط بالشباب الملتزم. نشعر بأن طرابلس ثكنة عسكرية؛ كثرة الحواجز وطريقة تعامل بعض العناصر من الجيش مع أهالي البلد تستفز الشارع. وللأسف نقول هذه ليست عناصر بريئة، وقد يكون هذا الاستفزاز متعمداً، يُقصد منه استثارة الشارع السني والشباب الملتزم للدخول في حرب ضد المؤسسة العسكرية وهذا ما لا نريده ولا نطمع به، والذي نظن أن حزب الله يُريده. فالحزب يريد ضرب هذا الشباب بيد الجيش اللبناني، ونحن كثيراً ما حذرنا الشباب من الانجرار إلى هذه المعركة.

* ألا تتحمل القيادات السياسية والدينية السنية مسؤولية في هذا الإطار؟

المسؤولية يتحملها الجميع. ليس فقط السياسيون السنة، بل جميع السياسيين من مسيحيين ومسلمين. إذا رأوا هذه الأعمال التي يقوم بها بعض العناصر تستفز الشارع والتضييق على عموم أهل البلد بكثرة الحواجز، وقد بات هناك نوع من الخناق الاقتصادي على المدينة. فلم يعد المتسوقون يدخلون المدينة بسبب كثرة الحواجز والانتظار، إضافة إلى أن كثافة انتشار العسكر يضفي على الناس شعوراً بالقلق، خاصة التجار. وضعت خطة أمنية في طرابلس، واستتب الأمن، ماذا نريد بعد ذلك؟ هل نريد إبقاء طرابلس بحالة عسكرية أو طوارئ والضغط على الشارع والشباب حتى يثور، أو الأصل كما وعدنا، بأنه بعد الخطة الأمنية هناك خطة تنموية وترييح للشارع وخلق فرص عمل للشباب وإتاحة التعليم والتطبيب والعيش الصحيح. هذا الامر كان من المفترض أن يعقب الخطة الأمنية، لكن لم يعقب الخطة الأمنية إلا مزيد من الحواجز والاعتقالات والمداهمات والتضييق. ولا نرى هذا كله في المناطق الأخرى التي كان يجب أن تطبق الخطة الأمنية فيها، مثل البقاع الشمالي وغيره. يشعر أهل السنة بأن القانون وكل المؤسسات الأمنية لا تطبق إلا عليهم، وباقي المناطق تعيش في حرية ورخاء، وحكم ذاتي، ولا أحد يُحاسبهم أو يسألهم. هذ الشعور مسؤولة عنه كل الدولة وليس فقط سياسيو أهل السنة، وعليهم أن يُدركوا خطر إقصاء وتهميش أهل السنة وإشعارهم بأنهم هم المستهدفون دون سائر الشرائح اللبنانية.

* كيف تصفون علاقتكم مع مختلف القوة السياسية السنية وغير السنية؟

العلاقة جيدة مع جميع الأفرقاء، خاصة سياسيي أهل السنة، سواء الرئيس سعد الحريري أو الرئيس نجيب ميقاتي. نتمنى أن تستمر المصالحة بين الأقطاب السياسية السنية، لأننا رأينا في فترة من الفترات أن التجاذب بين سياسيي أهل السنة أدى إلى نوع من القلق في الشارع الطرابلسي. نريد أن يكون هناك تفاهم من أجل مصلحة الطائفة السنية في لبنان. وهناك تواصل مع المسيحيين، ليس مع السياسيين الكبار أو الرؤساء السياسيين، ولكن مع كثير من الشباب المسيحي، وكثير من المجتمع المدني المسيحي. هناك تواصل، وطبعاً لا نزال نذكر زيارة غبطة البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي إلى طرابلس مشكوراً، عندما قام بالتعزية بعد تفجير المسجدين. لكن هذا التواصل نادر، والتواصل الكبير مع الشباب المسيحي والمجتمع المدني المسيحي. كما زار وفد من الهيئة بعض الشخصيات الشيعية.

* يُتّهم السلفيون عموماً بأنهم يرفضون الحدود. اليوم سلفيو لبنان هل يعترفون بالكيان اللبناني وبالنظام السياسي اللبناني أم لا؟

هل شركاؤنا بالوطن يُسلّمون أو يعترفون بالحدود داخل لبنان؟ هذا هو السؤال. اليوم أي شخص يأتي من خارج لبنان، لا فكرة له عن الوضع السياسي اللبناني والنظام السياسي اللبناني، يجد فرقاً كبيراً بين المناطق المسيحية أو الدرزية أو الشيعية والمناطق السنية. الناس في طرابلس لا تشعر بوجود الدولة إلا في موضوع الاعتقالات.

* ولكن هل هذا يعني أنكم لا تعترفون بالنظام السياسي اللبناني؟

نحن نريد من شركائنا بالوطن أن لا يعترفوا بالحدود الداخلية. أن يمحوا هذه الحدود بيننا وبينهم. لماذا نغمض أعيننا؟ نحن نشعر أن هناك حدوداً بيننا وبين شركائنا. يجب أن تنظر الناس إلى ذلك لتشعر أن هناك حدوداً قائمة بين اللبنانيين في التعامل في القضاء والسياسة والأمن والاقتصاد والسجن وفي طريقة تعامل السجان مع المسجون. إذا أنت سني يُباح عليك الضرب والاذلال والاهانة.

