Skip to main content
سارة حناشي...جسد غريب يبحث عن متنفس من قمع المجتمعات العربية
مروة عبد الفضيل ــ القاهرة
لم تندم على أيّ عمل قدّمته (فيسبوك)
على الرغم من عدم عرض الفيلم التونسي "جسد غريب" في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ39 المقامة فعاليّاته حالياً، والذي أسدِل الستار عليه يوم الجمعة الماضي، إذْ عُرض خارج المسابقة، إلا أنَّ العمل استطاع أن ينال إعجاب كل من شاهده، وذلك لمصداقيته على كافة المستويات، سواء في التمثيل أو الإخراج والتصوير، وكل ما يخصُّ العمل الذي تقوم ببطولته الفنانة التونسية سارة حناشي، والتي التقتها "العربي الجديد" في هذا الحوار.


حضرت حناشي مع الجمهور فيلمها "جسد غريب". عن رأيها في ردود أفعالهم، قالت لـ "العربي الجديد": "الفيلم عُرض من قبل في مهرجانات دولية عدة، وكنت سعيدة بالإشادة به. لكن، هذه المرة، كانت سعادتي مضاعفة، لأنكم لا تتخيلون ما يعني أن يشيد المصريون بفيلم. لأن هذا الشعب خُلِق معجوناً بالفن، وهذا ليس غريباً، لأنهم تربّوا على نفس الأرض التي جاءت بعظماء السينما التي تربينا في مدارسهم جميعاً. والحمد لله على هذا الاستقبال الذي كاد أن يبكيني، ومدى التفاعل مع كل مشهد واندماجهم معه. هناك أيضاً سبب آخر لإحساسي أن العرض في هذا المهرجان مميز؛ ألا وهو أن الفيلم يتناول قضية عربية، لذا التأثر من المتلقي العربي في مهرجان عربي بكل تأكيد سيكون أكبر". سبق وأن شاركت حناشي في مهرجان القاهرة السينمائي العام الماضي من خلال فيلم "زيزو" للمخرج فريد بوغدير، وحصل العمل على جائزة أفضل فيلم في قسم آفاق السينما العربية، و"تمثل هذه الجائزة في حياتي أثراً كبيراً".

جسدت حناشي في الفيلم شخصية الفتاة التي تبحث عن الخروج من عنق الزجاجة والتخلي عن قيود مجتمعية عقيمة. عن الدور وصعوبته تضيف: "شخصيَّة "سامية" التي جسدتها تمر بعدة مراحل في حياتها، وتنتقل من حياة إلى أخرى بقرار شخصي منها. فهي فتاة استطاعت أن ترفع صوتها، وتقول "لا" لمجتمع لا يؤمن بشكل كامل بها. مجتمع تعاني الفتيات فيه كثيراً، فقرَّرت من خلال الشخصية "الهروب"، وهو قرارٌ ليس سهلاً، إذْ يعني الهروب من كل الضغوطات، وكل الفقر الذي تعاني منه هذه الفتاة، رغم شهادتها الجامعية العليا، لذلك قررت سامية الهجرة إلى فرنسا، كما شاهدتم في الفيلم، بحثاً عن أحلامها المفقودة وحريتها، والتنصل من تشدُّد شقيقها الجهادي معها، وهذا هو السبب الرئيسي لقرارها بالهجرة". وحول ما إذا كانت الحناشي قد تقابلت في الواقع مع شخصية تشبه شخصيتها في الفيلم، تقول: "نعم، واحتككت بهن بشكل أكبر قبل تصوير الفيلم، لأندمج معهن ومع مشاعرهن. وللعلم هذه النماذج موجودة وبكثرة في تونس وخارجها".

في الفيلم، نال مشهد غرق الشخصيَّة الرئيسيَّة في البحر، إشادة الحضور بشكلٍ كبيٍر، عن تفسيرها لذلك تقول حناشي: "لا تفسير لأيّ مشهد يندمِجُ معه الجمهور بهذا الشكل، سوى أنه قد تمَّ عمله بمصداقية. فما يُقدَّم بحبّ وصدقٍ، يصلُ أيضاً بصدق، وهذا المشهد، فعلاً، هو أصعب مشاهدي في العمل. وأحبُّ أن أقول إني شعرت فعلاً بالاختناق في البحر، لأنّي نزلت أمتاراً عديدة تحت البحر. والمشهد كان عبارة عن غرق المركب الذي يقل بعض المهاجرين التونسيين بشكل غير شرعي. وأقول هذا الكلام مع إشادتي، في الوقت نفسه، بفريق الغواصين الذي ساعدنا كثيراً وكان يُشعرنا بالأمان".

تعددت أسباب الهجرة لدى بعض الشخصيَّات في الفيلم، تقول حناشي: "أسباب هجرة كل شخص قد تختلف عن الآخر. لكن الكثيرين يتفقون في أن الهجرة ستنقلهم إلى مكان أفضل، مع ذلك فهناك نموذج في الفيلم لفتاة لا تريد من الهجرة أي شيء سوى رغبتها في أن تخوض تجربة الهجرة نفسها لا أكثر ولا أقل". تقول حناشي إنها لم تندم على أيّ عمل قدّمته، "ما زلت في بداية مشواري الفني، أتعلم وأجتهد لأصل إلى أحلامي الفنية، فلا أندم على أي شيء في الحياة حتى لو ترك في نفسي أثراً سيئاً، طالما أني خرجت منه بتجربة وشيء جديد تعلمته".

يواجه الكثير من الفنانين في عالمنا العربي إحباطات عديدة، تضحك سارة قائلة: "كثير من الشخصيات السلبية حاولوا تحطيمي، كي أعود عن قراري بالعمل في الفن. وكانوا يكسرون معنوياتي، ويقولون إن تونس لا يوجد فيها سينما، وإني لن أستطيع تحقيق أي شيء. لكن إيماني بنفسي وبموهبتي استطاع أن يكون درعاً حصيناً في مواجهة كل هذه الطاقة السلبية".
تتمنَّى سارة العمل في مصر، "من لا يريد أن يخطو نحو هذه الخطوة؟ لكني لا أريد أن أكون مثل بعض الفنانات ممن عملْنَ لمجرّد تحقيق شهرة. أريدُ أن أقدّم شيئاً لا ينساه الجمهور المصري لي، ويبقى في ذاكرته، ومهما تأخّر هذا العمل لسنوات سأظلُّ في انتظاره ولن أيأس أبداً".


بدأت الممثلة سارة الحناشي مسيرتها الفنية قبل خمس سنوات، على الرغم من معارضة والدتها التي كانت تخشى دخولها الفن خوفاً من إقبالها على عمل أي مشاهد جريئة. لكن بعد ذلك استطاعت سارة إقناعها وبدأت مسيرتها، وكان الفيلم الأول لها هو "طفل الشمس"، وقدمت أفلاماً أخرى مثل "خسوف" و"زيزو". وقدّمت أيضاً فيلماً في الجزائر هو "لآلة زبيدة وناس" مع المخرج يحيى مزاحم، ليكون فيلم "جسد غريب" هو العمل السينمائي السادس لها، وهو إنتاج تونسي فرنسي وشاركها بطولته الفنانة الفلسطينية هيام عباس والفنان الفرنسي من أصول جزائرية سليم كشيوش ومجد متسورة، والقصة من تأليف وإخراج التونسية رجاء العماري.