* هناك تعذيب يتعرّض له الشباب؟

طبعاً. بلا شكّ، وهذا لفتنا النظر إليه أن هناك شباناً تُعذّبوا في السجون اللبنانية، وقلنا ان هذا لا يجوز الان في القرن الواحد والعشرين ان نستمر على هذا الحال ومع هذا لم نجد آذاناً صاغية.

* أعلن الرئيس سعد الحريري أن عودته إلى لبنان لمنع انتشار الفكر المتطرف وقصد بذلك تنظيم "داعش" وجبهة النصرة. هل هناك خطر جدي لدى الشباب المسلم في لبنان في الانتماء لهذين التنظيمين؟

نحن مع الرئيس سعد الحريري في محاربة التطرف، ولكن ليس قصره على طائفة معينة ولا حصره في حزب معين، بغض النظر إذا وافقنا على توصيف هذا الفصيل أو ذاك. التطرف مذموم عموماً، ولا يُقصر على طائفة. التطرف إذا وقع من سني مذموم ومن شيعي مذموم ومن مسيحي أو درزي مذموم. بهذا المعنى نحن مع الرئيس الحريري، أما أن نقول نحن ضد التطرف ونقصد في داخلنا فقط "داعش" و"النصرة" ونسكت عن جرائم حزب الله في سورية وفي لبنان، ونسكت عن استفزازات بعض المطارنة المسيحيين نحو أهل السنة ولا نراه تطرفاً ونسكت عن كيت وكيت... هذا غير مقبول.

* أعلن تنظيم "داعش" الخلافة الإسلامية، وأُعلنت الحرب عليها. ما هو موقفكم من "داعش" وممارساتها؟

اليوم عندما بدأت الحرب السورية كانت أسّ هذه المشاكل وما يجري في الشرق الأوسط. كان واضحاً للعالم أن السوريين شعب مظلوم يُحكم من قبل ديكتاتور، ونحن كلبنانيين جربنا حكم النظام السوري، حكم جبار متكبر متغطرس، عانينا جميعاً منه، سنة وشيعة ومسيحيين. ماذا فعل العالم؟ دخلنا في السنة الرابعة. ماذا فعل الرئيس الأميركي؟ يقول أنا لا أستطيع أن أقوم بضرب الأسد أو إيقاف النزيف في سورية، ويبرر الأمر بأنه لا يُريد أن يُطيل في الحرب السورية. الان في السنة الرابعة، نسمع كل يوم عن براميل متفجرة وأطفال تذبح، وأحياناً عن كيماوي. براميل من 500 كيلوغرم من المتفجرات تنزل على المدنيين. لم يفعل العالم شيئاً، جلس يتفرج. جاء شباب من كل حدب وصوب، من أوروبا وأميركا وأستراليا، ينصرون الشعب السوري، لا شكّ حصل تطرف وغلو عند بعضهم، وهذا لا ننكره. لو في الأساس سمحت الدول الغربية، التي تدعي الحضارة والإنسانية وحقوق الانسان، للشعب السوري أن ينال حريته وقمعت الأسد، لكنا انتهينا من هذه المشاكل بالأساس، ووأدت هذه الفتنة في مهدها. الذي دفع لكل هذه المشاكل هو الغرب. أنتم دائماً تنظرون إلى النتيجة ولا تنظرون إلى السبب. نحن ننظر لمن يقطع الرأس بالسكين ولا ننظر لمن يقطع الرأس بالمتفجرات. نحن ننكر هذا وهذا. رفض الرئيس الأميركي التدخل في صراع عسكري، ونراه اليوم يتدخل في العراق. لماذا هذا التناقض. يشعر العالم الإسلامي بأن أميركا تريد قضم العالم السني، وتمكين الحلف الإيراني من العالم الإسلامي وتشارك في مذابح أهل السنة. قد لا تكون هي التي تقصف وتذبح، لكنها تمد الذي يقتل بالإذن الدولي وأحياناً بالسلاح وغض الطرف وعدم إصدار قرارات جازمة. هذا قتل وذاك قتل. هذا ننكره وذاك ننكره.

(تصوير وفيديو: حسين بيضون)

ذات صلة

الصورة

سياسة

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة استهدفت كتيبة عسكرية ومستودعات أسلحة في محيط مطار حلب الدولي، ما أسفر عن سقوط 42 قتيلاً.
الصورة
تظاهرة ضد هيئة تحرير الشام-العربي الجديد

سياسة

تظاهر آلاف السوريين، اليوم الجمعة، مناهضة لسياسة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، ومطالبة بإسقاط قائدها أبو محمد الجولاني.
الصورة
تظاهرات في ذكرى الثورة السورية (العربي الجديد)

سياسة

خرجت تظاهرات في مدن وبلدات شمال غربي سورية اليوم الجمعة، إحياءً للذكرى الـ13 لانطلاقة الثورة السورية.
الصورة

منوعات

دفعت الحالة المعيشية المتردية وسوء الأوضاع في سورية أصحاب التحف والمقتنيات النادرة إلى بيعها، رغم ما تحمله من معانٍ اجتماعية ومعنوية وعائلية بالنسبة إليهم.

المساهمون